أطنان النفايات المكدسة في شوارع غزة تنذر بكوارث صحية وبيئية

تنذر أكوام النفايات المكدّسة بالقرب من مناطق نزوح السكان وسط وجنوب قطاع غزة، بكوارث صحية وبيئية غير مسبوقة، فيما يشتكي النازحون من انتشار الحشرات والبعوض، ما ساهم بتفشّي الأمراض المعدية.

  • أطنان النفايات المكدسة في شوارع غزة ومراكز الإيواء تنذر بكوارث صحية
    أطنان النفايات المكدّسة في شوارع غزة ومراكز الإيواء تنذر بكوارث صحية

تتكدّس أطنان من النفايات في الشوارع العامة ومراكز الإيواء في مختلف مدن قطاع غزة، وذلك على أثر خروج المؤسسات المدنية عن الخدمة بسبب حرب الاحتلال الإسرائيلي المتواصلة على القطاع منذ سبعة أشهر.

وتنذر أكوام النفايات المكدّسة بالقرب من مناطق نزوح السكان وسط وجنوب القطاع، بكوارث صحية غير مسبوقة، في ظل اقتراب فصل الصيف، فيما يشتكي النازحون من انتشار الحشرات والبعوض، ما ساهم بتفشّي الأمراض المعدية.

أرقام مخيفة

ووفق أحدث إحصائية فلسطينية، فإن أكثر من مليون نازح فلسطيني أصيبوا بأمراض معدية نتيجة النزوح، وتم رصد 20 ألف حالة عدوى التهاب الكبد الوبائي الفيروسي، فيما تقف المنظومة الصحية عاجزة أمام تلك الأرقام.

محمود إكي، أحد النازحين من غزة إلى جنوب القطاع، يؤكد أن "عائلته في مخيم النزوح القريب من شاطئ البحر، تعاني من أزمة انتشار الحشرات وتكدّس النفايات في أحد أطراف المخيم".

ويفيد إكي لـلميادين نت بأن "النازحين يعانون من الرائحة الكريهة للنفايات والأضرار الصحية الخطيرة الناتجة عنها، علاوة على لدغات الذباب والبعوض المنتشرة في المكان بسبب النفايات"، مبيّناً أنه لا يوجد أي وسائل لمكافحة تلك الحشرات.  

ويضيف أن النفايات المتراكمة في الشوارع ومراكز الإيواء تتسبّب بأمراض مرتبطة بالجهاز التنفّسي، متابعاً: "تورّمت وجوهنا بسبب لدغات البعوض والذباب الذي يعيش على النفايات".

بدوره، يقول خالد أبو كميل، إن ثلاثة من أفراد عائلته أصيبوا بأمراض بكتيرية وفيروسية بسبب تكدّس النفايات بالقرب من مراكز الإيواء، لافتاً إلى أن تراكم النفايات وعدم تصريفها من قبل الجهات المختصة يمثّل "قنبلة موقوتة".

ويضيف أبو كميل، لـلميادين نت: "حياتنا معرّضة للخطر بسبب النفايات والوضع الصحي الصعب للغاية، أرهقنا من الروائح والمنظر العام للنفايات، إلى جانب الأمراض التي تفتك بنا وبأطفالنا من جراء هذا الوضع".

إمكانيات ضعيفة

وتجد المؤسسات البيئية الرسمية صعوبة في إزالة أكوام القمامة، التي تتسبّب العوامل البيئية بتحلّلها بطريقة غير آمنة، بسبب ضعف الإمكانيات واستهداف جيش الاحتلال الإسرائيلي للمعدات اللازمة لذلك، علاوة على شح الوقود اللازم لنقل النفايات وتصريفها.

وأكد تقرير لمركز الميزان لحقوق الإنسان، أن "مخاطر النفايات الصلبة تتفاقم في القطاع بسبب سوء إدارتها نتيجة لمكبّات النفايات أو محطات ترحيلها أو نقاط تجمّعها، سواء كانت مخاطر بيئية أو صحية، ومنها خطر اشتعالها وحدوث حرائق، إضافة إلى التسبّب بأزمات صحية للسكان، والعاملين في المهنة على حدٍ سواء".

