جيلٌ تلو جيل.. ما أبرز الصواريخ الموجهة التي استخدمتها المقاومة الإسلامية في لبنان؟
مروحة واسعة من أنماط الصواريخ الموجّهة، تشكل منظومة "ضد الدروع" للمقاومة الإسلامية في لبنان، التي رافقت عملها في مواجهة مدرعات العدو الإسرائيلي منذ التأسيس وإلى اليوم.
في واحدة من صيحات المفاجأة والاستهجان التي اعتاد العدو الإسرائيلي على إطلاقها، كلما وقف أمام جديد في ما تمتلكه المقاومة في لبنان من مفاجآت، على صعيد المهارات والإمكانات والتجهيز والتسليح، ذكرت وسائل إعلام إسرائيلية في العاشر من الشهر الجاري، أن ما تفعله المقاومة، باستخدامها للصواريخ الموجهة المضادة للدبابات، كسلاح قنص، هو أمر غير مسبوق في "إسرائيل" وربما في العالم.
هذا الاستهجان الذي نقلته صحيفة "هآرتس" الإسرائيلية، أجابت عليه هي، في المقال نفسه، على لسان أحد ضباط الأمن في سلطة الجليل الأعلى الإقليمية، حين اعتبر أنّ "حزب الله هو أحد التنظيمات الرائدة في العالم، في استخدام الصواريخ المضادة للدبابات ضد أهداف غير عسكرية".
للمقاومة الإسلامية في لبنان تاريخ وباعٌ طويل مع الصواريخ المضادة للدروع، منذ صاروخ الـ"ماليوتكا" الذي رافق عمليات المقاومة الأولى، وصولاً إلى الصاروخ "التلفزيوني الدقيق الموجّه المنحني" الذي استهدف به مؤخراً، أحد الرادارات المحصنة خلف جدار إسمنتي في موقع جل العلام – دفورانيت.
فما هي منظومة الصواريخ الموجهة التي تمتلكها المقاومة الإسلامية في لبنان، وما هي مميزات تلك الصواريخ؟ وما هي أهم المحطات التي برزت فيها؟
الأجيال الثلاثة للصواريخ الموجهة
ثلاثة أجيال أساسية تطورت خلالها الصواريخ الموجهة المضادة للدروع، من عصا التحكم وصولاً للبصمة الحرارية.
الجيل الأول: توجيه يدوي - متابعة بصرية
يُستخدم الجيل الأول من الصواريخ الموجهة المضادة للدروع، أسلوب التوجيه اليدوي، عبر عصا التحكم، والمتابعة البصرية للصاروخ، عبر المنظار، حتى وصوله للهدف، حيث يتابع الرامي عبر المنظار الصاروخ ويوجهه نحو الهدف.
الجيل الثاني: توجيه آلي - متابعة بصرية
تعتمد صواريخ الجيل الثاني، على التوجيه شبه الأوتوماتيكي، حيث يتابع الرامي الهدف، وليس الصاروخ، بصرياً، من خلال وضع إشارة الزائد داخل المنظار على الهدف، ليتجه الصاروخ نحو نقطة الزائد بشكل مباشر، دون الحاجة لقيادته وتوجيهه.
الجيل الثالث: إضرب وانسَ
تعتمد صواريخ الجيل الثالث "اضرب وانسى "، على باحث ليزري أو جهاز تصوير كهروضوئي (IIR)، أو باحث راداري في مقدمة الصاروخ. وبمجرد تحديد الهدف، لا يحتاج الصاروخ إلى مزيدٍ من التوجيه أثناء الطيران، ويمكن للرامي التراجع، بعد الإطلاق مباشرةً.
وسجّل مؤخراً تصنيع صواريخ اعتُبرت أنها جيل رابع أو خامس، ولكنها كلها تقوم على نفس المبدأ "إضرب وانسَ"، مع تحديثات تتعلق بالمدى والخصائص التكتية والعددية للصاروخ.
منظومة الصواريخ الموجهة لدى المقاومة الإسلامية في لبنان
رافقت الصواريخ الموجهة المضادة للدروع، مسيرة المقاومة منذ بداياتها إلى اليوم، وأبرز تلك الصواريخ المعلن عنها من قِبلها هي:
صاروخ ماليوتكا
- صاروخ من الجيل الأول.
- المدى المؤثر من 500 متر إلى 3 كيلومتر.
- سرعته 115 متر في الثانية.
- موجه سلكياً.
كان للـ"ماليوتكا" دور كبير في تأمين المقاومين من خلال عملياتهم، وتوفير حركة العمل باتجاه الشريط الحدودي، قبل تحرير الجنوب عام 2000. وتميزت المقاومة الإسلامية في لبنان، برماة مهرة، استطاعوا تحقيق إصابات متميزة في هذا السلاح.
وأول دبابة ميركافا دمرت بقبضة "ماليوتكا"، كانت على طريق طلوسة في 2 أذار 1993، بحسب أرشيف المقاومة.
كما برز هذا الصاورخ في عملية العزية، جنوب لبنان، قبل التحرير عام 2000. يومها أدخل الشهيد علي صالح (بلال عدشيت) الصاروخ الموجّه من "طلاقة" دشمة الحرس، وهو ما كان مصداقاً سابقاً، لما قاله السيد نصرالله قبل نحو شهر، عن امتلاك حزب الله لرماة ماهرين.
صاروخ فاغوت
- صاروخ من الجيل الثاني.
- المدى المؤثر من 70 متر إلى 2500 متر.
- الصاروخ المعدل منه هو صاروخ ترادفي (أي يحتوي على رأسين انفجاريين، الأول ينفجر في الدرع الخارجي، والثاني يخرق الجسم الفولاذي للدبابة).
