باجيو.. "برازيلي" من أرض الطليان
في مثل هذا اليوم قبل 56 عاماً ولد روبرتو باجيو. هو اللاعب الأسطوري والعبقري الذي كان يملك موهبة فذّة.
تغيّرت ملامح روبرتو باجيو. غزا الشيب شعره، لكنّ أسطورته لم تتغيّر، كأنها في ريعان شبابها. لم تغيّرها الأزمنة رغم مرور كل تلك السنوات منذ أن كانت "تجوهر" في الثمانينيات والتسعينيات ومطلع الألفية الحالية.
لقد كانت موهبة باجيو لا تُقارَن. هو الذي امتاز بأسلوبه "السهل الممتنع"، إذ كان يتلاعب بالكرة كيفما يريد، ويوجّهها أينما يريد. لا يصعب عليه شيء، ولا يستحيل عليه شيء. كأن الكرة وُجدت ليملكها باجيو وأمثاله من اللاعبين الماهرين على غرار دييغو أرماندو مارادونا. مارادونا؟ هو الذي قال: "باجيو لا يشبه أحداً. لا يشبهني ولا يشبه كرويف. باجيو هو باجيو".
لم يكن قول مارادونا في وصف موهبة باجيو مجرّد كلام، إذ إنه عرفه عن قرب حيث إن هذين اللاعبين الأسطوريين ينتميان للجيل نفسه. ذاك الجيل الذي جمع أفذاذ الكرة في الثمانينيات والتسعينيات، لكن على الرغم من ذلك تمكّن باجيو من أن يفرض موهبته لتشعّ على العالم ولا تُخفت بريقها حتى موهبة مارادونا الاستثنائية وغيره، حيث يكفي القول إنّ أول هدف في مشوار باجيو في الدوري الإيطالي سجّله مع فريق فيورنتينا في المباراة أمام الفريق التاريخي لمارادونا، نابولي، وأمام ناظرَيه، وأكثر فإنه لم يكن هدفاً عادياً بل من ركلة ثابتة رائعة.
لقد كان باجيو ماهراً جداً في تسديد الركلات الثابتة وحتى أنه سجّل في إحدى المرات من "كورنير" أو ركلة ركنية، تماماً كما كان ماهراً في المراوغة والتمريرات والتسجيل بكثرة رغم أنه صانع ألعاب، إضافة إلى تقديمه اللمحات الكروية النادرة، فضلاً عن ذكائه المنقطع النظير. لقد كان باجيو لاعباً عبقرياً بكل ما للكلمة من معنى.
باجيو هو ذاك اللاعب الذي اختاره الأسطورة البرازيلي بيليه بين أفضل 100 لاعب في تاريخ الكرة، والذي فاز بجائزة الكرة الذهبية عام 1993 وجائزة أفضل لاعب في العالم في 1993 أيضاً، والذي لعب لجميع الأندية الكبرى في إيطاليا أي: يوفنتوس وميلان وإنتر ميلانو، وألهب حماسة الجماهير في تلك الفترة ونال إطراءها. في كل هذه الفرق كان باجيو اللاعب البطل والملهم.
حتى بعد تقدّمه في العمر بعد تخطيه الـ 30 عاماً، لم تتراجع موهبة باجيو حيث ظلّت تأسر العقول وتخفق لها القلوب حين لعب لـ4 سنوات في فريق لا يملك الإمكانيات وهو بريشيا، غير أنه رغم ذلك ظل "باجيو هو باجيو" على ما وصفه مارادونا ذات يوم.
يكفي لاختصار موهبة باجيو أنه كان إيطالي المولد و"برازيلي الهوية الكروية"، إذ لا يمكن لمن تابع موهبة باجيو سوى أن يقول إنه "برازيلي" تعلّم الكرة في أزقة ريو دي جانيرو، كيف لا؟ وهو كان في صغره يتّخذ من الأسطورة البرازيلي زيكو قدوة له، على ما قاله في إحدى المرات.
في مثل هذا اليوم قبل 56 عاماً ولد باجيو. كانت أيضاً ولادة جديدة للكرة.