"إسرائيل" تُعدم الحياة في غزة: أمراض وأوبئة تنذر بكوارث صحية بعيدة المدى
تقرير صادر عن المكتب الإعلامي الحكومي في غزة، أكد رصد الجهات الصحية إصابة مئات الآلاف من النازحين بأمراض مُعدية، مؤكداً أن ذلك نتيجة التكدّس بمراكز الإيواء والمستشفيات، محذراً من تحوّلها لأوبئة.
"أفقدتني الحرب الإسرائيلية كل شيء، خرجت من شمال قطاع غزة إلى مدينة دير البلح لإنقاذ أطفالي وعائلتي؛ لكنّني أواجه اليوم حرباً إسرائيلية جديدة تفتك بهم". بعبارات مخنوقة يتحدث الفلسطيني عادل الحواجري عن معاناة عائلته من انتشار الأمراض المعدية والأوبئة بسبب الحرب الإسرائيلية على القطاع.
الحواجري والد لثلاثة أطفال أكبرهم عمره ستة أعوام وأصغرهم عامان ونصف العام، انتقل بسبب الحرب من أقصى شمال القطاع إلى وسطه، وأصيب جميع أطفاله بالأمراض المعدية والأوبئة التي انتشرت في مراكز الإيواء.
عاصفة أمراض
تزيد الأمراض والأوبئة التي تفشت في القطاع من معاناة السكان والنازحين الذين نجوا من القصف الوحشي للاحتلال الإسرائيلي، فيما تؤكد التقارير الرسمية أن القطاع أصبح مركزاً لانتشار الأمراض والأوبئة.
وتحذر المؤسسات الدولية والأممية من انتشار الأمراض والأوبئة بمختلف مناطق القطاع خاصة في مراكز الإيواء، مؤكدة أن غزة أمام عاصفة من المرض خاصة في ظل انهيار النظام الصحي واستهداف الاحتلال للمستشفيات والمراكز الصحية.
ويفيد الحواجري، لـلميادين نت، بأن "أطفاله الثلاثة أصيبوا بنزلات معوية ومرض الجدري والطفح الجلدي أيضاً، الأمر الذي جعله نزيلاً دائماً في قسم الأطفال بمستشفى شهداء الأقصى وسط القطاع".
وبحسب الحواجري، فإن "المستشفيات وبسبب الاستهداف الإسرائيلي والحصار المطبق على القطاع، لا تقدّم أدنى الخدمات الصحية لفئة الأطفال، وأن الوضع صعب للغاية".
آثار خطيرة
تقرير صادر عن المكتب الإعلامي الحكومي في غزة، أكد رصد الجهات الصحية إصابة مئات الآلاف من النازحين بأمراض مُعدية، مؤكداً أن ذلك نتيجة التكدّس بمراكز الإيواء والمستشفيات، محذراً من تحوّلها لأوبئة.
ويبيّن التقرير، أنه تم رصد 327 ألف حالة مصابة بالأمراض المعدية نتيجة النزوح، وأن ظروف النازحين تزداد صعوبة وقساوة بصورة بالغة، مؤكداً أن ذلك يهدّد بشكل واضح الأمن الغذائي والمائي والدوائي، علاوة على سوء الوضع المعيشي.
المدير الطبي لمستشفى شهداء الأقصى وسط القطاع، إياد الجبري، يفيد بأنه "تم رصد انتشار للأمراض المعوية والرئوية والطفح الجلدي والجدري بين المصابين والنازحين في مستشفيات القطاع ومراكز الإيواء".
ويؤكد الجبري، لـلميادين نت، أن ذلك بسبب التكدّس الكبير لسكان القطاع في الوسط والجنوب، وهو الأمر الذي أثّر على الصحة العامة وتسبّب بانتشار الأمراض الجلدية والمعدية، واصفاً الوضع بالخطير للغاية.
