"لعنة الثلاثية".. هل تلاحق باير ليفركوزن في عام 2024
في عام 2002 كان باير ليفركوزن الألماني يعيش الحلم الذي تسعى إليه أعرق أندية العالم وهو تحقيق الثلاثية التاريخية، لكن وقبل انتهاء الموسم بعدة جولات، تحوّل هذا الحلم إلى كابوس. فما قصة موسم ليفركوزن الذي تحوّل إلى كابوس؟
تشتهر مدينة ليفركوزن الألمانية، بأنّ فيها إحدى كبرى شركات الأدوية في العالم "باير" والتي تنتج دواءً من الأشهر في العالم "أسبيرين". كما تُعرف المدينة أيضاً بوجود أحد أعرق أندية ألمانيا فيها، المعروف باسم باير ليفركوزن، الذي تأسس من خلال شركة الأدوية عندما قرّرت في عام 1903 تأسيس نادٍ لكرة القدم، وتمّت تسميته باير ليفركوزن ليبدأ نشاطه عام 1904، أي شراكة بين شركة الأدوية والمدينة.
هذه المدينة التي ينبض قلبها بحبّ كرة القدم والمعروفة بشغفها بـ "الساحرة المستديرة"، لم يداوِ ناديها جراحها على مرّ السنين واكتفت الجماهير بالحضور لمشاهدة المباريات بحيث لم تخذل الفريق في أي مناسبة، حتى دقّت ساعة الحسم، وكانت البشرى الأعظم في تاريخها بقيادة اللاعب الأسطوري والمُدرّب تشابي ألونسو، حيث حقّق باير ليفركوزن لقب الدوري الألماني للمرة الأولى بعد 120 عاماً من التأسيس.
لم يكن هذا اللقب عادياً، بل دخل خزائن النادي بسلسلة تاريخية لم يعرف فيها الفريق طعم الخسارة، وهو إنجاز قلّ أن يحدث في الدوريات العالمية، كما أنّه أصبح قريباً أيضاً من تحقيق ثلاثية الدوري والكأس والدوري الأوروبي.
اقرأ أيضاً.. باير ليفركوزن بطلاً للدوري الألماني من دون أي هزيمة
So. Und jetzt gucken wir uns das alle 51 Mal in Folge an, okay? Okay! 🥹#DeutscherMeisterSVB#Bayer04 #Winnerkusen #Werkself#Bundesliga #B04FCA pic.twitter.com/8IJAC1R5IU
— Bayer 04 Leverkusen (@bayer04fussball) May 18, 2024
لقب "البوندسليغا" الذي كان يرسم ملامحه لمتابعي كرة القدم عامةً بأنّ باير ليفركوزن هو منافس حقيقي على البطولة منذ انطلاقة الدوري في 18 آب/أغسطس الماضي، كان ينشر علامات القلق أيضاً عند عشّاق الفريق، فكانت لديهم هواجس تاريخية، أولها سطوة بايرن ميونيخ المعروفة في البوندسليغا وسيطرته على الألقاب المحلية، وثانياً وهو العنصر الأبرز يعود إلى عام 2002، وموسم باير ليفركوزن الذي كان تاريخياً وتحوّل إلى كابوس كبير.
ما عاشه باير ليفركوزن، والمدينة بأكملها في عام 2002، كان حلماً كبيراً، تسعى العديد من الأندية الأوروبية الكبرى لتحقيقه، وهو التتويج بالثلاثية التاريخية، لكنه لم ينجح في الصمود في آخر 18 يوماً.
"لقد دخلنا في أحلام أكبر ممّا كنا نستطيع فعلها، قرّرنا رفع الحمل كاملاً، لم يكن بقدرة تشكيلتنا أن تنافس من أجل كل شيء"... "زين الدين زيدان كصفقة أغلى من تكلفة كلّ فريقنا، يقولون لا تنفق أكثر مما تملك". بهذه الكلمات اختصر مُدرّب نادي باير ليفركوزن، كلاوس توبمولر، التدهور الذي حصل مع الفريق، وخسارة كلّ الألقاب التي كانت في المتناول عام 2002.
الدوري الألماني 2001-2002، أقوى مواسم الـ "بوندسليغا"
يعدّ موسم 2001-2002 في الدوري الألماني من أقوى المواسم في القرن الماضي (الـ21)، بحسب التقارير الصحافية ومتابعي كرة القدم، لأنه شهد منافسة كبيرة حتى الجولات الأخيرة، بحيث تنافست 3 أندية على لقب الـ"بوندسليغا" حتى الأسبوع الأخير.
