"ynet": أبرز التهديدات لـ"إسرائيل" هي قيادتها وإيران نووية والصواريخ فرط الصوتية
يقول الصحافي الإسرائيلي رون بن يشاي، إن "تهديدات العام المقبل" هي، إيران نووية والصواريخ فرط الصوتية وهجمات السايبر وغياب الثقة بالقيادة السياسية والعسكرية في "إسرائيل". وفيما يلي نص التقرير المترجم.
ذكر تقرير لموقع "ynet" الإسرائيلي أنه ليس هناك دولة في الشرق الأوسط – وعملياً في العالم بأسره – لم يؤثر عليهما واقع كورونا والانتخابات الأميركية. الخط الحاكم، في إيران أيضاً، كان جهد تقليص الوفيات والخسائر الاقتصادية التي سببتها كورونا، أو على الأقل تقليص الاحتكاك مع إدارة بايدن الذي ستكون سياسته الخارجية والأمنية على النقيض من سياسة ترامب. على ما يبدو، ستكون مشابهة أكثر لسياسة إدارة أوباما، لكن أكثر محافظة وصقورية منها.
على ما يبدو، هذان الجهدان سيميزان منطقتنا وسيؤثران على ما سيحصل فيها في السنتين المقبلتين، ما يمنح "إسرائيل" فترة للاستعداد للتعامل مع 4 مجالات توجد فيها ثغرة مقلقة عندنا، بين الموجود وبين الحد الأدنى من المحبّذ: النووي الإيراني؛ هجوم مفاجئ على الجبهة الداخلية بواسطة أسلحة منحنية، صواريخ جوّالة، طائرات مسيّرة وتوغلات برية؛ هجمات سايبر وهجمة صواريخ أُلترا وهيبر-صوتية (فرط-صوتية) على البنى التحتية العسكرية والمدنية في "إسرائيل"؛ وفقدان ثقة الشعب بالقيادة المدنية والعسكرية الرفيعة المستوى ونتيجة ذلك التقوّض المستمر في المِنعة الوطنية.
هذه ليست التهديدات الوحيدة على "إسرائيل". البروفيسور دان شيفطان من جامعة حيفا رسم في عملٍ بحثي أصدره قبل أسبوع الصورة الشاملة للتهديدات الاستراتيجية المنعكسة عليها. حتى أنه يقترح استراتيجية شاملة وواقعية لتعاملٍ بعيد المدى مع هذه التهديدات.
سلاحٌ نووي بيد إيران يمكن أن يشكل تهديداً وجودياً على "إسرائيل"، (خصوصاً إذا دفع دولاً إضافية إلى التسلّح به). لذلك، "إسرائيل" تبذل جهوداً ملحوظة في مساعدة المجهود الدولي لعرقلة عملية تطوير النووي في إيران. لكن، "إسرائيل" ليس لديها اليوم استراتيجية ووسائل تمكّننا من التعامل بنجاعة مع وضعٍ تصبح فيه إيران قوة عظمى نووية، أو حتى وضع تكون فيه إيران "دولة على عتبة النووي"، بحيث يمكنها صنع رأسٍ حربي نووي خلال أسابيع أو أشهرٍ معدودة.
هناك احتمال معقول بأن نقف أمام وضعٍ كهذا بعد سنتين أو ثلاث، إذا لم تُثمر جهود بايدن لصياغة اتفاقٍ نووي جديد. وحتى لو كان هناك اتفاق نووي جديد، من الممكن الافتراض أنه سيكون محدوداً بفترة زمنية تحقق بعدها إيران طموحاتها النووية ثم في أعقابها دول إضافية في المنطقة.
لقد أثبت الإيرانيون أنهم لن يتخلوا عن برنامجهم النووي، وقد فعلوا هذا في الماضي، وبزخمٍ أكبر في السنتين الأخيرتين، عندما لم يُذعنوا لـ"أقصى الضغط" الاقتصادي الذي مارسه عليهم ترامب بعد انسحابه من الاتفاق النووي الذي وقّع عليه أوباما في العام 2015. يمكن التقدير أن إيران ستواصل السعي نحو سلاحٍ نووي وستواصل تحسين وتطوير تشكيل صواريخ ووسائل تحليق أخرى ستحمل الرؤوس الحربية النووية إلى أهدافٍ قريبة (إسرائيل) وبعيدة (أوروبا).