- سرعة الصاروخ 240 متر في الثانية.
- موجه سلكياً.
استخدم في الهجوم الذي شنته المقاومة الإسلامية في لبنان يوم عيد الاستقلال اللبناني، عام 2005، حين اجتاز عناصر المقاومة السياج بأسلحتهم، وتجولوا داخل بلدة الغجر، وظهرت في تسجيلات عرضتها المقاومة للعملية استهداف الدبابات في موقع العباسية "كألعاب الفيديو"، كما عبر أمين عام حزب الله، سماحة السيد حسن نصر الله حينذاك.
صاروغ كونكورس
هو الأخ الأكبر لصاروخ "فاغوت"، يرمى من على نفس منصة الإطلاق، ويتميز عنه بمداه الذي يصل إلى 4000 متر، وهو صاروخ ترادفي مثل الـ"فاغوت" المعدل.
صاروخ تاو
- صاروخ من الجيل الثاني (النسخة المطورة تنتمي للجيل الثالث).
- المدى المؤثر من 100 متر إلى 3.7 كيلومتر.
- سرعة الصاروخ 320 متر في الثانية
- موجّه سلكياً.
وكان للـ"تاو" دور كبير أثناء تحرير الجنوب اللبناني، عام 2000، في ملاحقة جنود العدو أثناء انسحابهم.
صاروخ ميتس
- صاروخ من الجيل الثاني.
- المدى من 20 متر إلى 2 كيلومتر.
- سرعة الصاروخ 200 متر في الثانية.
- يوجه سلكياً.
- يرمى عن الكتف.
صاروخ كورنت
- صاروخ من الجيل الثاني.
- المدى من 100 متر إلى 5.5 كيلومتر.
- سرعة الصاروخ 250 متر في الثانية.
- يمكن استهداف المروحيات ضمن المدى من خلاله.
- يعمل بنظام توجيه لايزري، أي لا يوجّه سلكياً، ما يجعل إمكانية التشويش عليه شبه مستحيلة.
- يوجد منه صاروخ مضاد للأفراد، وآخر مضاد للتحصينات.
كان هذا الصاروخ بطل المفاجآت في حرب تموز، وخاصة في ملحمة وادي الحجير، التي سطرها الشهيد علي صالح (بلال عدشيت)، وكانت من المعارك الحاسمة في الحرب.
أعلنت المقاومة عن استهدافها من خلال الكورنت في حرب تموز عام 2006 لـ:
· 84 دبابة ميركافا.
· ناقلة جند واحدة.
· 25 جرافة مصفحة "D9".
· 3 آليات هندسة.
· 10 تجمع مشاة.
· زورق بحري قبالة سواحل صور.
صاروخ كورنت EM
- هو صاروخ "كورنت" معدل.
- ينتمي للجيل الثالث.
- المدى: من 100 متر إلى 10 كلم.
منظومة ثار الله
#المقاومة_الإسلامية تكشف عن منظومة "ثار الله (ع)" للصواريخ الموجهة.#لبنان#الإعلام_الحربي #حزب_الله pic.twitter.com/rPckBfAIGG
— قناة الميادين (@AlMayadeenNews) August 11, 2023
- نسخة مطورة من قبضة الـ"كورنت"، قادرة على إطلاق صاروخين في لحظة واحدة.
- دخلت العمل عام 2015.
- تتميز بإصابة الهدف بتوقيت متزامن ودقة فائقة.
الصاروخ التلفزيوني الموجه المنحني المعلن عنه مؤخراً
بالفيديو | مشاهد من عملية إستهداف #المقاومة_الإسلامية قبة تجسسية في موقع جل العلام التابع لجيش العدو الإسرائيلي بأسلحة صاروخية خاصة.#الميادين #الميادين_لبنان pic.twitter.com/OGDegrKUxI
— الميادين لبنان (@mayadeenlebanon) January 25, 2024
لا زالت المعلومات شحيحة جداً حول هذا الصاروخ، غير المعلن، حتى الآن، عن نوعه وطرازه. ولكن ما ميزته "الميادين" من خلال المشاهدة وأوردته في أحد تقاريرها هو التالي:
- يمكنه إصابة الأهداف من خلال مسار غير مباشر.
- يمكنه تدمير أهداف غير مواجِهة.
- يسمح لتستر إضافي لمنصات الإطلاق.
- صعوبة اعتراضه من خلال الدفاعات الجوية.
قدرات المقاومة في الاستفادة من الصواريخ المضادة للدروع
راكمت المقاومة، خلال وقت طويل، خبرات عظيمة على مستوى الأسلحة المضادة للدروع، وذلك تحت تأثير الواقع الذي فَرَضَ عليها، مواجهة واحدة من أقوى المدرعات في العالم، دبابة الـ"ميركافا"، وهذا ما جعلها تتميز ليس برماة أكفاء فحسب، بل وبقدرات تطويرية وذكاء عالٍ في الاستخدام والتوجيه.
وهذا ما برز في الحرب الجارية، حيث تخطت المقاومة الإسلامية في لبنان، من خلال استخداماتها المبتكرة للصواريخ المضادة للدروع، كل المنظومات الدفاعية، وخلقت حالة من الرعب في صفوف سكان المستوطانت كما في صفوف "الجيش" الإسرائيلي، شمالي فلسطين المحتلة.
وبهذا، تثبت المقاومة من جديد، بأنّ السلاح نفسه المنتشر في العديد من جيوش العالم، سيكون مختلفاً جداً في دوره وأثره، بين يديها.