تصدّر باير ليفركوزن جدول الترتيب في أغلب فترات الموسم حتى الجولة الثلاثين، وكان على بُعد 4 جولات لحصد أولى ألقابه، والذي طال انتظاره، ولكن السيناريو الذي حدث أو التراجع الكبير في المستوى الذي حصل مع اللاعبين، لم يتوقّعه أحد.
اقرأ أيضاً.. بهدف قاتل.. باير ليفركوزن يتشبث بدوري اللا هزيمة
⚽️💪 لا خسارة لليفركوزن
— beIN SPORTS (@beINSPORTS) April 21, 2024
بوروسيا دورتموند 1-1 باير ليفركوزن
باير ليفركوزن يصبح أول فريق من الدوريات الخمسة الكبرى يتجنب الخسارة في 45 مباراة متتالية في جميع المسابقات#الدوري_الألماني #Bundesliga pic.twitter.com/dVh1DskCZw
ابتعد ليفركوزن بفارق 4 نقاط عن دورتموند الوصيف، ويتبقّى للظفر باللقب، أقلّه الخسارة في مباراة واحدة من الأربعة المتبقّية، في حال عدم تعثّر الملاحقين في كل المباريات.
سافر باير ليفركوزن لمواجهة هامبورغ في الجولة الـ31، وتعثّر الفريق وحصد نقطة واحدة بعد التعادل الإيجابي، لذلك أصبح مطالباً بتحقيق الانتصار في مباراته المُقبلة لتفادي الانتظار حتى الرمق الأخير من الموسم، لكن المفاجأة كانت بالسقوط في الـ"باي أرينا" معقل ليفركوزن أمام فيردر بريمن.
واستمرت الخيبة في الجولة الأخيرة حيث سقط الفريق مجّدداً أمام نورينبرغ بهدف في مقابل لا شيء، لتذهب الصدارة إلى دورتموند ويتبدّد الحلم، ويخسر ليفركوزن أولى ألقابه الذي كان قريباً منه طيلة جولات الموسم، وخسره في الأمتار الأخيرة.
وهنا الترتيب النهائي للمراكز الثلاثة الأولى بعد انتهاء الجولة الأخيرة: 👇
- بوروسيا دورتموند 70 نقطة
- باير ليفركوزن 69 نقطة
- بايرن ميونيخ 68 نقطة
إذاً، تبدّد حُلم الثلاثية، لكن لا يزال هناك أمل في بطولتي كأس ألمانيا ودوري أبطال أوروبا.
نهائي كأس ألمانيا
بعد 7 أيام من ضياع لقب الدوري، جاء موعد نهائي الكأس في الـ11 من أيار/مايو من عام 2002.
ها هو باير ليفركوزن يدخل المباراة النهائية، لكنه سيواجه شالكه الذي أطاح بايرن ميونيخ من نصف النهائي، فكانت معنويات الفريقين متفاوتة بين منتشٍ ومحبط.
تقدّم ديميتار برباتوف في الدقيقة الـ27 لليفركوزن، ليسجّل من بعدها شالكه رباعية متتالية، وقلّص حينها ليفركوزن النتيجة في الدقيقة الـ80، لينتهي اللقاء بنتيجة 4-2 ويُتوّج شالكه بلقب الكأس، ويضيع ثاني ألقاب الموسم الذي كان في المتناول نظراً للأداء الذي كان يظهر فيه الفريق.
آخر أحلام الثلاثية: دوري أبطال أوروبا
بعد خسارة لقب الدوري والكأس، لم يتبقَّ سوى لقب دوري أبطال أوروبا لتضميد الجراح، لكن، هذا اللقب يصطدم بالعملاق ريال مدريد، النادي الأعرق في القارة والذي كان برصيده آنذاك 8 ألقاب.
مسيرة ليفركوزن قبل الوصول إلى النهائي لم تكن سهلة. فبدايةً كان في المجموعة السادسة والتي ضمّت برشلونة، ليون الفرنسي وفنربخشة التركي، ونجح الفريق الألماني في التأهّل إلى دور المجموعات الثاني، ثانياً رصيد المجموعة 12 نقطة خلف "البلوغرانا" بـ15 نقطة.
