أحلام طفل هرب من الحرب.. تيرزيتش ودورتموند في نهائي دوري الأبطال
مدرّب بوروسيا دورتموند الألماني إيدين تيرزيتش لم يكن يحلم بأنه قد يكون مدرّباً في نهائي دوري أبطال أوروبا، لكنّ حبّه وعشقه لناديه جعلاه يعبر في صمت.
كم من طفل كان يمشي وهو يحمل الكرة إلى جنبه متمنياً أن يصبح لاعب كرة قدم، بعدها عندما يلعب مثلاً ألعاب الفيديو، يتخيّل نفسه مدرّباً، ويأخذ بالحديث مع الشاشة كأنه مدرّب حقيقي، هل هو "جنون" أم أنه فنّ يمتلكه عشّاق كرة القدم، وفي النهاية يذهب إلى الملعب ليصفّق للاعبيه المفضّلين، وكم من شخص عبر هكذا في مدرّجات ملعب بوروسيا دورتموند "السيغنال إيدونا بارك".
إيدين تيرزيتش مدرّب بوروسيا دورتموند الحالي كان واحداً من هؤلاء الحالمين والعاشقين لناديه، ولم يكن يعلم بأنه سيكون مدرّباً للفريق يواجه ريال مدريد في نهائي دوري أبطال أوروبا.
ففي مثل هذه الأيام من العام الماضي كان تيرزيتش يذرف الدموع عقب خسارة دورتموند للدوري الألماني في المباراة الأخيرة بعد التعادل أمام ماينز، ليصبح مستقبل المدرّب الألماني على المحك، وهو ما عاشه مرتين هذا الموسم كذلك، ولكن كلّ ذلك أصبح من الماضي فالشاب الطموح بلغ نهائي دوري أبطال أوروبا، النهائي الذي حضره كمشجّع من المدرّجات قبل 12 عاماً عندما لعب بايرن ميونيخ أمام دورتموند في "ويمبلي" وهو الملعب نفسه الذي سيدخله تيرزيتش لخوض النهائي كمدرّب.
الهروب الكبير.. تيرزيتش وصل إلى نهائي دوري أبطال أوروبا
لم تكن طفولة تيرزيتش مثالية حيث فرّ رفقة عائلته من التوتر الحاصل في يوغوسلافيا، إذ ولد في مدينة ميندن الصغيرة التي تبعد 30 دقيقة من دورتموند، ولكن تلك الظروف تبعتهما، إذ يتحدّث إيدين عن ذكرياته مع الحرب لصحيفة The Athletic قائلاً "كنا نستمع إلى الراديو لساعات لمعرفة الأخبار، وكثيراً ما نمت مع أخي خارج غرفنا لإيواء أفراد من العائلة، وتوقّفنا عن زيارة بلادنا الأم"، ظروف شكّلت حياة إيدن الصغير الذي انقطعت صلته ببلده الأم مبكراً وفقد أحد أعمامه نتيجة للحرب في يوغوسلافيا.
ومع السنوات كبر تيرزيتش في مدينة دورتموند وأحبّ كرة القدم، وعمل مع أخيه في مجال كرة القدم، إذ تولّى شقيقه ألين تدريب الفريق الرديف في موسم 2019-2020.
Edin Terzic was in the stands as a fan when Borussia Dortmund won the Bundesliga in 2012.
— ESPN FC (@ESPNFC) May 7, 2024
12 years later, he just led Dortmund to their first Champions League final in over a decade.
Dream big ❤️
(📸: edinterzic11/IG) pic.twitter.com/Bdj3Bokr41
وبالحديث عن المدرّب الحالي لدورتموند درس إيدين الرياضة وكرة القدم في جامعة المدينة RUB حيث درس مع بيتر لانج، الشخص الذي أدى دوراً مهماً في حياة ومشوار ترزيتش.
في تلك الفترة عمل إيدين تيرزيتش مع دورتموند كمساعد لفريق الشباب وفي فريق الكشّافة، ولكن بيليتش أراده بشدة ولذا تفاوض مع مدير النادي مايكل زورك و"استعار" المدرب الشاب لعامين ليكون مساعده في بشكتاش ثم وست هام يونايتد، حيث اكتسب الكثير من الخبرات.
اقرأ أيضاً.. بوروسيا دورتموند.. الأحلام ممكنة حتى أمام "سيد أوروبا" ريال مدريد
عاد تيرزيتش إلى دورتموند كمدرب، لكن الفريق بعد أن عاش بوروسيا فترة رائعة مع يورغن كلوب ومن بعده توماس توخيل، ليعمل إيدين مع بيتر بوش الذي رحل بعد 6 أشهر فقط، لتقرّر الإدارة اللجوء إلى تيرزيتش من باب تعيينه مساعداً للسويسري لوسيين فافر من باب وجود شخص يعرف النادي جيداً، فترة عاد فيها دورتموند لتقديم كرة قدم جذابة وفاز بالسوبر الألماني في عام 2019، ولكن فافر تمت إقالته في 2020 لسوء النتائج، لتتاح الفرصة أخيراً لتيرزيتش لقيادة فريقه المفضّل ويصبح رجله الأول، واحتاج فقط 6 أشهر ليحقّق بطولته الأولى عندما فاز بالكأس المحلية في 2021.
لكن إدارة دورتموند لم تجد ضالتها في المدرّب الشاب، وعلى الرغم من إعجابه به إلّا أنها لم تجده في المكان الذي سيذهب بالفريق بعيداً، لتعيّن ماركو روزه وتصعد ترزيتش كمدير تقني للفريق، ولكنّ موسماً واحداً فاشلاً لروزه أعاد تيرزيتش مدرّباً حتى يومنا هذا لدورتموند.
تيرزيتش اختار لاعبي الأمس ليكونوا مساعدين في الجهاز الفني، فدائماً يقف معه نوري شاهين وسفن بندر، وعلى الرغم من كل الانتقادات التي انهالت عليه والحديث عن إقالته، نجح في قيادة الفريق إلى دوري أبطال أوروبا.
لقد حان الوقت.. سنوقف ريال مدريد
يتطلّع تيرزيتش لإنهاء هيمنة ريال مدريد في نهائي دوري أبطال أوروبا لكرة القدم عندما يلتقي الفريقان، غداً السبت، في ملعب ويمبلي.
لم يخفِ إيدين أنه يتطلّع للفوز إذ قال للصحافيين إن هدف فريقه هو حصد اللقب وكسر هيمنة ريال مدريد، بحيث يعتلي ريال مدريد قائمة الأكثر تتويجاً باللقب برصيد 14 لقباً، وفاز في آخر 8 نهائيات منذ تغيير المسمى من كأس الأبطال إلى دوري أبطال أوروبا في 1992.
وخسر ريال مدريد آخر مرة في نهائي دوري الأبطال في عام 1982 أمام ليفربول.
ما قاله مدرب دورتموند في مؤتمر صحافي الثلاثاء الماضي "8 نهائيات، 8 انتصارات، لقد حان الوقت لإيقاف سلسلة ريال مدريد في النهائيات"، تحدٍ يبدو صعباً على مدرب شاب، لكن طموحه وعشقه للفريق قد يقوده إلى تحقيق اللقب الغائب عن خزائن النادي منذ العام 1997.