"ذا كونفرسيشن": هل تقلّص العلاقات الاقتصادية الصينية الخليجية نفوذ الغرب؟
تمتلك أميركا قواعد عسكرية في جميع دول الخليج الست، ولكن دول مجلس التعاون تبحث عن طرق لتنويع اعتمادها المفرط على الولايات المتحدة باعتبارها الضامن الأساسي للأمن.
كتب برايان كيو مقالة في مجلة "ذا كونفرسيشن" الأميركية تناول فيها العلاقات المتنامية بين الصين ودول الخليج العربية، وتوجّه هذه الدول لعدم الاعتماد الأحادي على الولايات المتحدة الأميركية.
وقال الكاتب إنه في نهاية تشرين الثاني / نوفمبر 2022، أعلن رئيس الوزراء البريطاني ريشي سوناك أن "العصر الذهبي" بين بريطانيا العظمى والصين قد انتهى. ربما لم تكن الصين منزعجة كثيراً من هذه الأخبار، وكانت منشغلة في تكوين أصدقاء مؤثرين في أماكن أخرى.
في أوائل كانون الأول / ديسمبر الجاري، التقى الرئيس الصيني شي جين بينغ بقادة مجلس التعاون الخليجي. كانت هذه القمة التي عُقدت في السعودية هي أحدث خطوة فيما يظهر أنه علاقة وثيقة بشكل متزايد بين الصين ودول الخليج العربية.
نمت العلاقات الاقتصادية باستمرار لعدة عقود (إلى حد كبير على حساب التجارة مع الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي) وهي مناسبة بشكل خاص لاحتياجات كل من الطرفين.
ببساطة، تحتاج الصين إلى النفط، بينما تحتاج دول الخليج إلى استيراد السلع المصنعة بما في ذلك الأدوات المنزلية والمنسوجات والمنتجات الكهربائية والسيارات.
كان النمو الواضح للصين في العقود الأخيرة ذا أهمية خاصة لاقتصادات دول الخليج الغنية بالنفط. بين عامي 1980 و2019، نمت صادراتهم إلى الصين بمعدل سنوي قدره 17.1%. في عام 2021، جاءت 40% من واردات الصين من النفط الخام من دول الخليج، مع 17% من السعودية وحدها.
ومن المرجح أن يستمر النفط في التدفق في اتجاه الصين. في عام 2009، كان من المتوقع أن تحتاج الصين 14 مليون برميل من النفط يومياً بحلول عام 2025. في الواقع، وصلت الصين إلى هذا الرقم في عام 2019، ومن المتوقع أن تحتاج إلى 17 مليون برميل يومياً على الأقل بحلول عام 2040.
استفادت الصين من زيادة الطلب على منتجاتها المصنعة، حيث نمت الصادرات إلى الخليج بمعدل سنوي قدره 11.7% خلال العقد الماضي. لقد تفوقت الصين على الولايات المتحدة في عام 2008 ثم على الاتحاد الأوروبي في عام 2020 لتصبح أهم مصدر للواردات في الخليج.
وأشار الكاتب إلى أن دول الخليج العربية عملاء جيدون بالنسبة للصين. من المتوقع أن تنمو اقتصادات دول الخليج بنحو 5.9% في عام 2022 (مقارنة بالنمو الباهت المتوقع 2.5% في الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي ) وأن توفر فرصاً جذابة للاقتصاد الصيني الموجه نحو التصدير.
ترافق اعتماد دول الخليج العربية المتزايد على التجارة مع الصين مع انخفاض في شهيتها لاتباع القيادة السياسية والثقافية للغرب.
في الآونة الأخيرة، رفضت دول الخليج العربية بشكل خاص دعم الغرب في إدانة "الغزو الروسي لأوكرانيا". كما هددت هذه الدول شركة نتفليكس Netflix باتخاذ إجراءات قانونية ضد ترويجها للمثلية الجنسية، في حين أن قطر حظرت أعلام قوس قزح التي تدعم المثلية الجنسية في مباريات كأس العالم 2022.
وأضاف الكاتب: لذا جاءت زيارة الرئيس شي في توقيت جيد لتوضيح تعزيز هذه الشراكة المهمة. ويبدو أن تعميق العلاقات التجارية بين الخليج والصين أمر محتمل. لكن على الجبهة السياسية يصعب التنبؤ بالتطورات. فالصين تسعى إلى حماية مصالحها في الشرق الأوسط في ضوء "مبادرة الحزام والطريق"، مشروعها الاستثماري الطموح عبر القارات والبنية التحتية.
ونساءل الكاتب: لكن إلى أي مدى قد تكون دول الخليج العربية مستعدة للتضحية باتفاقياتها الأمنية طويلة الأمد مع القوى الغربية من أجل البحث عن اتفاقيات جديدة مع أمثال بكين؟
وقال: في الوقت الحالي، تمتلك أميركا قواعد عسكرية في جميع دول الخليج الست، ولكن من الموثق جيداً أن دول مجلس التعاون الخليجي تبحث عن طرق لتنويع اعتمادها المفرط على الولايات المتحدة باعتبارها الضامن الأساسي للأمن (شعور داخل التكتل ظهر عندما كان باراك أوباما رئيساً، ولكن بدرجة أقل مع دونالد ترامب، ولكنه يتصاعد مرة أخرى مع جو بايدن).
وتابع: في الفترة المقبلة، ستحتاج دول مجلس التعاون الخليجي إلى تحديد المسار الاجتماعي والاقتصادي الذي يجب اتباعه في حقبة ما بعد النفط، حيث ستحدد الاقتصادات المعززة بالذكاء الاصطناعي والقائمة على المعرفة، الوتيرة. عند اختيار العلاقات الإستراتيجية التي تتجاوز التجارة وحدها، ستحتاج دول الخليج العربية أن تتساءل عما إذا كان الإبداع والإمكانيات الإبداعية لشعوبها ستخدم بشكل أفضل من خلال الولاءات للحكومات الاستبدادية أو الخاضعة للمساءلة.
نقله إلى العربية بتصرف: الميادين نت