"وول ستريت جورنال": دبلوماسيون يخشون أن تعزز الأزمة الأوكرانية موقف طهران في المحادثات النووية
ثمة مخاوف بين الدبلوماسيين من أنه في ظل الخلاف بين الغرب وموسكو بشأن العملية العسكرية الروسية في أوكرانيا ،فإن هذا الصراع قد يضعف الوحدة بين القوى المتفاوضة مع إيران.
قالت صحيفة "وول ستريت جورنال" الأميركية إن المسؤولين الإيرانيين ونظراءهم الأميركيين يدخلون أسبوعًا حاسمًا من المفاوضات لاستعادة الاتفاق النووي لعام 2015، مع بقاء خلافات كبيرة حول العديد من القضايا الرئيسية، وظهور مخاوف جديدة من أن الغزو الروسي لأوكرانيا قد يعقد المحادثات.
ونقلت الصحيفة عن دبلوماسيين غربيين قولهم إن كبير المفاوضين الإيرانيين علي باقري كاني وصل إلى فيينا صباح أمس الإثنين حاملاً مواقف قد يكون من الصعب التعامل معها مع نظرائه الغربيين. ومع استمرار إيران في توسيع نطاق عملها النووي، حذر دبلوماسيون غربيون من أن المفاوضات قد تنهار إذا لم يتم التوصل إلى اتفاق هذا الأسبوع.
يقول المسؤولون الأميركيون والإيرانيون إن الخلافات تشمل نطاق تخفيف العقوبات الأميركية، والمطالب الإيرانية المستمرة بأن تقدم الولايات المتحدة ضمانات أقوى بأنها لن تخرج مرة أخرى من الاتفاق النووي، والضغط الأميركي لضمان حدوث تبادل للأسرى جنبًا إلى جنب مع استعادة الاتفاق النووي.
وظهرت قضية أخرى كعقبة حاسمة في اللحظة الأخيرة: جهود إيران لإغلاق تحقيق الوكالة الدولية للطاقة الذرية في المواد النووية الموجودة في إيران.
وتهدف محادثات فيينا إلى الاتفاق على الخطوات التي يجب على إيران والولايات المتحدة اتخاذها للعودة إلى الامتثال لاتفاق 2015، الذي حد بشكل صارم ولكن مؤقتًا من العمل النووي الإيراني في مقابل رفع معظم العقوبات الدولية عن طهران. وانسحبت إدارة ترامب من الاتفاق في عام 2018.
وأشارت الصحيفة إلى أن هناك مخاوف بين الدبلوماسيين من أنه - في ظل الخلاف بين أوروبا وواشنطن وموسكو بشأن العملية العسكرية الروسية في أوكرانيا - فإن الصراع هناك يمكن أن يضعف الوحدة بين القوى المتفاوضة مع إيران. فإلى جانب فرنسا والمملكة المتحدة وألمانيا والصين، تشارك روسيا أيضًا في المحادثات، وقد لعبت مع الصين دورًا مهمًا في دفع إيران نحو اتفاق. كما يشعر الدبلوماسيون الغربيون بالقلق من أن طهران ستشدد موقفها في لحظة حرجة.
ودفعت الأزمة الأوكرانية أسعار النفط إلى ما فوق 100 دولار للبرميل للمرة الأولى منذ ثماني سنوات، مما زاد الضغط السياسي على الرئيس الأميركي جو بايدن. وقالت الصحيفة إنه يمكن أن ينتج عن اتفاق نووي دخول ما يصل إلى مليون برميل من النفط الإيراني إلى الأسواق العالمية، مما قد يؤدي إلى انخفاض الأسعار.
وقال هنري روما، محلل شؤون الشرق الأوسط المتخصص في شؤون إيران في مجموعة أوراسيا، وهي شركة استشارية للمخاطر السياسية: "من المرجح أن تمنح الحرب لإيران يداً أقوى في المفاوضات - وهذا يزيد من خطورة أن تبالغ طهران بها".
وقلل المسؤولون الروس أمس من المخاوف بشأن الأزمة الأوكرانية التي تقوّض المحادثات النووية، حيث قال كبير مفاوضي موسكو، ميخائيل أوليانوف، إن الوضع "لا علاقة له بمحادثات فيينا".
وتم التفاوض على الاتفاق النووي لعام 2015 على خلفية ضم روسيا لشبه جزيرة القرم، حيث فرض الغرب عقوبات كبيرة عليها.
وقال مسؤول كبير في وزارة الخارجية الأميركية يوم الجمعة الماضي إن هناك أياماً متبقية لإنهاء الخلافات المتبقية.
وقال مسؤول من إحدى الدول الأوروبية في المحادثات الاثنين "يجب اتخاذ القرارات النهائية هذا الأسبوع: إما أن يكون لدينا اتفاق أو لا. إن سياق الأزمة الدولية الحالية يعني أن نافذة الفرصة تغلق".
وكان وزير الخارجية الإيراني حسين أمير عبد اللهيان، قد غرّد على تويتر يوم السبت قائلاً: "خطوطنا الحمراء واضحة للأطراف الغربية. نحن على استعداد لإبرام اتفاق جيد فوراً إذا أظهروا إرادة حقيقية".
ورأت الصحيفة أن المشكلة الأكثر صعوبة للتغلب عليها قد تكون محاولة إيران قتل تحقيق الوكالة الدولية للطاقة الذرية كجزء من استعادة الاتفاق إذ تدرس الوكالة الدولية اكتشاف المواد النووية في إيران التي من المحتمل أن تكون من مخلفات جهود في تسعينيات القرن العشرين وأوائل القرن الحادي والعشرين تزعم العواصم الغربية والوكالة الدولية للطاقة الذرية أنها كانت جزءًا من برنامج أسلحة نووية. ولطالما نفت إيران أنها أجرت أي عمل بشأن الأسلحة النووية.
وظهرت قضية مماثلة في عام 2015 قبل أن تتوصل الولايات المتحدة وإيران وقوى عالمية أخرى إلى اتفاق. وانتهى تحقيق الوكالة الدولية في العمل النووي الإيراني السابق في كانون الأول / ديسمبر 2015، حيث زعمت الوكالة أن إيران بذلت جهودًا منسقة لاكتساب المعرفة بالأسلحة النووية حتى عام 2003 على الأقل.
يقول منتقدو اتفاق 2015 إن فهم عمل إيران السابق أمر بالغ الأهمية لتقييم ما إذا كانت هذه الدولة قد أتقنت تقنية بناء سلاح نووي.
وقالت الصحيفة إن اكتشاف المادة النووية في طهران عام 2019 قد أعاد فتح القضية، وإن طهران لم تجب على أسئلة الوكالة الدولية للطاقة الذرية حول المواد، بما في ذلك من أين أتت ولماذا كانت هناك. ولمحت إيران إلى أنها ستفضل إجراء تحقيق آخر محدود المدة، لكن بعض المسؤولين الغربيين وصفوا ذلك بأنه غير مقبول.
وقال المدير العام للوكالة الدولية للطاقة الذرية رافائيل غروسي إن رفض إيران التعاون مع تحقيقها يقوّض اضطلاع الوكالة بمسؤوليتها المركزية وهي ضمان عدم قيام أي دولة بتحويل المواد النووية لأغراض غير مشروعة. وأشار إلى أن الوكالة لن تتراجع عن مهمتها.
وتتعرض واشنطن لضغوط من الحلفاء الأوروبيين و"إسرائيل" لعدم التنازل عن هذه القضية.
نقله إلى العربية بتصرف: الميادين نت