إطلاق المقاومة العراقية مرحلة ثانية من العمليات ضد "إسرائيل".. كيف يُقرأ استراتيجياً؟
المقاومة العراقية تُدشّن المرحلة الثانية من عملياتها العسكرية ضمن "طوفان الأقصى"، عبر إطباق الحصار على الملاحة الإسرائيلية في البحر المتوسط، وتضغط على الولايات المتحدة من أجل سحب قواتها من العراق. ما أهداف المرحلة؟
شهدت عمليات المقاومة الإسلامية في العراق، خلال الأيام الماضية، تطوراً لافتاً من الناحيتين الأمنية والاستراتيجية، إذ دشّنت، بالتزامن مع عدوانٍ أميركي، المرحلة الثانية من عملياتها العسكرية، التي تتضمّن إطباق الحصار على الملاحة الإسرائيلية في البحر المتوسط، وإخراج موانئ الاحتلال عن الخدمة.
ويرتبط تصعيد المقاومة العراقية لاستهدافاتها، التي بدأت بضرب القواعد الأميركية في العراق وسوريا، منذ 17 تشرين الأول/أكتوبر الماضي، وتطوّرت إلى ضرب أهدافٍ في الداخل الفلسطيني المحتل، بإصرار الولايات المتحدة الأميركية على دعم العدوان الإسرائيلي ضد قطاع غزّة، والذيّ خلّف نحو 26 ألف شهيد منذ بداية "طوفان الأقصى".
وجاء تدشين المقاومة للمرحلة الثانية من عملياتها العسكرية بعد أن شنّت الولايات المتحدة الأميركية غاراتٍ جوّية على منشآتٍ تابعة للقوات العراقية والحشد الشعبي، في منطقة جرف النصر، جنوبي بغداد، وعلى مناطق أخرى عند الحدود العراقية السورية، الأمر الذي أدّى إلى استشهاد عدد من قوات الحشد الشعبي، وهو ما وصفه مستشار الأمن القومي العراقي، قاسم الأعرجي، بأنّه "انتهاك صارخ للسيادة العراقية".
كيف تحاصر المقاومة العراقية "إسرائيل" في البحر المتوسط؟
تدشين المرحلة الثانية، والذي أعلنه الأمين العام لكتائب سيد الشهداء في العراق، أبو آلاء الولائي، انعكس فوراً، إذ وجّهت المقاومة صواريخها ومُسيّراتها إلى ميناء أسدود، وقبله إلى حيفا وحقل "كاريش" للغاز، قُبالة السّواحل اللبنانيّة في البحر الأبيض المتوسّط.
هذا القرار يأتي في إطار إغلاق جميع طُرُق الملاحة إلى الموانئ الإسرائيلية في فلسطين المُحتلة، وهذا التحرّك المدروس يأتي استكمالاً للحصار الذي فرضته القوّات البحريّة اليمنيّة على السّفن الإسرائيليّة، وتلك المتجّهة إلى الموانئ الإسرائيلية في البحر الأحمر، ومضيق باب المندب.
وبشأن الأهداف العسكرية للمرحلة الثانية، التي أطلقتها المقاومة العراقية، قال الناطق الرسمي باسم حركة النجباء في العراق، حسين الموسوي، للميادين نت، إنّها تأتي من أجل حرمان "إسرائيل" من تمويل اقتصادها، وفي سبيل تقييد حريتها في منطقة المتوسط، ولاسيما بعد أن تضررت تجارتها واقتصادها في البحر الأحمر، من جرّاء ضربات القوات اليمنية.
وأشار الموسوي إلى أنّ إعلان المقاومة العراقية هذه المرحلة المتقدّمة من "فن إدارة المعارك" يعكس عدّة جوانب، منها القدرات الكبيرة التي وصلت إليها المقاومة العراقية، في التدريب والتجهيز والتصنيع، وكذلك، القُدرة على اختيار الأهداف والأسلحة الملائمة، من أجل التعامل معها.
