"نيويورك تايمز": أميركا منقسمة بشدة وقلق بشأن المستقبل
لم يكتسح الديمقراطيون الانتخابات كما كان متوقعاً، تاركين السيطرة على الكونغرس ربما من دون تغيير. وبينما فاز بايدن بأكبر عدد من الأصوات في التاريخ، فاز ترامب بثاني أكبر عدد من الأصوات.
كتبت ليزا ليرر في صحيفة "نيويورك تايمز" الأميركية تقول إنه بعد أكثر من عشرين مرشحاً رئاسياً، وحوالى عامين من الحملات الانتخابية وقرابة 14 مليار دولار أنفقت في السباق الرئاسي، خرجت أميركا من الانتخابات الطويلة كما دخلت: دولة منقسمة بشدة تشعر بقلق عميق بشأن المستقبل.
فمع ترك العديد من الأصوات كي يتم عدها في المدن ذات الميول الديمقراطية، فاز الرئيس الديمقراطي المنتخب جو بايدن بما يقرب من 4.5 مليون صوت أكثر من الرئيس الجمهوري دونالد ترامب، وأعاد بناء "الجدار الأزرق" لحزبه في الشمال الصناعي وشق طريقه في منقطة "حزام الشمس". لكن ترامب كذلك قد وسّع هامش دعمه، حيث جمع أكثر من ثمانية ملايين صوت من تحالف أكثر تنوعاً للناخبين إلى حد ما، زيادة عما ناله في انتخابات عام 2016.
ورأت الكاتبة أنه لم تكن هذه الانتخابات تخلياً وطنياً عن الترامبية التي كان يحلم بها التقدميون. كما لم تكن النتيجة علامة واضحة على أن الناخبين يعتقدون أن احتجاجات "اليسار المتطرف" أغرقت أميركا في الفوضى والانحدار، كما جادل المحافظون. بدلاً من ذلك، نظل أمة مقسمة. في كثير من الأحيان، حتى داخل نفس المنزل.
بالتأكيد، تغيرت بعض سياساتنا منذ عام 2016. مالت مقاطعات الضواحي بعيداً عن ترامب بفارق خمس نقاط تقريباً. وفاز ترامب بنسبة أكبر من الناخبين اللاتينيين والسود.
ولكن، لم يكتسح الديمقراطيون سباقات الاقتراع، كما كان متوقعاً، تاركين السيطرة على الكونغرس ربما من دون تغيير. وبينما فاز بايدن بأكبر عدد من الأصوات في التاريخ، فاز ترامب بثاني أكبر عدد من الأصوات.
وقبل أربع سنوات، سرق ترامب ويسكونسن من الديمقراطيين بأغلبية 22748 صوتاً. هذا العام، استعادها بايدن، لكن هامشه يسير على الطريق الصحيح ليقترب بنفس القدر.
لقد تغير الكثير منذ نيسان / أبريل 2019، عندما أعلن بايدن عن ترشيحه للرئاسة. بالأمس، تجاوزت البلاد المرحلة القاتمة المتمثلة في 10 ملايين حالة إصابة بفيروس كورونا، مع زيادة الحالات الجديدة بنسبة 60 في المئة تقريباً عن أسبوعين سابقين. كما أن ملايين الأميركيين عاطلون عن العمل ويكافحون لدفع فواتيرهم وينزلقون في براثن الفقر.
من خلال كل ذلك، جعل بايدن الوحدة الوطنية جزءاً أساسياً من رسالة حملته. منذ أيامه الأولى كمرشح ديمقراطي إلى خطاب فوزه مساء السبت، تعهد بأن يكون "رئيساً لكل الأميركيين"، حتى أولئك الذين لم يصوتوا له.
واعتبرت الكاتبة أن تعزيز الوحدة في واشنطن لن يكون سهلاً. فلم يعد مجلس الشيوخ مكان الزمالة حيث عمل بايدن لعقود. فهو، مثل البلاد، أصبح أكثر إيديولوجية وأكثر استقطاباً.
وقالت إن الانتصارات المزدوجة في انتخابات الإعادة في جورجيا في أوائل العام المقبل من شأنها أن تمنح الديمقراطيين فرصة التصويت الفاصل في مجلس الشيوخ. لكن الانقسام في السيطرة على المجلس، مع بقاء السناتور الجمهوري ميتش ماكونيل زعيماً للأغلبية، يبدو النتيجة الأكثر احتمالاً.
وقد يكون من الأسهل على الإدارة الجديدة تحقيق بعض الأهداف. فقد أعرب كلا الطرفين عن رغبتهما في تمرير جولة أخرى من تخفيف فيروس كورونا، على الرغم من اختلافهما بشدة حول حجم التحفيز. وهناك أجزاء أخرى من أجندة بايدن، مثل تمرير خيار التأمين الصحي العام، ومكافحة تغيّر المناخ، ورفع الحد الأدنى للأجور ومعالجة العدالة العرقية، سيكون من المستحيل تحقيقها بالكامل من دون بعض التعاون بين الحزبين.
فحتى في حالة الهزيمة، لا يزال ترامب متمسكاً بقبضة قوية على الحزب الجمهوري. في مجلس الشيوخ، اعترف ثلاثة جمهوريين فقط بفوز بايدن، خوفاً من تنفير قاعدة الحزب التي لا تزال قائمة من قبل رئيس يرفض التنازل.
وفي حديثه في مجلس الشيوخ أمس، رفض ماكونيل الاعتراف ببايدن كرئيس منتخب، حتى عندما اعترف بانتصارات حزبه في الاقتراع من خلال الاجتماع مع الجمهوريين الذين تم انتخابهم حديثاً لمجلس الشيوخ. وقال ماكونيل: "يتمتع الرئيس ترامب بحقوقه بنسبة 100 في المئة للنظر في مزاعم المخالفات وتقييم خياراته القانونية".
وختمت ليرر قائلة: "إذن، بعد كل هذه السنوات من القتال، ما مدى الانقسام السياسي في أميركا؟ لا يبدو أننا نتفق حتى على أن لدينا رئيس منتخب".
ترجمة بتصرف: هيثم مزاحم