لا يكفي أن يكرر قادة الأمن في "إسرائيل" والرئيس الأميركي أنه "لن نسمح بأن يكون لإيران سلاح نووي". يجب ان يكون من وراء هذه المقولة رافعات ضغطٍ دبلوماسية واقتصادية وعسكرية، أو غيرها، ويكون بالإمكان بواسطتها إقناع أو إجبار نظام آيات الله على التخلي عن القدرات النووية العسكرية التي راكمها.
لكن الواقع المر هو أنه ليس بيد "إسرائيل" والولايات المتحدة وحلفائهما في أوروبا وفي الشرق الأوسط أي وسيلة كهذه. النظام والشعب في إيران أثبتا أنهما صامدان أمام ضغطٍ اقتصادي مكثّف. بالطبع يوجد هنا خيار عسكري، لكن إذا أُنزلت غداً ضربة عسكرية أو هجوم سايبر بإيران، مهما كانا ناجحان، كل ما يمكننا وحلفاؤنا تحقيقه هو عرقلة تطوير وصنع السلاح النووي لعدة سنوات.
بعدها، إذا بقي النظام، سيواصلون من المكان الذي توقفوا فيه. وهذا ما سبق وفعلوه في العام 2003. المعرفة موجودة لديهم وإذا نجا النظام من هجومٍ عسكري فإننا سنقف مرة أخرى، بعد مرور عدة سنوات، أمام الحاجة لضرب المنشآت النووية في إيران مرة أخرى لا سمح الله. فهل إنه في الظروف التي ستكون حينها سيكون لدينا الوسائل والشرعية لفعل هذا؟ هل إننا واثقون من أنهم لن يفاجئونا يوماً ما بتجربة نووية، على شاكلة كوريا الشمالية؟
لذلك، من الأفضل لـ"إسرائيل" وللولايات المتحدة استنفاذ الخيار الدبلوماسي. وهذا بهدف التوصل مع إيران إلى اتفاقٍ نووي جديد، بالرغم من أنه لن يمنعها بالكامل من تطوير وصنع سلاحٍ نووي وصواريخ، لكنه سيؤجله.
هذا الوقت يجب على "إسرائيل"، بمساعدة الولايات المتحدة، استغلاله من أجل تطوير منظومات وأساليب قتال، كالتي ستُنشئ بيننا وبين إيران (وفي الشرق الأوسط عموماً) كميزان رعبٍ مستقر، كالذي منع حرباً بين الكتلتين الشرقية والغربية على مدى عشرات السنين خلال الحرب الباردة لغاية انهيار النظام الشمولي في الاتحاد السوفييتي. لسنا بعيدين كثيراً عن ميزان رعبٍ كهذا مع إيران، أيضاً في الظروف الحالية، لكن إذا كان بيد "إسرائيل" قدرات إضافية، فإن هذا سيضمن استقراراً إقليمياً بعيد المدى، أيضاً في ظل المظلة [النووية] الفارسية.
التحصين في خطوط المواجهة ليس كافياً
ليس محبّذًا أن نناقش بالتفصيل قدرة الجبهة الداخلية في "إسرائيل" على مواجهة هجمة صاروخية كبيرة ومصحوبة بهجومٍ برّي. خصوصاً إذا أُنزلت بنا ضربة كهذه على حين غرّة، وإذا كان جزء من الصواريخ والقذائف الصاروخية بكافة المدايات دقيق. تكفي الإشارة إلى أن قدرة اتّقاء هجومٍ كهذا مشروطة إلى حدّ كبير – وكبير جداً – بقدرة أمان والموساد على توفير إنذارٍ استخباري في الوقت وفي الكمية، بما يمكّن من تشويش أو حتى المنع الكامل لهجمة كهذه.
