غضب فلسطيني من قرار واشنطن إنهاء تمويل الأونروا
يقول النقاد إن الخطوة الأميركية بوقف تمويلها لوكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا) قد تزيد من زعزعة استقرار الشرق الأوسط.
تناولت صحيفة الغارديان البريطانية وقف إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب تمويلها لوكالة الأونروا التي تقدم الخدمات لخمسة ملايين لاجئ فلسطيني في محاولة لإغلاق الوكالة وإنهاء قضية اللاجئين وحق العودة لهم.
وقالت إن الفلسطينيين قد أدانوا القرار الأميركي بقطع المساعدة للوكالة الدولية التي تقوم في تعليم وإطعام وتوفير الصحة لأكثر من خمسة ملايين لاجئ فلسطيني في دول عدة، واعتبروا القرار "اعتداء فاضحاً" على حقوقهم.
وكانت وزارة الخارجية الأميركية قد أعلنت الجمعة أنها لن تدعم بعد الآن وكالة الأونروا التي تعمل في الأراضي الفلسطينية المحتلة والأردن وسوريا ولبنان. ووصفت المنظمة بأنها "معيبة بشكل لا يمكن إصلاحه".
وقالت الغارديان إن هذا الإعلان قد أثار غضباً وقلقاً حتى لو كان متوقعًا على نطاق واسع. ويرى بعض النقاد هذه الخطوة كجزء من خطة منسقة لتقويض الشرق الأوسط. إذ يعني القرار أن الولايات المتحدة، أكبر مانح للأونروا، سوف تحجب 300 مليون دولار من الأموال السنوية، التي وافقت على تقديمها لها فقط في كانون الأول - ديسمبر الماضي.
وكان دونالد ترامب قد أوقف بالفعل 200 مليون دولار من المساعدات الثنائية لغزة والضفة الغربية.
وقال الفلسطينيون إنهم يعتبرون هذه الخطوة معادية، خاصة بعد أن اعترفت إدارة ترامب بالقدس عاصمة لإسرائيل، إذ يعتبر الفلسطينيون أن الجزء الشرقي من المدينة هو عاصمة لدولتهم المستقبلية.
وقال متحدث باسم الرئيس الفلسطيني محمود عباس يوم السبت "هذه الخطوة لا تخدم السلام بل تقوي الارهاب في المنطقة." وندد بأنها "اعتداء صارخ على الشعب الفلسطيني وتحدي لقرارات الأمم المتحدة ".
وقال صائب عريقات ، كبير المفاوضين الفلسطينيين، إن تأثير هذه الخطوة سيكون خطيراً وسريعاً على ملايين الفلسطينيين الذين يعتمدون على الوكالة. وقال "إن هكذا قرار يهدف إلى إغلاق مدارس وعيادات ومستشفيات وتجويع الشعب". وأضاف أن هذا الفراغ في الخدمات قد يستغله المتطرفون مشيراً إلى أن السلطة الفلسطينية قد ساعدت وكالة الأونروا في مخيمات لبنان وسوريا لسنوات عديدة.
وقال عريقات إن هذا الإنفاق كان "من أجل عدم السماح لتنظيمات إرهابية مثل داعش بتجنيد شعبنا هناك. الآن، مع هذا الخفض، ماذا يعني هذا؟ ... هذه العناصر التي تريد تحقيق سلام يرتكز على حل سلمي، ودولتين، يتم تدميرها".
وقال المتحدث باسم الأونروا كريستوفر غانيس إنه في الوقت الحالي، هناك تمويل كافٍ لشتغيل مدارس وعيادات لمدة شهر فقط، مشيراً إلى أن الوكالة قد واجهت عجزاً قدره 217 مليون دولار في ميزانيتها، والتي ستعمل على تعويضها من مصادر أخرى.
ووصف هشام ساق الله أحد سكان غزة هذه الخطوة بأنها "ابتزاز سياسي" من شأنه أن يزيد الاضطرابات. وقال "في غزة، تخدم 252 مدرسة تابعة للأونروا أكثر من 240400 طالب".
وقد تعهدت الدول الأوروبية والعربية بحماية الأونروا وتعهدت ألمانيا بزيادة كبيرة في الدعم المالي لها.
إن "المخيمات" التي تدعمها الأونروا كانت موجودة منذ ما يقرب من 70 عاماً، وهي أشبه بالقرى أو مدن الصفيح. لديهم المباني الدائمة ولكن في كثير من الأحيان خدمات قليلة.
ورأت الغارديان أن هذه الخطوة ذات تأثيرات سلبية على خمسة ملايين شخص يعتمدون على المدارس والرعاية الصحية والخدمات الاجتماعية إذ لا تخدم وكالة الأونروا اللاجئين الفلسطينيين في الأراضي الفلسطينية المحتلة فحسب، بل في الأردن وسوريا ولبنان أيضًا.
ويأتي هذا الإعلان بعد أيام من قول الولايات المتحدة أنها تسحب 200 مليون دولار من وكالتها للتنمية الرئيسية، يو أس آيد USAid ، للبرامج القائمة إلى حد كبير في غزة حيث تساعد عشرات الآلاف من الناس.
ولطالما كانت الولايات المتحدة أكبر مانح منفرد للأونروا، متعهدة بثلث تمويلها بقيمة 1.1 بليون دولار سنوياً، لكن في وقت مبكر من هذا العام خفضت الإدارة الأميركية دفعة محددة للأونروا من 130 مليون دولار إلى 65 مليون دولار، قائلة إن الوكالة بحاجة إلى إجراء إصلاحات غير محددة ودعت الفلسطينيين لإحياء محادثات السلام.
يأتي ذلك بعد تصريحات لمندوبة الولايات المتحدة الدائمة لدى الأمم المتحدة نيكي هايلي، هذا الأسبوع، شككت فيها في إحصاء الأمم المتحدة لعدد اللاجئين الفلسطينيين. وقالت هايلي، في تصريحات في "مؤسسة الدفاع عن الديموقراطيات"، وهي معهد بحثي في واشنطن يتعاطف مع إسرائيل، إن وكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين تبالغ في أعداد اللاجئين الفلسطينيين. وقالت: "سنكون أحد المانحين إذا قامت (أونروا) بإصلاح ما تفعله... إذا غيرت بشكل فعلي عدد اللاجئين إلى عدد دقيق سنعيد النظر في شراكتنا لهم".
تخفيض تمويل الأونروا قد تم تفسيره على نطاق واسع كخطوة فظة من جانب الولايات المتحدة لاستبعاد بشكل أحادي إحدى نقاط الخلاف الرئيسية في مفاوضات السلام، وهي حق العودة للفلسطينيين. ويخشى الفلسطينيون من أن واشنطن تحاول نزع الشرعية عن وضع اللاجئين وأبنائهم.
ترجمة: هيثم مزاحم - الميادين نت