ولفت الموسوي إلى أنّ "لدى المقاومة العراقية قُدرات تسليحية وإنتاجية وتصنيعية لاستهداف قوات الاحتلال الإسرائيلي"، مضيفاً أنّ أهمية المرحلة المقبلة تتجلّى في التخطيط الاستراتيجي بعيد المدى في استهداف المصالح والقواعد الأميركية في المنطقة، واستهداف المناطق الحيوية والاستراتيجية والعسكرية للكيان المُحتل.
اقرأ أيضاً: حيفا قنبلة "إسرائيل" الموقوتة في دائرة الاستهداف.. ماذا في رسائل المقاومة العراقية؟
كيف تضغط المقاومة على واشنطن لسحب قواتها من العراق؟
إعلان المرحلة الثانية، يُعزز مسار استهداف القواعد الأميركية في سوريا والعراق، مع استمرار الضربات والسعي لإلحاق أكبر قدرٍ من الأضرار الماديّة والبشريّة فيها، إذ اعترفت الولايات المتحدة حتى الآن بإصابة 80 جُندياً من قوّاتها بسبب تلك الضربات.
وفي السياق، يأتي تكثيف الفصائل العراقية ضرباتها على القواعد الأميركية في العراق وسوريا، كخيارٍ وحيد لإخراج القوات الأميركية المحتلة من العراق، بعد أن أفشلت واشنطن جميع الخيارات السّياسية التفاوضية. الخيار العسكري كان واضحاً في الميدان، منذ 17 تشرين الأول/أكتوبر الماضي، إذ أعلنت المقاومة العراقية أنّها جزءٌ من "طوفان الأقصى"، من خلال استهداف القواعد الأميركية، نصرةً لغزّة.
ومع توجيه القوات الأميركية ضرباتٍ إلى الحشد الشعبي المنضوي تحت قيادة الجيش العراقي، عدّة مراتٍ، تكون الولايات المتحدة تخطّت مهماتها الاستشارية التي أعلنتها بدعوى مواجهة تنظيم "داعش". لذلك، صعّد العراق مواقفه السياسية والشعبية المناهضة لوجود التحالف الدولي والقوات الأميركية في البلاد، والتي طالبت بضرورة انسحاب القوات الأميركية. وقال الناطق باسم القوات المسلحة، اللواء يحيى رسول، في وصفٍ نادر، إنّ الهجوم "اعتداء مماثل للأعمال الإرهابية".
وتعزّزت المطالب بإنهاء الوجود العسكري الأميركي في العراق، عبر تجديد رئيس الوزراء العراقي، محمد شياع السوداني، دعوته إلى رحيل "التحالف الدولي" من العراق، مؤكداً أنّ انتهاء مهمة هذه القوات الأجنبية "ضرورة لأمن البلاد واستقرارها".
وخوفاً على مصالحها الأمنية والعسكرية والاقتصادية، ادّعت الولايات المتحدة الأميركية، أمس الأربعاء، أنّها ستشرع في إجراء محادثاتٍ بشأن إنهاء التحالف العسكري الدولي الذي تقوده في العراق، وأنّها ستبدل هذا التحالف بعلاقاتٍ ثُنائية.
وبشأن هذا الأمر، قال الناطق الرسمي باسم حركة النجباء في العراق، حسين الموسوي، إنّ المقاومة العراقية أرادت أن تقول لواشنطن إنّها جزءٌ من وحدة الساحات، وجزءٌ من المحور القادر على حماية المنطقة. لذلك، تسعى المقاومة، بكلّ ما أوتيت من قوّة، لإخراج الأميركي من كل أنحاء البلاد.
وأضاف الموسوي أنّ المقاومة العراقية تُدرك أنّ المفاوضات مع المحتل الأميركي لا تُمثّل إرادة حقيقية، وما هذا الإعلان سوى جزء من ألاعيبها وخططها التوسعيّة في المنطقة، لتستمر في السيطرة على مُقدّرات العراق.
لذلك، فإنّ واشنطن، وفق الموسوي، تُريد من هذه المفاوضات "كسب مزيد من الوقت لإعادة النظر في خططها وبرامجها، ومن أجل تحييد المقاومة"، بحجّة وذريعة المفاوضات، وإعطاء حليفتها "إسرائيل" الفرصة في مواجهة المقاومين، والإيغال في سفك الدماء في قطاع غزّة ودول محور المقاومة.