صعود آسيا وتحديات المستقبل
صحيفة "بوليتيكو" تشير إلى أنّ هناك رأياً شائعاً مفاده أنّ القرن الحالي سيشهد صعوداً آسيوياً، إذ ستجد آسيا نفسها في مقدمة ومركز تَشَكُّل موازين القوى الجيوسياسية الدولية.
كتب موحيت أناند وراجيش مهتا، مقالة مشتركة في صحيفة "بوليتيكو" تناولا فيها مستقبل آسيا في النظام العالمي الجديد، والتحديات التي تواجهها.
وأشار الكاتبان إلى أنّ ثلاثية الصين واليابان والهند، تُشكّل مركزاً للنشاط الاقتصادي العالمي، والابتكار والتصنيع بقدرات وإمكانات اقتصادية لا مثيل لها، ما يدفع نمو المنطقة إلى الأمام بشكلٍ مُطرد.
وهذا الأمر لا يعني أنّ آسيا ليس لديها نصيبها من التحديات، مع احتمال نشوب صراعات، مثل مسألة تايوان ذات الأهمية الجيوسياسية الكبيرة للصين.
كما هي كذلك العلاقات المضطربة بين الصين والهند على حدود الهيمالايا.
كذلك، لا يزال الشرق الأوسط وغرب آسيا يشهدان حالةً من عدم الاستقرار، كما هي الآثار الضارة لتغيّر المناخ محسوسة في جميع أنحاء القارة.
ولفت الكاتبان إلى أنّ حقيقة آسيا من بين الأكثر تضرراً من مسألة تغيّر المناخ لا تحتاج إلى دلائل، نظراً إلى ارتفاع مستويات سطح البحر.
وأضاف أنّ الدول "الجزرية" التي ساهمت بأقلّ قدرٍ في انبعاثات الكربون تتعرض لخطر الغرق، الأمر الذي سيؤدي بدوره إلى دفع المزيد من لاجئي المناخ الذين يلتمسون اللجوء إلى بلدان أخرى ويضاعف أعدادهم.
وتوجد في قارة آسيا أيضاً أعداد هائلة من الأشخاص الذين يعيشون في فقرٍ مُدقع، وسيتطلب الجمع بين التنمية والحد من انبعاثات الكربون حلولاً جذرية جديدة، ولا سيما في مجال التكنولوجيا النظيفة التي يمكن تنفيذها على نطاقٍ واسع.
وبالتالي، في العام 2023 وما بعده، يجب أن يشمل أيّ حل مقترحاً لخفض الانبعاثات.
ولحسن الحظ، فإنّ قمّة قادة مجموعة العشرين التي اختتمت مؤخراً في بالي ستتبعها الآن مجموعة العشرين المقبلة في الهند، ما يُزيد التركيز على الجنوب العالمي.
إنّ تعاون آسيا واستعدادها للتحول إلى الجهود العالمية للحد من تغير المناخ هو أمر أساسي بالنسبة للبيئة.
ومع وجود نحو 60% من سكان العالم يعيشون في القارة، فإنّ الانتقال إلى الاستدامة والقدرة على الوفاء بالتزامات المناخ العالمي يتطلب حقاً التعاون والدعم والمبادرة من كل دول المنطقة والعالم على حدٍ سواء.
الصين وبحرها الجنوبي ودور آسيا المتنامي
يقول الكاتبان، أنّ سيطرة بكين على تايوان يُتيح لها السيطرة الكاملة على بحر الصين الجنوبي، المتنازع عليه بضراوة.
وهذا من شأنه أن يسبب صدمةً كبيرة لسلاسل التوريد في جميع أنحاء العالم. إذ ستواجه المنظومة الغربية التي لا تزال تُعاني من الصراع في أوكرانيا، ضغوطاً شديدة لاتخاذ الخيار الصعب المتمثل في سحب الاستثمارات من الصين، كما فعلت مع روسيا.
وسيكون القرار هنا أكثر إيلاماً، إذ إن الاعتماد على الصين أكبر بكثير.
وفي العقود المقبلة، ستجد آسيا نفسها في مقدمة ومركز التحولات الجيوسياسية، ولا سيما مع نشاطات التحالفات المهمة لدول القارة، مثل "الإطار الاقتصادي الهندي والمحيط الهادئ من أجل الرخاء"، و"مبادرة الحزام والطريق" الصينية، وغيرها.
سيكون العام المقبل حاسماً في مواجهة التحديات الملحة مع ارتقاء المنطقة إلى مستوى المناسبة.
وختم الكاتب بالقول: "في النهاية، الدور المتنامي لقارة آسيا، في النظام العالمي الجديد، سيتوسع على المدى الطويل والقصير".
نقله إلى العربية | حسين قطايا