صحيفة أميركية: فصام استراتيجية الأمن القومي لبايدن
وسائل إعلام أميركية تتحدث عن تحول خطاب إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن من الالتزام بخيارات السياسات الخارجية بمصالح شرائح الطبقة الوسطى الأميركية، إلى الدعوة إلى مواجهة مروعة بين المنظومة الغربية وبقية العالم.
نشرت الكاتب في مجلة "ريسبونسبل ستيت كرافت"، ماركوس ستانلي، تقريراً بعنوان: "فصام استراتيجية الأمن القومي لبايدن"، يقول فيه إن استراتيجية الرئيس الأميركي جو بايدن بشأن السياسة الخارجية تعترف بأهمية الصين في النظام العالمي، وبالحاجة إلى شكل من أشكال التعاون معها.
وفيما يلي نص التقرير منشوراً إلى العربية:
أعلنت إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن مؤخراً عن استراتيجيتها للأمن القومي التي طال انتظارها، وهي أول وثيقة من نوعها منذ العام 2017. ويظهر بوضوح الفصام الملفت في توجه البيت الأبيض، حيث التشتت قي لغة الإعلان بين الوعود الطموحة لقيادة التعاون العالمي في مواجهة التحديات العابرة للحدود الوطنية، وتصوير انخراط العالم في صراعات شبه مستعصية.
تبدو مؤسسة السياسة الخارجية الأميركية، متفهمة للحاجة إلى التعاون الدولي، لكنها تبدو أيضاً أنها تحمل هذا العنوان شكلياً، في مقابل انخراطها العملي في تنافس يولد تيارات يمكن لها أن تقسم العالم وتجعل مثل هذا التعاون مستحيلاً.
حين تولى الرئيس بايدن منصبه، أطلق وعوداً كثيرة عبر إعادة تركيز السياسة الخارجية الأميركية، بما يتناسب محلياً مع احتياجات الطبقة الوسطى، وقيادة التعاون العالمي في مواجهة أزمة المناخ، وخفض سخونة الصراعات العالمية. ومنها العودة إلى الاتفاق النووي مع إيران كوسيلة لتقليل التوترات، وكان يعتزم الحفاظ على التعاون مع الصين في المجالات الرئيسية المختارة حتى مع استمرار الإدارة الأميركية في تحوّل إدارة ترامب نحو "منافسة استراتيجية" شديدة الحدة مع الصين.
ويقول الكاتب، إن بايدن سعى إلى إقامة علاقة مستقرة تتطور إيجاباً على الدوام مع روسيا. وكان أول قرار رئاسي اتخذه في السياسة الخارجية، إنهاء الاحتلال الأميركي لأفغانستان الذي استمر لعقدين من الزمن.
وبعد الانسحاب من أفغانستان بعامين، يبدو أن العالم يتأرجح على شفا حرب باردة جديدة مع كل المخاطر والتكاليف التي تنطوي عليها.
إن التعاون بين الصين والولايات المتحدة في حالة جمود عميق بسبب سلسلة لا نهاية لها من الاستفزازات المتبادلة، ولا سيما حول تايوان، إذ يضغط حزب الرئيس عليه ليكون أكثر عدوانية في مواجهة بكين.
كذلك، تعثرت المفاوضات لاستعادة الاتفاق النووي الإيراني، وخلال رحلة بايدن منذ أشهر إلى الشرق الأوسط، بدأ يهدد بمزيد من تسعير الحرب في أوكرانيا، ويطلب المساعدة في تحقيق رغبة واشنطن بتعطيل جهود الدبلوماسية لكبح جماح نيران الصراع.
وبينما يقف حلفاء الولايات المتحدة الأساسيون في أوروبا، واليابان، إلى جانبها ضد كل من روسيا، والصين، تفشل واشنطن في جذب دول عديدة مهمة في جنوب الكرة الأرضية، بما في ذلك بعض أكبر الديمقراطيات في العالم كما هو الحال في الهند والبرازيل، التي رفضت إدانة روسيا.
علاوة على ذلك، تحول خطاب إدارة بايدن من الالتزام بخيارات السياسات الخارجية بمصالح شرائح الطبقة الوسطى الأميركية، إلى الدعوة إلى مواجهة مروعة بين المنظومة الغربية وبقية العالم على الأرجح.
تعترف استراتيجية بايدن للسياسة الخارجية بأهمية الصين في النظام العالمي، والحاجة إلى شكل من أشكال التعاون معها. ولكن، يقترن هذا باتهامات متكررة بأن الصين تعتزم إعادة تشكيل النظام العالمي بقوة عبر طرق ضارة وغير ليبرالية من شأنها الإضرار بمصالح الولايات المتحدة والسلام العالمي.
ويبدو من غير المحتمل أن يؤدي هذا إلى تغيير دوامة الانحدار في العلاقات بين الولايات المتحدة والصين. خاصة، وأن لا مصداقية للولايات المتحدة اذا ما قورنت بالصين، التي"غزت" دولة واحدة فقط منذ العام 1979، بينما انخرطت الولايات المتحدة بشكل مباشر في صراع عنيف في 6 دول على الأقل خلال الفترة نفسها.
إعلان إدارة بايدن الاستراتيجي يتّسم ببعض الوعي بمخاطر الانقسامات العالمية، والحاجة إلى التعاون. لكن التحدي المتمثل في الانتقال من هذا الوعي إلى تحول عملي حقيقي ما يزال في تجاه يعاني فصاماً حاداً.