ووفق الجبري، فإن "المستشفيات ليست لديها القدرة في الوقت الحالي على التعامل مع مثل هذه الأمراض، ما ينذر بكارثة كبيرة على المديين المتوسط والبعيد"، مطالباً بالتدخّل العاجل لإنقاذ القطاع الصحي المتهالك في غزة.
ونزح نحو مليون ونصف المليون فلسطيني من مناطق سكنهم في غزة وشمالها، إلى مدن الوسط والجنوب بسبب الحرب الإسرائيلية، وهو الأمر الذي أدى إلى تكدّس السكان في أماكن محددة.
بدوره، يؤكد مدير مستشفى أبو يوسف النجار في مدينة رفح جنوب القطاع، مروان الهمص، أن "مرض الجدري انتشر بشكل كبير بين أطفال النازحين بالمدينة، وأن الوضع الصحي كارثي للغاية ولا يمكن السيطرة عليه".
ويفيد الهمص، لـلميادين نت، أن "المستشفيات والمراكز الصحية رصدت انتشاراً ملحوظاً للأمراض الجلدية والمعوية بين فئة الأطفال"، مشدداً على أن ما تم رصده يشير إلى إمكانية تحوّل تلك الأمراض إلى وباء في القطاع.
ويؤكد الهمص، أن "الطواقم الطبية ليست لديها القدرة على التعامل مع الأمراض التي سبّبتها الحرب الإسرائيلية، خاصة في ظل عدم توفّر العلاج اللازم أو القدرة على اتخاذ الإجراءات الطبية المناسبة لمحاصرة تلك الأمراض والأوبئة".
تحذيرات طبية
ويأتي ذلك، في الوقت الذي تتعالى فيه التحذيرات التي أطلقها المجتمع الدولي ومختصون من انتشار الأوبئة والأمراض الخطيرة في غزة، وذلك بسبب الحرب الإسرائيلية المستمرة على القطاع منذ أكثر من سبعين يوماً.
ويحذر المختص في الأوبئة والأمراض المعدية في وزارة الصحة الفلسطينية، غسان وهبة، من "انتشار أمراض مثل الكوليرا والسل بين سكان القطاع، خاصة في ظل الاكتظاظ السكاني"، مبيناً أنه تم تسجيل أرقام مخيفة بهذا الشأن.
ويوضح وهبة، لـلميادين نت، أن "سكان القطاع يعانون من نقص في مياه الشرب الصالحة للاستخدام الآدمي، كما أن أكوام القمامة في الشوارع وفي مراكز الإيواء أدت إلى انتشار الأمراض المعدية والخطيرة وخاصة الكوليرا".
ويضيف: "نحو مئة ألف حالة ظهرت عليها أعراض مرض الكوليرا، وللأسف لا يمكن التعامل معها في الوقت الراهن بسبب نقص التحاليل والمعدات الطبية، كما أنه تم تسجيل مئات الآلاف من الحالات المصابة بأمراض الجهاز التنفسي".
"وينذر ذلك بتطور تلك الأمراض وانتشار مرض السل بين سكان القطاع، خاصة في ظل استنشاق السكان هواء غير نظيف وملوث بغبار الصواريخ والمتفجرات، وهذه الإصابات تنتشر أكثر بين الأطفال، وهو ما ينذر بكارثة صحية خطيرة على هذه الفئة"، يؤكد وهبة.
ويتابع: "سجّلنا في غزة أكثر من 60 ألف حالة إسهال مع دم معظمهم من الأطفال، وهذا أمر يستوجب تدخلاً دولياً عاجلاً، وسجّلنا مئات الآلاف من حالات التسمم الغذائي والتهاب السحايا والكبد الوبائي، وهذه الأرقام تشهد ارتفاعاً ملحوظاً".
الحرب الإسرائيلية تسببت بتراكم القمامة في الشوارع ونفاد المواد الصحية والطبية من قطاع غزة، علاوة على فقدان سكان القطاع لأدنى الاحتياجات اليومية والغذاء الصحي والمناسب لهم، الأمر الذي ينذر بكوارث كبرى بعد انقضاء الحرب.