مفكرون تونسيون.. استشراف انعكاسات التحولات في الشرق الأوسط على المنطقة المغاربية والقضية الفلسطينية

مفكرون تونسيون يستشرفون الارتدادات المحتملة للتحولات في منطقة الشرق الأوسط على المنطقة المغاربية والقضية الفلسطينية

  • تظاهرة داعمة للقضية الفلسطينية في المغرب
    تظاهرة داعمة للقضية الفلسطينية في المغرب

بعد طرح التساؤلات على نطاق واسع عن الارتدادات المحتملة لانهيار النظام في سوريا على القضية الفلسطينية، ومحور المقاومة، والتوازنات الدولية في منطقة الشرق الأوسط، ومن ثمة طرح التساؤلات عن ارتدادات الزلزال السوري على المنطقة المغاربية، خصصت نخب تونسية ندوات للنقاش ضمن مركز الدراسات آفاق – perspectives لاستقراء تداعيات التحولات الجيوسياسية الإقليمية والدولية على تونس والمنطقة المغاربية، التي تعد رغم بعد المسافة نسبياً، في قلب ما يجري وما يحاك ضد المنطقة من مخططات .

هذا وحذر أستاذ التاريخ المعاصر والراهن في الجامعة التونسية، الدكتور عبد اللطيف الحناشي، من أننا نعيش حالة تفجر للحروب بمختلف القارات، ما يجعل من سيناريو الحرب الذي يروج له على كونه حرباً عالمية ثالثة مختلفاً عن تعريف الحرب العالمية بمفهومها التقليدي .

وأضاف الحناشي أن منطقة الشرق الأوسط تعرف تحولات عميقة من اتفاقية "كامب دايفيد" إلى اليوم، في إطار صراع النفوذ الدائر في العالم على منابع الطاقة ومعابر الملاحة البحرية الهامة في العالم والمواقع الاستراتيجية للقواعد العسكرية، ما أدى إلى سقوط عدة دول أو أنظمة سواء باستخدام "العنف " أو "العنف الناعم "، لعل آخرها انهيار النظام في سوريا الذي أدى إلى سقوط التوازن السياسي الاستراتيجي مع "إسرائيل". 

وأشار إلى أن من بين السيناريوهات المعدة لسوريا إما تقسيمها إلى دويلات على أساس ديني أو اثني أو طائفي، أو ابقاء سوريا دولة موحدة لكنها منزوعة السلاح، تمهيداً لعملية التطبيع مع كيان الاحتلال.

وأكد الحناشي أن التوترات الأمنية في منطقة الشرق الأوسط تتجد في كل مرة يرى فيها الاحتلال أنّه بحاجة إلى مزيدٍ من التوسع وقضم الأراضي، وأن "مساحته" لا تتوافق مع طموحاته، ولعل آخر التصريحات للرئيس الأميركي المنتخب، دونالد ترامب، التي قال فيها "إن مساحة إسرائيل تبدو صغيرة ولطالما فكرت كيف يمكن توسيعها "، تعكس الدور الذي تقوم به الولايات المتحدة في خدمة أهداف الكيان على حساب استقرار المنطقة وأمن شعوبها.

هذا وشدد الحناشي على أن المنطقة المغارية هي في قلب المخططات التي تتربص بمنطقة الشرق الأوسط، مشيراً إلى أن من بين السيناريوهات الواردة ، استغلال الهشاشة الأمنية في ليبيا عبر إعادة استخدام الجماعات الوظيفية التي تم تسفيرها لتقويض الامن في سوريا ، ومن أجل ضرب الاستقرار في ليبيا وتونس والجزائر في مسعى لتمرير مخطط التطبيع أولا، والسيطرة على الثروات الباطنية التي تزخر بها المنطقة ثانياً،  وإعادة رسم خارطة النفوذ الجيوسياسي والجيواقتصادي للمنطقة في إطار الصراع الدائر مع الصين وروسيا.

من جهته، أكد رئيس مركز الدراسات آفاق perspectives، محمد الحيب مرسي، أنّه علينا فهم التحولات والمخططات التي تحدق بنا وبالمنطقة ككل، لمعرفة ما يجري وللتمكن من استشراف المستقبل.

وأضاف أنه رغم قتامة الصورة اليوم، سواء فيما يتعلق بمشاهد التدمير لغزة وسياسة الانكار الغربي للحق الفلسطيني والانحياز المفضوح لكيان الاحتلال، ورغم الحروب التي تمزق خارطة الوطن العربي، وانهيار الأنظمة كما هو الحال في سوريا، أو حالة الفوضى الأمنية على حدودنا في ليبيا، فإنّ المستقبل على المدى المتوسط والبعيد يعد بتحولات كبرى من شأنها أن تقلب المعادلات، فنحن نعيش بداية أفول الغرب القديم وتراجع نفوذ أميركا وهيمنتها على العالم، في مقابل صعود قوى جديدة في مقدمتها الصين.

واعتبر رئيس مركز "آفاق" للدراسات أن هذه التحولات التي يقدم عليها العالم والتي ستقلب موازين القوى من شأنها أن تخدم القضية الفلسطينية من خلال اعتراف العالم الجديد بالحق الفلسطيني لينهي بذلك أبشع مظلمة في التاريخ المعاصر.

وشدد محمد الحبيب مرسيط أن العرب عليهم استشراف المستقبل، والعمل على احتلال مكان تحت الشمس في هذا العالم الجديد، حتى لا نبقى دائماً مهمشين مستضعفين، مؤكداً أن مستقبل نهضة العرب بأيديهم، فلهم من الثروات والإمكانيات ما يخول لهم تحقيق ذلك شريطة القطع مع التبعية ومع مخططات التفرقة الهدامة والبناء على ما هو مشترك.