"أف 16" في مواجهة "ميغ 29": من سينتصر في سماء أوكرانيا؟
ظهور العشرات من طائرات "أف 16" الأميركية لن يغير مسار العملية العسكرية الروسية الخاصة بشكل جذري، ولكن إذا ظهرت، فسيتحتم علينا التعامل معها.
تحت عنوان "من سيخرج منتصراً في سماء أوكرانيا؟ وإلامَ سيؤدي تسليم كييف طائرات الناتو؟"، كتب المراقب العسكري في صحيفة "كومسمولسكايا برافدا" المسكوفية فيكتور بارانيتس عن مزايا المقاتلة الروسية "ميغ 29" ومدى تفوقها على الطائرة الأميركية "أف 16"، التي وعدت الولايات المتحدة ودول الناتو الأخرى أوكرانيا رسمياً بتزويدها بعدد منها وتدريب الطيارين الأوكرانيين على قيادتها.
وفيما يلي نص المقال كاملاً منقولاً إلى العربية:
أثناء قمة مجموعة السبع، صرح الرئيس الأميركي جو بايدن بأنَّ "الولايات المتحدة مع حلفائها ستبدأ بتدريب الطيارين الأوكرانيين على مقاتلات الجيل الرابع، بما في ذلك مقاتلات "أف 16"، وردد وزير خارجية هولندا فوبكه هويكسترا أن "تدريب الطيارين الأوكرانيين على طائرات من طراز "أف 16" سيبدأ قريباً جداً".
تنشأ هنا أسئلة كثيرة سنحاول الإجابة عنها:
1. هل يؤدي تسليم كييف طائرات "أف 16" إلى تغيير مسار العملية العسكرية الخاصة؟
كل شيء يعتمد على عدد هذه الطائرات المقاتلة ومستوى احتراف الطيارين ومدى فعالية الدفاع الجوي الروسي وقدرة طيارينا على مواجهة الطائرات الأميركية بمهارة. كي تعمل طائرة "إف 16" بشكل احترافي، يحتاج الطيار إلى تدريب شامل. لهذا (وفق المدربين الأميركيين)، يحتاج الطيار إلى نصف عام أو عام من التدريب الجوي النشط. وبالتالي، لن يظهر الطيارون الأوكرانيون في قمرة قيادة طائرات "أف 16" في سماء منطقة العملية العسكرية الروسية الخاصة غداً، وإلا سيكونون بلا تدريب كافٍ، وستكون معركتهم الجوية قصيرة.
لكن لا يمكن استبعاد وجود طيارين أميركيين أو بولنديين أو بريطانيين مدربين تدريباً جيداً في قمرات قيادة طائرات "أف 16"، وستكون المعركة معهم مختلفة تماماً، كما أن طياري الناتو أيضاً ليس لديهم الخبرات القتالية التي حصل عليها طيارونا خلال العملية العسكرية الخاصة. إضافة إلى ذلك، يمتلك الجيش الروسي دفاعاً جوياً فعالاً أثبت نفسه خلال المعارك.
الخلاصة: إن ظهور العشرات من طائرات "أف 16" الأميركية لن يغير مسار العملية العسكرية الروسية الخاصة بشكل جذري، ولكن إذا ظهرت، فسيتحتم علينا التعامل معها.
2. لماذا يحتاج زيلينسكي إلى أجنحة؟
السبب الرئيس هو أن القوات الجوية الروسية تتفوق على القوات الجوية الأوكرانية بـ4 أو 5 أضعاف؛ فقد دمرت أكثر من 70% من الطائرات المقاتلة الأوكرانية. أما الطائرات الباقية، فهي مقاتلات وقاذفات سوفياتية الصنع من طراز "ميغ 29" و"سو 25"، حصلت عليها أوكرانيا من الدول الاشتراكية السابقة، وتم جمعها في بولندا ورومانيا وسلوفاكيا. هذا لا يسمح للقوات المسلحة الأوكرانية بالعمل بفعالية على الأرض، بما في ذلك أثناء "الهجوم المضاد" الموعود.
