"غلوبال تايمز": جولة بايدن في آسيا.. زيارة استفزازية متوقعة للصين؟
بالإضافة إلى لعب أوراق "الأمن" و"العسكرة" السابقة، سيحضر بايدن الورقة "الاقتصادية" المناهضة للصين هذه المرة حيث سيعلن عن إطلاق الإطار الاقتصادي لمنطقة المحيطين الهندي والهادئ.
قالت صحيفة "غلوبال تايمز" الصينية في افتتاحيتها إن الرئيس الأميركي جو بايدن سيزور كوريا الجنوبية واليابان في الفترة الممتدة من 20 إلى 24 أيار / مايو الجاري. وستكون هذه أول رحلة له إلى آسيا منذ توليه منصبه.
وأشارت الصحيفة إلى أن هذه الزيارة كانت قيد التخطيط منذ بداية العام وقدمت الإدارة الأميركية إحاطة رسمية بشأنها ونُشرت تقارير إعلامية حولها بشكل مستمر. وتم بالفعل تحديد جدول أعمال الزيارة والنقاط الرئيسية التي ستتناولها بوضوح.
ورأت الصحيفة أن ثمة مؤشرات مختلفة أظهرت أن رحلة بايدن يتوقع أن تكون استفزازية تستهدف الصين. فإذا لعبت الولايات المتحدة مثل هذا الدور، فسوف يثير ذلك حتماً مخاوف في منطقة آسيا والمحيط الهادئ.
وقال رام إيمانويل، سفير الولايات المتحدة لدى اليابان، بشكل فظ إن رحلة بايدن هي "دعوة لتنبيه الصين بأن أميركا هي الحضور والقوة الدائمان في المحيط الهادئ".
وقالت الصحيفة إن المسؤولين ووسائل الإعلام الأميركية كانوا يتحدثون بصراحة مؤخراً عن كيفية تنسيق بايدن مع نظرائه في كوريا الجنوبية واليابان لاحتواء الصين أو استبعادها. وأضافت أنه في ظل هذه الخلفية (العدائية)، كيف ينبغي أن ينظر الشعب الصيني إلى التزامات الولايات المتحدة التي كررت التزامها بأنها لا تسعى إلى حرب باردة جديدة مع الصين، وأنها لا تهدف إلى تغيير نظام الصين، وأن تنشيط تحالفاتها لا يستهدف الصين، وأن الولايات المتحدة لا تؤيد "استقلال تايوان"، وليس لديها نية للدخول في صراع مع الصين؟ وتساءلت الصحيفة قائلة: كيف لا يزعج هذا كل أولئك الناس في منطقة آسيا والمحيط الهادئ الذين يعتزون بالسلام والتنمية؟
ولفتت "غلوبال تايمز" إلى أن هذا سيناريو غير طبيعي على الإطلاق في التبادلات الدولية بعد نهاية الحرب الباردة: إذ يقوم زعيم قوة عظمى بالتحريض علانية على قوة كبرى أخرى في البلدان المجاورة لها ويصمم آلية لتصنيف المعسكرات. وأضافت أن هذه الخطوة تهدف إلى تقويض الآليات الثنائية والمتعددة الأطراف القائمة على التعاون والتنمية كعناصر أساسية. وتساءلت قائلة: منذ متى أصبح هذا النوع من الدبلوماسية الجيوسياسية ذات التوجّه الشديد من الحرب الباردة أمراً مفروغاً منه من قبل الرأي العام في الولايات المتحدة والدول الغربية الأخرى؟
وقد عقد عضو مجلس الدولة ووزير الخارجية الصيني وانغ يي أمس الأربعاء اجتماعاً عبر الفيديو مع وزير الخارجية الياباني يوشيماسا هاياشي. وأشار وانغ إلى أن "ما يجعل الناس متنبهين ويقظين هو أنه حتى قبل أن يشرع الرئيس الأميركي في رحلته، كانت وجهة النظر القائلة بأن اليابان والولايات المتحدة تتكاتفان لمواجهة الصين منتشرة بالفعل، مما يخلق جواً عدائياً".
