هل التزمت دمشق الحياد في الحرب على غزة؟
لا ريب أن دمشق في صلب المعركة التي يخوضها "المحور". كذلك، فإن المحور الغربي مستمر في حربه الكونية بكل أشكالها على سوريا؛ العمود الفقري لمحور المقاومة.
تناول بعض الإعلام المعادي لمحور المقاومة، بتوجيهٍ من رعاته ومموليه، دور سوريا في الحرب على غزة، محاولاً "الاصطياد في الماء العكر"، من خلال سؤاله المشبوه عن سبب "التزام الجيش السوري الحياد في الحرب".
كذلك، يحاول هذا الإعلام ومن يقف خلفه إظهار "حدوث انقسام بين فرقاء محور المقاومة في المرحلة الحالية"، وخصوصاً بين دمشق وطهران، أو على الأقل محاولة إيهام الرأي العام عموماً، وجمهور المحور خصوصاً، بأن "هناك تمايزاً في الأدوار بين إيران وسوريا، تجلّى بعد استعادتها مقعدها في جامعة الدول العربية".
كل ذلك بقصد زعزعة ثقة جمهور المحور بقيادته، تحديداً بسوريا وقيادتها، التي تشكّل "العمود الفقري" لهذا المحور، وهذا ما يؤكد أن سوريا لا تزال في خضم الحرب الكونية التي شُنت على الشعب السوري في منتصف آذار/مارس 2011؛ هذه الحرب التي استخدم فيها المحور الغربي سلاح الإرهاب، والجرائم ضد الإنسانية، وإثارة الفتن المذهبية، والتجويع، والإعلام الفتنوي- التضليلي، ولا يزال، وإلا لماذا يُطرح هذا السؤال المدسوس "عن الدور السوري في الحرب الحالية"!
من المعلوم أن سوريا مكوّن أساسي في محور المقاومة، وأنها لم تتلكّأ يوماً في دعم حركات مقاومة الاحتلال في المنطقة، تحديداً في فلسطين ولبنان. هذا بشهادة قائد المقاومة في لبنان السيد حسن نصر الله، الذي أشار في كلمةٍ له، إثر اغتيال القادة العسكريين في دمشق في تموز/يوليو 2012، إلى أن "المقاومة في فلسطين ولبنان قاتلت بالسلاح السوري وأنجزت وتنجز الانتصارات بهذا السلاح". هذا على سبيل المثال لا الحصر.
ومن المعلوم أيضاً أن "المحور" لم يتخذ قراراً بفتح كل الجبهات مع العدو الإسرائيلي، فلا تزال المعارك على جبهات القتال على امتداد دول "المحور" مقيدةً حتى الساعة. وعندما يتخذ هذا المحور أي قرارٍ، فمن البديهي ألا تكون دمشق بعيدةً منه.
أما من الناحية السياسية والإعلامية، فسوريا ليست على الحياد أبداً، بل هي صلب "المعركة"، وتتابع وزارة الخارجية اتصالاتها مع الفرقاء المعنيين من أجل وقف العدوان الإجرامي على غزة والدعوة إلى التضامن العربي لوقف هذا العدوان وإدانة العدو في المحافل الدولية.
وعلى المستوى الإعلامي، فقد فتحت القنوات والإذاعات السورية أثيرها لتغطية الحرب على غزة على مدار الساعة تقريباً. أما على المستوى الشعبي، فتنظّم الهيئات الشعبية والأحزاب السياسية والنقابات وسواها الوقفات الاحتجاجية والتضامنية مع الشعب الفلسطيني في مختلف الأراضي السورية، حتى تلك الواقعة تحت نفوذ الاحتلال الأميركي وأعوانه في الشرق السوري.
وفي الوقت عينه، يتم تنظيم هذه الوقفات التضامنية بدقةٍ من حيث المكان والزمان، حرصاً على حياة المواطنين السوريين، وخصوصاً بعدما أحبطت الأجهزة المختصة عشرات المسيرات الملغومة في حلب، التي كانت موجهةً لتنفيذ عملياتٍ إرهابيةٍ مماثلةٍ للعملية الإرهابية التي استهدفت الكلية الحربية في حمص الشهر الفائت. لذا، تتوخى الأجهزة الأمنية الدقة والحذر بشأن تنظيم الوقفات الاحتجاجية في مختلف الأراضي السورية، حرصاً منها على عدم تعرّض المواطنين لخطر الإرهاب.
وبالرغم من التزام القيادة السورية قرار محور المقاومة بإبقاء جبهات القتال مقيدةً في انتظار تطور مجريات الوضع الميداني في فلسطين وجنوب لبنان، فإنَّ العدوان الإسرائيلي طاول الأراضي السورية فور قيام المقاومة الفلسطينية بعملية "طوفان الأقصى". وقد أدى هذا العدوان إلى خروج مطاري دمشق وحلب عن الخدمة، أي شبه تعطيل للملاحة الجوية في سوريا، لكونه لم يبقَ إلا مطار اللاذقية في الخدمة عملياً.
بناءً على ما تقدم، لا ريب أن دمشق في صلب المعركة التي يخوضها "المحور". كذلك، فإن المحور الغربي مستمر في حربه الكونية بكل أشكالها على سوريا؛ العمود الفقري لمحور المقاومة.