تدمر المقاتلات الروسية والطائرات الهجومية والقاذفات (بما في ذلك الطائرات بعيدة المدى) الطائرات الأوكرانية يومياً (تم إسقاط أكثر من 420 طائرة خلال العملية العسكرية الخاصة، بما في ذلك تلك التي تم نقلها إلى كييف من قبل دول الناتو الأوروبية التي كانت في السابق جزءاً من المعسكر الاشتراكي).
3. ما مزايا طائرة الناتو؟
طائرة "أف 16" هي مقاتلة متعددة الوظائف من الجيل الرابع تتمتع بصفات طيران جيدة. وبفضل صواريخها وقنابلها عالية الدقة، فإنها قادرة على إلحاق أضرار جسيمة بالعدو. إضافة إلى الصواريخ، يوجد على متنها مدفع "M61A1" سداسي الأسطوانة، ويمكنها إطلاق مقذوفات اليورانيوم المنضب. تعد "إف 16" الأفضل بين الطائرات ذات المحرك الواحد لدى حلف شمال الأطلسي.
ومن خصائصها الأدائية الرئيسة أن مدى طيرانها يصل إلى 4 آلاف كيلومتر، وأقصى ارتفاع تبلغه هو 18 كيلومتراً، ويتراوح الشعاع القتالي للطائرة بين 1361 و1759 كيلومتراً، ويتألف طاقمها من طيار واحد، وتبلغ سرعتها القصوى 2.145 كم/ساعة، ويوجد لديها 9 نقاط للحمولة يمكنها أن تحمل صواريخ جو - أرض صواريخ جو - جو وقنابل قابلة للتعديل.
4. أي مقاتلة روسية قابلة للمقارنة بها؟
غالباً ما يقارن الخبراء طائرة "ميغ 29" بالطائرة الأميركية. لماذا؟ لأن هاتين المقاتلتين من الجيل الرابع، وتنتميان إلى فئة الطائرات المقاتلة الخفيفة.
في القتال الجوي، تؤدي الرؤية الشاملة للطيار دوراً مهماً، وتتمتع طائرة "أف 16" به بشكل أفضل، لكن "ميغ 29" أكثر حماية من نيران العدو. كما أنَّ الطائرة الروسية تتمتع بخصائص أقوى أثناء المناورات القتالية. ترجع هذه الميزة إلى وجود محركين وتصميم متكامل لديها. أما "أف 16"، فلديها محرك واحد فقط.
محركا الطائرة الروسية يوفران المزيد من الأمان؛ فإذا ما تعطل أحدهما، سيوفر الثاني جميع الوظائف أثناء المهمة القتالية. أما إذا تعطل محرك طائرة "أف 16" أو إذا أصابتها قذيفة، فمحكوم عليها بالسقوط.
لدى الطائرتين صواريخ جو - جو متوسطة المدى، لكن صواريخ "إر 77" الروسية تطير إلى مسافة 100 كيلومتر. أما صواريخ "أمرام" الأميركية، فيبلغ مداها الأقصى 75 كيلومتراً. للقتال القريب، تم تجهيز "ميغ 29" بصواريخ "إر73ي" ذات رؤوس موجهة بالأشعة تحت الحمراء. ولدى هذه الصواريخ أيضاً مدى أطول من صواريخ "أف 16". كذلك، جهزت طائرات "ميغ 29" بمدافع من عيارات كبيرة تطلق النيران إلى مسافات أبعد، وتستخدم أجهزة تحديد المدى بالليزر لإصابة أهدافها بدقة.
تبلغ السرعة القصوى للطائرة الروسية 2300 كم/ساعة، فيما تبلغ السرعة القصوى للطائرة الأميركية 2145 كم/ساعة.
5. من سيفوز في المبارزة الجوية؟
لم يحدث حتى الآن تصادم مباشر في السماء بين مقاتلات "أف 16" و"ميغ 29"، لكن المصممين الأميركيين والروس على حد سواء ينشئون محاكاة لهذه المبارزة باستمرار على شاشات الكمبيوتر، فما هي النتيجة؟ بالنسبة إلى المتخصصين الأميركيين، فإن طائرتهم تفوز، ولكن في أي صراع عسكري حقيقي نادراً ما يتعلق الأمر بالمبارزات الجوية، إذ من المرجح أن تصاب الطائرات من الأرض بصواريخ الدفاع الجوي.