وهنا يجب التذكير أنّ بطولة دوري أبطال أوروبا في ذلك الوقت، كانت تُقام بالنظام القديم.
اقرأ أيضاً.. باير ليفركوزن يرفض الخسارة مجدداً ويبلغ نصف نهائي الدوري الأوروبي
في الدور الثاني سقط باير ليفركوزن أمام يوفنتوس برباعية نظيفة، ثم فاز على ديبورتيفو، وسقط برباعية ثانية لكن أمام آرسنال وتعادل معه في الإياب 1-1، ليصبح أقرب للخروج، لكن استعاد الفريق الألماني عافيته، وهزم اليوفي بنتيجة 3-1 ومن بعده ديبورتيفو في ملعبه بالنتيجة نفسها ليتأهّل إلى ربع النهائي.
في دور الثمانية، فاز ليفربول ذهاباً على باير ليفركوزن بنتيجة 1-0، لكن الفريق الألماني قلب النتيجة في "الباي أرينا" وفاز 4-2، ليتأهّل بمجموع المباراتين 4-3.
اصطدم ليفركوزن في نصف النهائي، بفريق إنكليزي آخر وهو مانشستر يونايتد. تقدّم الشياطين الحمر 3 مرّات، لكن ليفركوزن عادل في كل مناسبة، لتنتهي مباراة الذهاب 2-2 والإياب 1-1، ويتأهّل ليفركوزن إلى المباراة النهائية حيث سيواجه ريال مدريد.
نهائي دوري الأبطال
في ملعب "هامبدن بارك" الذي يتسع لنحو 52 ألف متفرّج، في مدينة غلاسكو في اسكتلندا، كانت جماهير باير ليفركوزن تأمل في تحقيق "التشامبيونز ليغ" لتداوي جراح الموسم.
لكن، بدأت المباراة وسجّل ريال مدريد سريعاً عبر راؤول غونزاليس في الدقيقة التاسعة، وسرعان ما أدرك ليفركوزن التعادل عبر المُدافع البرازيلي لوسيو، في الدقيقة الـ14.
وشاء القدر أن ينتهي الحلم التاريخي لباير ليفركوزن بهدفٍ أسطوري سجّله زين الدين زيدان من تمريرة روبرتو كارلوس، ليفوز ريال مدريد بالبطولة، ويتحوّل الحلم إلى كابوس.
الجدير ذكره، أن هذه المباراة شهدت إصابة حارس ريال مدريد سيزار سانشيز في الدقيقة الـ64، ودخول إيكر كاسياس مكانه، وهي المباراة التي كانت انطلاقة كاسياس نحو العالمية.
🔥 Have you seen a better #UCLfinal goal?
— UEFA Champions League (@ChampionsLeague) May 15, 2019
😱 Real Madrid legend Zinédine Zidane scored THIS volley #OnThisDay in 2002!#UCL | @realmadrid https://t.co/lN17SBFISY pic.twitter.com/yXquI3qkzz
ما علاقة بايرن ميونيخ بالانهيار؟
مع نهاية موسم 2002، تعاقد بايرن ميونيخ وخلال أقل من أسبوع مع أهم لاعبَين في باير ليفركوزن آنذاك، وهما مايكل بالاك وزي روبرتو. الأمر الذي دفع جماهير ليفركوزن لأن تؤمن بأنّ محاولات بايرن ميونيخ هذه الذي طالت أيضاً المدافع لوسيو، هي التي ساهمت بالتشتيت الذهني للفريق وللاعبين النجوم في الأسابيع الحاسمة، وأنّ النادي "البافاري" لم يحترم وجود فريق ينافسه في كل البطولات.
وعندما أعلن بايرن ميونيخ التعاقد مع ماريو غوتزه قبل نهائي دوري الأبطال أمام بوروسيا دورتموند في العام 2013، ذكرت عدة صحف هذا الموقف، وتحدّثت عمّا فعله بايرن قبل أكثر من 10 سنوات مع ليفركوزن، واصفين الأمر بالخطورة الكبيرة.
يدخل ليفركوزن الأسبوع الأخير من شهر أيار/مايو الجاري وهو يمنّي النفس بتحقيق ثلاثية وإنهاء الموسم من دون أي خسارة، أسبوع سيخلّد اسم تشابي ألونسو المدرّب في ذاكرة نادٍ تخطى عمره القرن إلى الأبد.