عهد نتنياهو أوشك على الانتهاء؟
المظاهرات التي عمّت تل أبيب وبعض المناطق الأخرى، أفرزت اختلافاً جوهريّاً بين الإسرائيليين أنفسهم، وأحدثت إرباكاً أمنيّاً كبيراً.
لكل بداية نهاية، ونهاية بنيامين نتنياهو أوشكت أو هي على حافة الهاوية، بعد الاحتجاجات العنيفة التي هزّت الكيان الصهيوني وقضّت مضجعه، وهذه هي ضريبة الانضواء تحت لواء التطرف والإرهاب. فإن كان الكيان الصهيوني بكل فئاته وأحزابه متطرفاً وعنصريّاً وإرهابيّاً، إلا أن الحكومة التي شكّلها نتنياهو أشدّ تطرّفاً وإرهاباً على مدى التاريخ الإسرائيلي.
لقد شكّلها ظناً منه أنه سيبقى آمناً من أي انتقاد أو محاكمة على قضايا ضده بقيت عالقة، لكن السهم المسموم جاءه من حيث لا يعرف مُؤتاه، جاءه من الشعب الذي يرفض الإصلاحات القضائية التي أراد تمريرها بالقوة، وبقي محتاراً ممّا يجري في الشارع بعد تعاظم الاحتجاجات يوماً بعد يوم.
فالمظاهرات التي عمّت تل أبيب وبعض المناطق الأخرى، أفرزت اختلافاً جوهريّاً بين الإسرائيليين أنفسهم، وأحدثت إرباكاً أمنيّاً كبيراً، ويمكن أن يُصدّع الحاجز الأمني الذي كانت تُفاخر به "إسرائيل" وطوّقت به نفسها ويمكن أن يتفكّك في أي وقت، فما بني على جرف هارٍ ينهار ولو بعد حين.
فهذا التكتل الذي قامت على أساسه الحكومة الإسرائيلية بدأ ينهار بعد التصريحات المشينة لكل من وزير الأمن ووزير المالية في الحكومة الإرهابية في حق الفلسطينيين وبعد مطالبات الوزيرين بتشديد العقوبات على الشعب الفلسطيني وإصدار قوانين تضيّق على هذا الشعب الصامد الذي أثبت للعالم أنه لا يقبل المساومة من أحد، وأنه قادر على إرباك العدو بمفاجآت لم يحسب العدو لها حساباً.
كما أن تصريح وزير الحرب الإسرائيلي بإقالة وزير المالية لتصريحاته الجوفاء والخرقاء والحمقاء قد تؤدي إلى مزيد من التوتر والصدام، سواء كان داخلياً وهو ما نتمنّاه حتى تقوم حرب أهلية تمزّق الكيان الصهيوني من الداخل إرباً إرباً وتُنهي وجوده على الأرض.
وبذلك يتحقّق فيهم قول الله تبارك وتعالى: "يُخرّبون بيوتهم بأيديهم وأيدي المؤمنين" بعد أن قذف الله في قلوبهم الرعب وصاروا يرون الفلسطيني الشاب المقاوم كأنه عزرائيل يترصّدهم في كل مكان، يهابونه ويرتعدون من وجوده في المعركة رغم أنهم مدجّجون بالسلاح وأسباب الحماية.
هذا الخلاف الداخلي في "إسرائيل"، ينبغي استثماره لتفكيك ساحة العدو، ولتوجيه ضربة قاضية وقاصمة لظهره حتى لا يقوم بعدها أبداً، ومن شأن ذلك أن يسبّب خللاً في الحكومة الإسرائيلية المهتزة أصلاً. ويبقي نتنياهو بين نارين، فإما أن يجنح لوزير الحرب ويخسر بن غفير ووزير المالية ويتفكّك التحالف الذي شكّله قبلئذ، وإما أن يبقى إلى جانب المتطرفين فتزداد الهوة بينه وبين وزارة الحرب ويخسر دعم الجيش له رويداً رويداً، ومن ثم فهو ساقط لا محالة في كلا الاتجاهين ولم يعد يستطيع تحمّل البقاء على رأس حكومة كهذه لفترة طويلة.
وبعد أن عاند شعبه، ووقف ضد رغبته، أصبح نتنياهو في مرمى نيرانه التي ستصيبه في أي وقت، ولن يجد سبيلاً للهروب هذه المرة ولو فعل ما فعل، وانطلاقاً من أن لكل مجرم نهاية، تبدو نهاية نتنياهو قريبة جداً بعد السهام الموجّهة إليه من كثير من الأحزاب السياسية المعارضة التي تقوى يوماً بعد يوم وتقدّم عريضة احتجاجاتها في الداخل والخارج، مما يفسد عليه نكهة مواصلة الاستفزاز، وإن كان نتنياهو من النوع الذي يعشق استفزاز الآخر المعارض له سواء كان من الداخل الإسرائيلي أو من خارج الكيان الصهيوني، وكان في كل مرة يتهرّب ويهرب من المحاكمة والحكم النهائي عليه بالإفلاس السياسي.
لكن كما يقال "ما كلّ مَرة تسلم الجرّة"، فإن هذه المرة ستكون نهايته المُرّة التي ستقضي على كل آماله، وما الآمال المتبقيّة لديه وهو مقبل على الخامسة والسبعين من عمره أمضاه كله في الإجرام والقتل والتعنيف والتنكيل بالشعب الفلسطيني، فمثل هذا كيف ستكون نهايته، لا شك أنها ستكون مؤلمة للغاية، فعليه أن يستعد لهذا اليوم الأليم.