أهمية صاروخ "الأرقب" العراقي.. وكيف تجاوز الرادارات والأقمار الاصطناعية؟
التطور العسكري الهام القادم من العراق خلال الأيام الماضية، عبر وصول صاروخ "الأرقب" إلى مدينة حيفا الفلسطينية المحتلة سيبقى مدار بحث وتحليل.. خاصة وأن مداه الذي يفوق الـ 1000 كم اخترق الـ GPS، مشكلاً نقلة نوعية في السلاح الذي تملكه المقاومة العراقية.
توقّف المراقبون ملياً أمام التطوّر العسكري الجديد المقبل من العراق، والذي تمثّل بصاروخ الـ "كروز" الموجّه الذي حمل اسم "الأرقب" والذي سيكون، وفق هؤلاء، موضع بحثٍ لدى قيادات كبرى الجيوش في المنطقة.
500 كلم كانت كافية، الهدف حيوي داخل حيفا المحتلة، والصاروخ المطوّر لم ترصده الرادارات و"القبة الحديدية"، وهذا بحد ذاته يرسم مناحي دراماتيكية جديدة للاحتلال الإسرائيلي الماضي في عدوانه وارتكاب مجازره، وهو الغارق في رمال غزة، خاصة وأنه جاء بعد دكّ القواعد الأميركية في العراق وسوريا، وصولاً إلى مرفأ "إيلات" (أم الرشراش) الحيوي في أقصى الجنوب الفلسطيني المحتل.
العراقيون أمام فرصة هامة
الرفد العراقي الهامّ للمقاومة في فلسطين الذي فاجأ الولايات المتحدة، أتى في مرحلة حسّاسة تواجهها واشنطن في هذا البلد، حيث ارتفعت الأصوات الرسمية والشعبية والفصائلية المطالبة بالانسحاب مع انتهاء مهلة بقاء القوات الأميركية فيه.
هذا ما أكده الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله في كلمته الأخيرة، قائلاً إن "من بركات قيام المقاومة الإسلامية في العراق، في فتح جبهتها نصرةً لغزة، العراق أمام فرصة حقيقية للتخلّص من المحتلّ الأميركي".
ومن يرقب كلام الناطق باسم حزب الله العراق لـلميادين يرسم السيناريو المقبل لمديات هذه المقاومة،"المعركة مفتوحة، وفيها احتمالات كبيرة، وكلّ الأهداف الأميركية والإسرائيلية، وحتى الموجودة في غرب آسيا والخليج، هدف للمقاومة الإسلامية في العراق" يطلقها الرجل بثقة.
بدوره، قال الناطق باسم حركة النجباء، حسين الموسوي، للميادين إن استهداف حيفا المحتلة، يحمل الرسائل لكيان الاحتلال الإسرائيلي مفادها أن محور المقاومة لا يتخلى عن أهدافه الاستراتيجية في المنطقة، مشيراً إلى أنّ "المقاومة قادرة على الوصول إلى مناطق أبعد من ذلك".
بالتوازي مع كل ذلك، أعلن رئيس مجلس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني عن تشكيل لجنة ثنائية لجدولة انسحاب قوات التحالف الدولي من العراق.
وكان أكد مسؤول أميركي لصحيفة "واشنطن بوست" أن قوات ما يسمّى "التحالف الأميركي" تعرّضت لأكثر من 120 هجوماً في سوريا والعراق منذ 17 أكتوبر الماضي، في وقت اعتبر فيه مدير مكتب الميادين في بغداد، بأنّ المقاومة انتقلت إلى مرحلة جديدة من عملياتها باستخدامها صواريخ بعيدة المدى من طراز "كروز" المطوّرة.
أهمية اختيار حيفا كهدف
يقول العميد محمد عباس لـلميادين نت إنّ "ضرب هدف حيوي للعدو في مدينة حيفا بصاروخ كروز يستخدم للمرة الأولى هو تطوّرٌ نوعي في عمليات المقاومة العراقية ضد الكيان".
ولن ندخل في ماهية اختيار الهدف الذي يحمل الكثير من الرسائل، فـحيفا التي تضم الميناء الحيوي الهام كـ "إيلات"، والضروري للعدو وللأميركيين ولسفنهم الرابضة على المتوسط، وهي نقطة تضجّ بالأهمية الجيو - سياسية والعسكرية والأمنية بين لبنان وسوريا وفلسطين.
اقرأ أيضاً: مضيق باب المندب.. سلاح يمني في خاصرة "إسرائيل"
ويضيف أن "هجوم حيفا جاء بعد تعنّت الكيان وبدعم أميركي، وإصراره على مواصلة القصف التدميري على غزة، وهو تأكيد من المقاومة العراقية أنها جاهزة لتصعيد عملياتها وتطويرها كمّاً ونوعاً – وأن صاروخ الأرقب هو البداية- وأنها قادرة على ضرب كل الأهداف الحيوية العسكرية والاقتصادية".
ويؤكد عباس أهمية اختيار الهدف وتوقيته "فحيفا هي أهم ميناء للكيان بعد إيلات، لذلك فإن استهدافه من قبل المقاومة العراقية، يتكامل مع ما يقوم به اليمن من حصار في البحر الأحمر ،وهذا من شأنه زيادة تأثير الحصار على اقتصاد العدو".
صاروخ يستخدم للمرة الأولى
الخبير العسكري والاستراتيجي شربل أبو زيد يقول للميادين إن توجيه الصاروخ أتى بعد استهداف القوات الأميركية للقائدين في الحشد الشعبي العراقي.