لكن دعونا نستمع إلى ما تم الكشف عنه من طيار في سلاح الجو الأميركي حلّق بكلتا الطائرتين:
لدى طائرة "ميغ 29" نقاط قوة. يمكن للطيار تجاوز زاوية الهجوم. هذا مهم عند المناورة عمودياً أو في محاولة يائسة للوصول إلى عدو أو تجنب التعرض للقصف. إن نظام تحديد الهدف المثبت على خوذة الطيار في طائرة "ميغ 29"، عند التلاحم، لا يعطي العدو فرصة للنجاة. إنه أفضل بكثير من نظيره الأميركي. فقط من خلال إدارة رأسه، يمكن لطيار "ميغ 29" التصويب على الهدف وضربه.
عبر ربط نظام التوجيه المثبت على الخوذة مع الصواريخ التي تحملها طائرة "ميغ 29"، حقق الطيارون انتصارات في معظم المعارك القائمة على محاكاة إلكترونية. من البداية، عندما تكون الطائرة ضمن النطاق المرئي، فإن "ميغ 29" تتفوق بميزة، فمدفعها دقيق للغاية ما دام المطلوب إصابة الهدف.
6. هل يمكن لـ"أف 16" تفادي دفاعنا الجوي؟
تمتلك روسيا دفاعاً جوياً متطوراً من أنظمة "بوك-إم3"، و"تور-إم2"، و"بانتسير-سي1"، وأنظمة قوية من صواريخ "إس-400". بالطبع، إن طائرات "أف 16" الأميركية ليست أسهل هدف، ولكن أنظمتنا ستسقطها من دون شك.
7. كم عدد الطائرات التي يستطيع الغرب إرسالها؟
يتم الحديث حتى الآن عن 50 مقاتلة من طراز "إف 16"، لكن حتى لو زودت الولايات المتحدة ودول الناتو الأخرى أوكرانيا بالكثير من الطائرات، فإن هذا لن يغير الوضع جذرياً في السماء. تمتلك القوات الجوية الروسية أضعافاً مضاعفة من الطائرات المقاتلة.
8. كم تكلفة الطائرات المقاتلة؟
يتراوح سعر طائرة "أف 16" بين 34 و120 مليون دولار. مرد هذا الهامش الكبير في السعر إلى أنه يعتمد على التعديلات. أما تكلفة طائرتنا من طراز "ميغ 29"، فأكثر تواضعاً، وهي تتراوح بين 30 و40 مليون دولار.
9. من أين ستقلع طائرات "أف 16"؟
في الواقع، ما المطارات الأوكرانية التي ستنطلق منها طائرات "أف 16" الأميركية؟ كل المطارات في مرمى نيراننا. إذاً، هل يخططون للإقلاع من أراضي بولندا ورومانيا؟
لقد قدم دبلوماسيونا الإجابات الأولى. على سبيل المثال، قال السفير الروسي لدى الولايات المتحدة أناتولي أنتونوف: "إن نقل طائرات مقاتلة من طراز "أف 16" إلى كييف سيثير مسألة تورط الناتو في الصراع، وستكون له عواقب بعيدة المدى".
وماذا نسمع من السياسيين والجنرالات الأميركيين؟ لقد وعدوا بنشر طائرات "أف 16" في أوكرانيا، لكنها خدعة. إن موقع الطائرات الأميركية، حتى في المطارات الواقعة في أقصى غرب أوكرانيا، لن ينقذها من هجمات صواريخ "كاليبر" و"كينجال" أو الصواريخ الروسية الأخرى عالية الدقة، مثل "خ-101" و"خ-55" (تصل إلى الهدف حتى من مسافة 2500 كيلومتر).
لذلك، هناك احتمال كبير بأن تعرض كييف على وارسو "إخفاء" طائرة "أف 16" في مطاراتها كضرب احتيال. إذا كانت روسيا تعتزم إطلاق صواريخ على المطارات البولندية، فسيتم اعتبار ذلك هجوماً على إحدى دول الناتو، وهو بالضبط ما تحتاجه كييف. هل هذه بالفعل حرب عالمية؟ كيفما نظرنا إلى الأمر، فإن تزويد كييف بطائرات "أف 16" يمكن أن يصبح فتيلاً مؤثراً في تفاقم المواجهة بين الناتو وروسيا؟
نقله إلى العربية: عماد الدين رائف.