لا أكشف أي سر إذا قلتُ إن التحصين السلبي في المستوطنات وفي عمق خطوط المواجهة في الشمال وفي الجنوب ليس كافياً، وأن خدمات الإنقاذ في تل أبيب وحيفا ستجد صعوبة في التعامل مع إصابات في الأبراج السكنية وفي المكاتب التي تُبنى بسرعة في هاتين المدينتين. صحيح أن الحكومة خصصت عشرات الملايين لتقليص الفجوات بين المحبّذ والموجود في هذه المجالات، لكن بسبب غياب ميزانية منتظمة فإن التطبيق متعثر جداً. حتى في فترة كورونا، إنه مجال يجب أن تعمل فيه "إسرائيل" فوراً من أجل الحؤول دون [سقوط] آلاف الضحايا وبنى تحتية مشلولة.
صواريخ سوبر وأُلترا وهيبر صوتية هي مجال تطوّره القوى الكبرى بسرعة وباستثمار ميزانيات هائلة وأبحاث في إطار التنافس الاستراتيجي فيما بينها. هذه الصواريخ هي عملياً مزيج بين صاروخٍ باليستي وصاروخ كروز يمكنه التحرّك بسرعة لا تقل عن خمسة أضعاف سرعة الصوت. في الأغلب أسرع بكثير. إنه يتحرك خارج الغلاف الجوي، ثم بحسب مخطط مسبق أو أمر يغوص بسرعة إلى هدفه ويدمّره.
كونه سريع وقادر على تغيير مساره والتحرك ضمن مسارٍ متعرج إلى هدفه، لا توجد اليوم منظومة اعتراض قادرة على تدميره أو حرفه عن هدفه. هذه الصواريخ وهجمات سايبر واسعة هما الأمر القادم في مجال التهديدات على القدرات العسكرية وعلى البنى التحتية المدنية. "إسرائيل" أقامت جهاز دفاع سايبر وطني. الجيش الإسرائيلي لديه لواء يعمل في هذا المجال. لكن في ظل الهجوم الأخير على وكالات حرجة في الإدارة في الولايات المتحدة، الذي يُنسب لهاكرز عملوا بتكليفٍ من الكرملين، يجب أن نفحص جيدًا كم ان أنظمتنا الدفاعية في السايبر قادرة على التصدي لقدرات مستقبلية ستُطور، على سبيل المثال في إيران.
فيما خص الصواريخ الهيبر-صوتية، يجب الافتراض أن الإيرانيين سيحاولون قريباً تطوير شيءٍ كهذا. بل ربما حتى صاروخ سريع ومتملص قادر على حمل رأسٍ حربي نووي. وقد ينجحون. لذا، يجدر بنا جداً أن يكون لدينا وسيلة مضادة ناجعة بعد وقتٍ ليس بطويل. ربما لدى الحديث عن "الحفاظ على التفوّق العسكري النوعي لإسرائيل" مع الإدارة القادمة في واشنطن، سيثار أيضاً موضوع هذه الصواريخ السريعة والحماية منها.
لقد أحسن رئيس الأركان السابق، غادي آيزنكوت، في مقالته في "يديعوت أحرونوت"، وصف "تزايد انعدام الثقة بالنظام السياسي وبمؤسسات الدولة، أزمة تعمّق الشرخ والاستقطاب بين أجزاء المجتمع الإسرائيلي" – الناتجان عن الأزمة السياسية الخطيرة ومن الأداء المختل لمنظومة السلطة في "إسرائيل"، مثلما تكشّف في أزمة كورونا. بحقٍ أشار إلى أن أحد الأضرار الأساسية التي تسببها هذه الظواهر هو غياب ثقة الجمهور بالقيادة المدنية والعسكرية. من منظورٍ أمني، عدم ثقة الجمهور بالقيادة هو أمر خطير لأنه يضر بالمِنعة الوطنية ويمكن أن يُلحق الضرر بحافزية مقاتلي الجيش الإسرائيلي، وبشعور الأمن لدى المواطنين في الجبهة الداخلية، وبالردع الذي تبثّه "إسرائيل" تجاه أعدائها.
(المترجم: سوبر: سرعة تفوق 1 ماخ أي 1236 كلم/ساعة – أُلترا بين السوبر والهيبر – الهيبر تفوق سرعة الصوت بخمسة أضعاف).