ويوضح أن مدى هذا الصاروخ المطوّر هو 1000 كلم، بينما لا تتعدى المسافة الطوبوغرافية بين العراق ومدينة حيفا الـ 500 كلم.
مميّزات صاروخ كروز- الأرقب المطوّر، بحسب الخبير، أنه يسير بمستوى منحنٍ، ومنخفض وهو صاروخ مجنّح ويمكنه تغيير مساره ويتم "تلقيم" مسراه بواسطة خرائط رقمية وهي تتبع التضاريس، والمسرى منذ لحظة إطلاقه وصولاً إلى الهدف المحدّد".
اللافت أن الصاروخ المتطوّر الذي أماطت المقاومة الإسلامية في العراق اللثام عنه، يسير عبر GPS وهو من الصواريخ الموجّهة Guided، وفق الخبير أبو زيد، ولأن كلّاً من الولايات المتحدة الأميركية و"إسرائيل" وكندا تحكم السيطرة على نظام تحديد المواقع (GPS)، فهي تستطيع اعتراضه أو حرفه عن هدفه".
أقمار اصطناعية بديلة لـ GPS؟
ويوضح الخبير العسكري أنه وبسبب ذلك يبدو أن صاروخ "الأرقب" أطلق بنظام ملاحة مغاير للـ GPS، ومن الممكن كافتراض، أن يكون القمر المستخدم إيرانياً ("نور 1" الذي أطلق عام 2020، أو "نور 2" عام 2022، أو "نور 3" في أيلول/سبتمبر 2023)، ويمكن للمقاومة العراقية استخدام القمر الروسي Glonas المنافس، وروسيا أعطت الإذن بذلك، وأيضاً يمكن أن يكون ذلك قد حدث عبر نظام الـ compass الصيني".
اقرأ أيضاً: تكنولوجيا الفضاء الإيرانية تُقلق "إسرائيل": قدرات صاروخية عابرة للقارات
في الإطار ذاته، يعدّد العميد عباس للميادين نت، وهو قائد سابق لكلية القيادة والأركان في الجيش اللبناني مميزات هذا الصاروخ:
أ- يسير وفق نظام تحديد المواقع العالمي "جي بي إس" والذي يستخدم شبكة أقمار صناعية عسكرية وله جهاز استقبال في غرفة العمليات لاكتشاف المواقع المستهدفة بدقة عالية ويتم توجيه الصواريخ باتجاهها.
#شاهد | إطلاق المقاومة الإسلامية في #العراق لصاروخ الأرقب "كروز مطوّر" بعيد المدى بإتجاه حيفا المحتلة.#طوفان_الأقصى #الثورة_الكبرى pic.twitter.com/GCdY4vWUJQ
— قناة الميادين (@AlMayadeenNews) January 7, 2024
ب- يتضمّن نظام مطابقة المشهد ويستخدم كاميرا ورابط صورة موجودة في رأس الصاروخ للعثور على الهدف ويستطيع تغيير مساره لملاحقته.
ج- يتمتع بنظام توجيه بالقصور الذاتي "آي جي إس" يمكّنه من تتبّع موقع الصاروخ في الجو بناء على تسارعه.
اقرأ أيضاً: الأقمار الصناعية تفشل في لجم تحرّكات المقاومة
ويردف قائلاً "صواريخ كروز التي ينتمي الأرقب إلى فئتها، تعمل بمحرّك توربيني والذي يمكّنها من الوصول إلى الهدف، وهي تطير على ارتفاعات منخفضة وقادرة على تجنّب أجهزة المراقبة والرصد ويصعب اعتراضها".
ويقول إن "كلّ الصواريخ وأنظمتها المشار إليها موجودة لدى إيران، وبالتالي يحتمل وجودها لدى أطراف في محور المقاومة".
أهمية الصواريخ العراقية
ماذا عن أهمية الصواريخ العراقية، على مسار المعركة مع الاحتلال؟ يجيب العميد عباس أن "ضرب هدف حيوي للعدو في مدينة حيفا بصاروخ كروز يستخدم للمرة الأولى هو تطوّر نوعيّ في عمليات المقاومة العراقية".
وإذ يشدّد على أن "الصواريخ العراقية التي استهدفت القواعد الأميركية في العراق وسوريا تركت أثراً سلبياً معنوياً وسياسياً على الأميركيين، فقد أظهرت أيضاً أن حضور الأساطيل والتهديدات التي وجّهت لردع أطراف محور المقاومة عن التدخّل لمساندة غزة، لم تخفها أو ترهبها، وأن المقاومة العراقية تحديداً بموقفها الجريء والمبادر لضرب "رأس الأفعى"،أظهر أنها غير متهيّبة وسيكون لموقفها المبدئي والثابت أثره المعنوي الإيجابي على المقاومة في غزة، كما أن مسألة الوجود الأميركي في العراق وسوريا أصبح مطروحاً بقوة".
أمّا عن تأثير المقاومة العراقية على الاحتلال -وبخاصة بعد قصف حيفا وبسلاح نوعي واحتمال ظهور مفاجآت وأسلحة نوعية أخرى أكثر تطوّراً وأقوى فعالية وتدميراً - فستكون له تداعياته السلبية الضاغطة على المسؤولين في الكيان سياسيين وعسكريين، وبالتالي يجبرهم على إعادة النظر في خططهم التي لم تحقّق لهم أيّاً من الأهداف التي رفعوها مع بدء العدوان، ما يطرح خشية من الآتي الأعظم الذي يتهدّد وجودهم والذي بدأوا يتلمّسونه مع تصاعد العمليات على الجبهات كافة".