توسّع النضال ضد "الإدارة المدنية".. سموتريتش يخطط لابتلاع الضفة الغربية
يخطط وزير مالية الاحتلال بتسيئيل سموتريتش لتجريد "جيش" الاحتلال الإسرائيلي من سلطته في الضفة الغربية، ونقلها إلى الهيئات المدنية الخاضعة لمجالس المستوطنات.
خرج مؤخراً تسجيل صوتي مُسرّب لوزير مالية الاحتلال بتسيئيل سموتريتش، حول قيامه بتجريد "جيش" الاحتلال الإسرائيلي من سلطته في الضفة الغربية، ونقلها إلى الهيئات المدنية الخاضعة لمجالس المستوطنات.
هذا المخطط بدأ تنفيذه بالفعل تدريجياً على مدى الأشهر الثمانية عشر الماضية، حيث تم بالفعل نقل بعض السلطات إلى مسؤولية مجالس المستوطنات، وهذه التغييرات هي جزء من خطة سموتريتش لمنع إقامة دولة فلسطينية وضم الضفة الغربية بحكم الأمر الواقع.
ووفقاً للتسجيل المسرب، فإن سموتريتش أكد أن رئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو على علم بتفاصيل الخطة، التي كان معظمها جزءاً من اتفاق الائتلاف الذي يسمح لنتنياهو بالبقاء في السلطة.
و"الإدارة المدنية" عبارة عن جهاز إدارة أُنشئ في العام 1981 بموجب أمر صادر عن وزير الأمن حينها أرئيل شارون، بهدف تحسين صورة الكيان أمام العالم، وإعطاء انطباع وكأن هناك (حالة سياسية) في الأراضي الفلسطينية، تبعد الأنظار عن حقيقة وجود احتلال مرفوض من قبل السكان.
وفي هذا الصدد، يقول الخبير في شؤون الاستيطان صلاح الخواجا إن هذا العمل يعني أن تصبح الإدارة المدنية التابعة لقوات الاحتلال هي حكومة المستوطنين في الضفة الغربية، وهو ما يعني اعترافاً معلناً ورسمياً بميليشيات المستوطنين المسلحة التي تعمل منذ سنوات في الضفة الغربية، وأدخلت موازنتها في العام 2024 ضمن الموازنة العامة لكيان الاحتلال.
ويتابع الخواجا: "الخطر الجديد ضمن خطة الضم وتوسيع صلاحيات الإدارة المدنية وسحب جزء من صلاحيات "جيش" الاحتلال هو إعلان رسمي عن نقل الحكم والسلطة إلى الإدارة المدنية في "جيش" الاحتلال والضم الصامت، خشية الرفض الدولي، ولكن الخطورة الحقيقية تكمن في تفاصيل الخطة الهادفة إلى تسوية أوضاع البؤر الاستيطانية رسمياً، وتقليص المنطقة المسماة (ج) وفقاً لاتفاقية أوسلو، أي زيادة المساحات المتوفرة للمستوطنين في المنطقة (ج)، والبالغة 61% من مجمل مساحة الضفة الغربية، إضافة إلى منع الفلسطينيين من الوصول إلى أراضيهم الزراعية وحتى قراهم، ومنع مربي الثروة الحيوانية من الوصول إلى المراعي، وفرض مزيد من الإغلاقات والقيود على التحركات على الفلسطينيين".
ويؤكد الخواجا أن هذا القرار يعني نقل كل الأراضي المملوكة إلى الدولة، لتصبح أراضي مخصصة لوزارات تابعة للإدارة المدنية، وتبلغ مساحة أراضي الضفة الغربية 5.5 مليون دونم، 33% منها هي أراضي دولة، إضافة إلى أن الخطة تقوم على زيادة أعداد المستوطنين في الضفة الغربية بنحو مليون مستوطن، يضافون إلى قرابة 750 ألف مستوطن يستولون على أراضي الفلسطينيين، من دون المستوطنات في القدس.
وفقاً لخطة سموتريتش، فإن من أهم التغيرات على الأرض، أن ضباط قوات الاحتلال لم يعودوا مسؤولين عن مراقبة توسعة البناء في الضفة الغربية، ومصادرة الأراضي وبناء الشوارع، بل بات يشرف عليها مستوطن يعمل في وزارة الحرب، ولا يعمل بتوجيهات ضباط من "الجيش".
من ناحيته، يؤكد عضو اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية أحمد مجدلاني، أن قرار سموتريتش يعني بدء تنفيذ عملية الضم الفعلية، والانتقال إلى توسع المستوطنات الإسرائيلية، وتهجير السكان، وهو ما يرقى إلى جريمة حرب بموجب القانون الدولي.
ويعدّ مجدلاني هذا القرار مخالفاً للقوانين الدولية كافة واتفاقيات جنيف الرابعة، ويعطي المتطرف سموتريتش الصلاحيات الواسعة من أجل تنفيذ مخططات حكومة المستوطنين في الضفة الغربية ضمن خطة الاحتلال لتقويض السلطة الفلسطينية وإنهاء حل الدولتين بتكثيف البناء الاستيطاني.
وأضاف مجدلاني أن المنطقة المصنفة (ج) تضم ما نسبته 60% من أراضي الضفة الغربية، وهذا القرار هو إطلاق يد الاحتلال للضم الفعلي والسيطرة على الأراضي فيها، وهو مخالف للقانون الدولي، وهذا ما يعني أنه لأول مرة منذ العام 1967، سيتمكن المستوطنون أنفسهم من إدارة مشروع الاستيطان ويحق لهم أن يخططوا ما يشاؤون.
من ناحيته، يقول الكاتب والباحث السياسي، نبيل عمرو إن فكرة الاستيلاء على الضفة الغربية ليست وليدة اللحظة، بل هي خطة موضوعة منذ بدء الاحتلال، فسموتريتش ليس الإسرائيلي الأول الذي دعا وعمل على ابتلاع الضفة الغربية، ونشر الاستيطان فيها وتهجير سكانها.
ويضيف عمرو: "منذ بدء الاحتلال، هناك سعي محموم لإرغام ملايين الفلسطينيين على الهجرة، كي تمتلئ بالمستوطنات، وكي تُزال الأرض الصلبة التي ستبنى عليها أساسات الدولة الفلسطينية العتيدة، بل سبقه كثيرون بما في ذلك مسؤولون إسرائيليون عملوا على منع الفلسطينيين من التوالد، فيما عرف بـ"وثيقة كينغ" الشهيرة التي تضمنت خططاً عملياتية لتضييق سبل الحياة على الفلسطينيين من أجل مغادرة بلدهم إلى أي مكان.