وقالت الصحيفة إن الولايات المتحدة قد استفادت من قوتها في الخطاب الدولي في محاولة لتبرير حملة الاحتواء التي تشنها ضد الصين وحتى المواجهة معها. فهي تحاول تشكيل فكرة من خلال جعل الناس معتادين عليها. لقد تسبب هذا الاتجاه للرأي العام في الولايات المتحدة والغرب في إلحاق ضرر كبير بالسلام والاستقرار الإقليمي والعالمي.
وأضافت: بالإضافة إلى لعب أوراق "الأمن" و"العسكرة" السابقة، سيحضر بايدن الورقة "الاقتصادية" المناهضة للصين هذه المرة. وقد كشفت وزيرة التجارة الأميركية جينا ريموندو الثلاثاء الماضي أن بايدن سيعلن إطلاق الإطار الاقتصادي لمنطقة المحيطين الهندي والهادئ خلال زيارته لليابان. وستركز هذه المبادرة الاقتصادية على بناء المجالات الرئيسية في الاقتصاد وسلاسل التوريد في العقود المقبلة، ليس لأن الولايات المتحدة تريد فعلاً تعزيز الازدهار الاقتصادي في منطقة آسيا والمحيط الهادئ، بل هي محاولة لدفع دول أخرى "لفك الارتباط" بالصين، ثم إنشاء "دائرة صغيرة" تستبعد الصين من جهة الاقتصاد.
ورأت "غلوبال تايمز" أن العزم شيء، والتأثير الفعلي شيء آخر، فضلاً عن أن اليابان وكوريا الجنوبية ودول أخرى في المنطقة مندمجة بعمق مع الاقتصاد الصيني، ومن الصعب "الفصل" بينها. وقالت إن السؤال الكبير هو ما إذا كان يمكن الوفاء بـ"الإطار الاقتصادي لمنطقة المحيطين الهندي والهادئ" الذي صاغته واشنطن. فالولايات المتحدة من انتخابات التجديد النصفي للكونغرس، ولم يتبقَ سوى عامين على الانتخابات الرئاسية لعام 2024، فمن يمكنه ضمان ألا يتكرر ما حدث للشراكة عبر المحيط الهادئ (TPP)؟ من منا لا يشك في التخلي عن المعاهدات على الطريقة الأميركية؟ من يستطيع أن يضمن عدم قيام الولايات المتحدة بنهب حلفائها أثناء الركود؟
وتابعت افتتاحية "غلوبال تايمز" قائلة إن عواقب إثارة الولايات المتحدة باستمرار للتوترات الإقليمية وخلق انقسامات عالمية واضحة للغاية. كانت هناك أمثلة من العراق وسوريا وأفغانستان، ثم هناك الصراع الروسي الأوكراني. والآن، تستهدف الولايات المتحدة منطقة آسيا والمحيط الهادئ، وتعتبرها لعبة شطرنج جيوسياسية وتحوّل الدول المجاورة للصين إلى بيادق يمكنها التلاعب بها متى شاءت. ومع ذلك، لطالما كان تحالف الحرب الباردة والمواجهة الجيوسياسية غير محبوبين، وأي مبادرة لخدمة هذا الهدف لم تدم طويلاً. وقالت الصحيفة: نعتقد أن معظم دول آسيا والمحيط الهادئ لديها عقلية رصينة. ليس من المجدي تخويف الصين من خلال استعارة قوة الولايات المتحدة، بل إن تضحية هذه الدول بأنفسها من أجل مصالح الولايات المتحدة ليس أمراً نافعاً.
وختمت الصحيفة بالقول إنه "على الرغم من أن وسائل الإعلام الأميركية كشفت عن الكثير من المعلومات عن قصد أو عن غير قصد عن غايات رحلة بايدن، إلا أنه لا تزال هناك احتمالات مختلفة. تزعم الولايات المتحدة نفسها كقوة في المحيطين الهندي والهادئ، وعليها أن تهتم بمنطقة آسيا والمحيط الهادئ، أرض التعاون والتنمية، بدلاً من جعلها "ساحة معركة" لألعاب محصلتها صفر. نأمل أن يتمكن بايدن في نهاية المطاف من استخدام أقواله وأفعاله لإثبات أن الرأي العام كان على خطأ. وإلا فإن الزيارة ستسجل في التاريخ على أنها مخيبة للآمال ومؤسفة ومدمرة".
نقله إلى العربية بتصرف: هيثم مزاحم