"لسنا انهزاميين".. طقوس رمضان لا تغيب عن خيام النازحين في غزة
من خيام النازحين ومراكز الإيواء وسط وجنوب القطاع، شرعت عائلات فلسطينية بتعليق زينة رمضان، وإضاءة الأهلّة والأنوار التي اعتادوا على تزيين بيوتهم بها مع حلول الشهر الفضيل.
على الرغم من الحرب الشرسة التي يخوضها الاحتلال الإسرائيلي ضد سكان قطاع غزة، والتي لم تتوقّف مع حلول شهر رمضان؛ إلا أن السكان الذين أصبح 80% منهم نازحين يصرّون على استقبال الشهر الكريم بما يليق به.
ومن خيام النازحين ومراكز الإيواء وسط وجنوب القطاع، شرعت عائلات فلسطينية بتعليق زينة رمضان، وإضاءة الأهلّة والأنوار التي اعتادوا على تزيين بيوتهم بها مع حلول الشهر الفضيل، في رسالة تحدٍ لآلة القتل الإسرائيلية.
زينة رمضان
العادة القديمة المتوارثة عن الآباء والأجداد منذ سنوات تشعر سكان القطاع ببهجة شهر رمضان، فلا يمكن تخيّل بدء الشهر من دون المراسم الخاصة باستقباله، خاصة وأنها تدخل البهجة إلى قلوب الكبار والصغار، يقول خالد أبو دية.
واعتاد أبو دية، وفق حديثه لـلميادين نت، خلال السنوات الماضية، على تزيين مدخل منزله وجميع مرافقه بأدوات الزينة الخاصة برمضان، الأمر الذي دفعه لعدم التوقّف عن هذه العادة وتزيين خيمته التي شيّدها في مدينة رفح جنوباً.
ويفيد بأن مهمته للبحث عن أدوات الزينة الخاصة برمضان لم تكن سهلة، متردّداً لأيام طويلة على مختلف المحال التجارية التي يمكن أن يجد لديها تلك الأدوات، قائلاً: "بعد أربعة أيام بحث متواصلة عثرت على ضالتي واشتريت كمية كبيرة من أدوات الزينة".
وعلى الرغم من عدم توفّر الكهرباء في خيام النازحين والاعتماد على بطاريات يتم شحنها بصعوبة بالغة؛ إلا أن أبو دية، أكد أنه لن يتنازل عن إدخال الفرحة والسرور إلى قلوب أفراد عائلته واستقبال رمضان بالطريقة التي اعتادوا عليها.
ويضيف: "لسنوات نستقبل رمضان بتجهيزات غير مسبوقة، وهو الشهر المميّز لنا في العام، وبالرغم من الحرب الإسرائيلية؛ إلا أنّ عائلتي اتفقت على استقبال الشهر الفضيل بما يليق به، وبالنسبة لنا هذه رسالة صمود وتحدٍ".
الفانوس من الأساسيات
"الفانوس" يعدّ من الأساسيات التي يحرص الغزيّون على اقتنائها لأطفالهم وتزيين بيوتهم بها، وتمثّل بهلالها رمزاً من رموز الشهر الكريم، فهي تعطي شعوراً لمختلف الفئات العمرية بالبهجة والسرور، والتي تكون عادة ممزوجة بأناشيد وأغاني رمضان.
محمد أبو دقة، وهو بائع للفوانيس منذ سنوات طويلة، جاب مختلف مناطق وسط وجنوب القطاع للحصول على كمية ولو قليلة من تلك الفوانيس لبيعها في الأسواق، معتبراً أن ذلك ليس بهدف الربح المالي فقط وإنما بشكل أساسي رسالة تحدٍ وصمود بوجه الاحتلال الإسرائيلي.
ويفيد أبو دقة اـلميادين نت، بأنه "يستورد سنوياً بكميات كبيرة فوانيس رمضان من خارج القطاع، وأنها تباع في الأسواق مع اقتراب شهر الصيام؛ إلا أن الحصار الإسرائيلي المطبق على غزة لم يمكّنه من فعل ذلك".
ويضيف: "كنت مصرّاً على بيع الفوانيس بالأسواق بالرغم من ضعف الإمكانيات المالية للنازحين بسبب الحرب؛ إلا أنني أجد إقبالاً منهم على شرائها وتزيين الخيام ومراكز الإيواء بها استعداداً لقدوم شهر رمضان المبارك".
"شهر الصيام هذا العام مختلف تماماً عن الأعوام السابقة، خاصة مع استمرار حرب الاحتلال ونزوح مئات الآلاف من السكان؛ لكن لدينا إصرار على تحدّي الغطرسة الإسرائيلية، والعيش بحرية وكرامة وبكامل حقوقنا"، يؤكد أبو دقة.
وبسبب الحرب الإسرائيلية المتواصلة منذ ستة أشهر على قطاع غزة، نزح نحو مليونين من السكان من مناطقهم السكنية لمناطق الوسط والجنوب، واضطروا للجوء إلى مراكز الإيواء وخيام في الشوارع؛ إلا أنهم وبالرغم من ذلك يواصلون استعداداتهم لاستقبال شهر رمضان.
حلوى شهر الصيام
وبإصرار وعزم مماثلين، قرّر صانع الحلوى الشهير، محمد ساق الله، إعداد الحلويات الأشهر في شهر رمضان، وبيعها للنازحين، على الرغم من الصعوبات الكبيرة في توفير المواد اللازمة لذلك وارتفاع أسعارها.
ويفيد ساق الله، لـلميادين نت، أنه "اعتاد كلّ عام أن يصنع حلوى القطايف التي ترتبط بشكل وثيق بشهر رمضان؛ إلا أنه هذا العام ومع اقتراب شهر الصيام كان متردداً للغاية بسبب ظروف الحرب والنزوح وعدم توفّر أدنى الإمكانيات".
ولم يدم تردّد ساق الله طويلاً خاصة وأنه وجد تشجيعاً من أصدقائه وعدد من النازحين الذين يسكنون بالقرب منه، الأمر الذي دفعه للاستعانة بأحدهم ليكون شريكاً له في العمل، ويبدأ بصنع القطايف والترويج لها بالأسواق الشعبية لتقديمها في رمضان.
ويفيد ساق الله: "أبدأ عملي من ساعات الصباح الأولى وأقوم بإعداد وتجهيز القطايف وحشوها بما هو متوافر بالأسواق ومتناسب مع أذواق الزبائن، ثم أقوم ببيعها جاهزة بنحو نصف دولار للقطعة الواحدة بسبب غلاء الأسعار".
أسعار القطايف كانت في السابق أقلّ من ذلك بكثير، وفق ما يؤكد ساق الله، إلا أن غلاء السكر والزيت والمواد الأخرى يجبره على رفع سعرها، مشدّداً على أنه يرضى بالربح القليل جداً مقابل إحياء إحدى عادات شهر الصيام.
وهذا النوع من الحلوى يشهد إقبالاً في رمضان على وجه الخصوص، ويعتبره سكان القطاع سمة أساسية من سمات شهر الصيام، حيث يتكوّن من السميد والدقيق ويحتاج إلى حشوات خاصة بداخله، منها التمر والمكسّرات والجبن.