ويرجع التقرير، تدهور واقع إدارة النفايات الصلبة بغزة، وما ينتج عنه من آثار بيئية وصحية لمكبّات النفايات، لممارسات الاحتلال الإسرائيلي، التي تعيق نقل النفايات وتستهدف البنى التحتية والآليات الخاصة بالبلديات، كما وتمنع وصول الوقود للمؤسسات البيئة، ما أدى لتكدّس النفايات وانتشار الحشرات والأمراض والأوبئة.

تحديات بارزة

يمثّل ذلك التحدّي، حرباً أخرى من الاحتلال الإسرائيلي على قطاع غزة، فبعد توقّف جميع بلديات القطاع عن العمل وخروجها من الخدمة بسبب الحرب، يجد السكان أنفسهم أمام خيارات صعبة للغاية، تؤدّي جميعها إلى الموت.

ويؤكد منسّق الإعلام، في بلدية رفح، محمد الداهودي، أنه "منذ السابع من أكتوبر الماضي، خرجت معظم بلديات قطاع غزة عن الخدمة"، مشيراً إلى أن ذلك بسبب الاستهداف المستمر من قبل قوات الاحتلال الإسرائيلي للبنى التحتية والطواقم الإغاثية.

ويوضح الداهودي، للميادين نت، أن "نفاد الوقود كان التحدّي الأبرز للبلديات والسبب الرئيسي في عدم قدرتها على نقل النفايات من المناطق السكنية ومراكز الإيواء إلى المناطق المخصصة لها"، مبيناً أن التحدّي الثاني كان يتمثّل باستهداف الاحتلال الإسرائيلي الطواقم الميدانية العاملة.

ويشير إلى أن "التحدّي الثالث يتمثّل في عدم قدرة طواقم البلديات على الوصول إلى مكبات النفايات الواقعة على الحدود الشرقية للقطاع بسبب الاجتياحات الإسرائيلية، علاوة على إغلاق الشوارع بسبب القصف العنيف، ما يعيق عمل تلك الطواقم".

وبحسب المسؤول المحلي، فإن "هناك مخاوف من انتشار الأمراض الخطيرة بسبب انتشار القوارض والحشرات الضارة الناتجة عن تراكم كميات كبيرة من النفايات في الشوارع، علاوة على اختلاط المياه بمياه الصرف الصحي".

وتابع: "النفايات مكدّسة بالأطنان في الأماكن العامة والشوارع وبالقرب من مراكز الإيواء، ولا يوجد أي قدرة على نقلها إلى الأماكن الخاصة بها، أو تصريفها وفق الآليات المتبّعة قبل الحرب الإسرائيلية، وهو الأمر الذي ينذر بكارثة خطيرة".

منطقة وباء

ويفيد المختص في الأوبئة والأمراض المعدية بوزارة الصحة في غزة، غسان وهبة، أن "قطاع غزة بسبب الحرب سيشهد انتشاراً غير مسبوق للأمراض البكتيرية والفيروسية المعدية"، مبيّناً أن القطاع أصبح منطقة وباء.

وقال وهبة، لـلميادين نت، إن "القطاع وبسبب الحرب الإسرائيلية وتراكم النفايات وغياب الحد الأدنى من النظافة العامة في مختلف مناطقه سيشهد انتشاراً لأمراض الكبد الوبائي والجدري والالتهابات الفيروسية والبكتيرية".

وأضاف: "هناك مخاوف أيضاً من انتشار أمراض الكوليرا والسل بين سكان القطاع، خاصة في ظل الاكتظاظ السكاني بالمحافظات الجنوبية وتكدّس النفايات"، مشدّداً على أن الجهات الرسمية سجّلت أرقاماً مخيفة بهذا الشأن".

ووفق وهبة، فإن "أكوام القمامة المنتشرة في الشوارع ومراكز الإيواء والنقص الحاد بمياه الشرب والصالحة للاستخدام الآدمي، ستكون له تأثيرات على المستويين المتوسط والبعيد"، محذراً من انتشار أمراض أخرى، خاصة لدى شريحة الأطفال.