"المونيتور": بومبيو سيحذر "إسرائيل" من إشراك الصين في محطة لتحلية المياه

يتوقع أن وزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو سيحذر "إسرائيل" في زيارته غداً الأربعاء من السماح لشركة صينية ببناء وتشغيل أكبر محطة لتحلية مياه البحر في العالم، في جنوب فلسطين المحتلة.

 

  • "المونيتور": بومبيو سيحذر "إسرائيل" من إشراك الصين في محطة لتحلية المياه
    بومبيو سيبحث مع المسؤولين الإسرائيليين عدداً من المسائل بينها استثمارات الصين.

كتب المحلل الإسرائيلي موردخاي غولدمان مقالة في موقع"المونيتور" الأميركي قال فيها إن وزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو يتوقع أن يصل إلى فلسطين المحتلة في 13 أيار / مايو الجاري حيث سيكون العديد من القضايا في جدول أعماله في محادثاته مع المسؤولين الإسرائيليين. إلا أن أحد المواضيع المحددة حساس بشكل خاص، لأنه يدور حول تورط "إسرائيل" في الاشتباك المتزايد بين واشنطن وبكين. إذ يخشى الأميركيون أن تفوز شركة "هوتشيسون" الصينية بمناقصة لبناء أكبر محطة تحلية في العالم مخطط إقامتها على ساحل البحر الأبيض المتوسط ​​في جنوب فلسطين المحتلة.

وستنتج المنشأة، المعروفة باسم "سوريك 2"، 200 مليون متر مكعب من مياه الشرب سنوياً، مما يرفع إجمالي المياه المعالجة في محطات التحلية الإسرائيلية إلى 786 مليون متر مكعب سنوياً. وهو ما يمثل نحو 85٪ من إجمالي الاستهلاك المحلي والبلدي في السنة. وتبلغ قيمة العطاء 1.5 مليار دولار، وأياً كان الفائز سيدير ​​المنشأة لمدة 25 عاماً، بحسب الكاتب.

ووفقاً لباراك رافيد من القناة "13 نيوز" الإسرائيلية، فقد طلبت الإدارة الأميركية من "إسرائيل" إعادة تقييم مشاركة "هوتشيسون" في المناقصة، على الرغم من أنها وصلت بالفعل إلى المرحلة النهائية من العطاء. ونقل غولدمان عن مصادر دبلوماسية مختلفة قولها إن الرسائل التي بعثت بها واشنطن إلى "إسرائيل" كانت حاسمة في هذا الشأن.

وقالت غاليا لافي، وهي باحثة وطالبة ما بعد الدكتوراه في قسم دراسات شرق آسيا في جامعة تل أبيب، وتجري بحثاً لبرنامج "الصين-إسرائيل" في معهد دراسات الأمن القومي الإسرائيلي: "إن الأميركيين قلقون للغاية من جهود الصين لتوسيع مواطئ قدمها حول العالم من خلال الاستثمار في البنى التحتية الاستراتيجية. إنهم يعتبرون ذلك تهديداً لأمنهم القومي".

وأضافت لافي للمونيتور: "هذا لا يعود فقط لأهواء [الرئيس دونالد] ترامب. قد يقوله الرئيس الحالي بشكل أكثر حدة من أسلافه، لكن الأميركيين يتابعون القلق بشأن ما تفعله الصين منذ سنوات عدة حتى الآن. أكثر ما يشغل بال الولايات المتحدة هو ما يعتبرونه محاولة صينية للسيطرة على سوق التكنولوجيا في المستقبل. تتمتع "إسرائيل" بسمعة كونها مقراً للتكنولوجيا المتقدمة، لذلك تبدي الصين اهتماماً بما يحدث هنا. هذا هو بالضبط ما ينذر الولايات المتحدة".

بصفته الرئيس السابق لهيئة المياه الإسرائيلية، يدرك ألكسندر كوشنر تماماً ما يحفز الصين للاستثمار في هذا المشروع الإسرائيلي: وقال للمونيتور: "الصينيون يتتبعون سوق المياه في "إسرائيل" منذ أكثر من عقد من الزمان. منذ زمن بعيد عندما كنت رئيساً لسلطة المياه، جاءت الوفود الصينية لمعرفة المزيد عن تقنيات تحلية المياه لدينا. الصينيون هناك يبحثون عن المعرفة. كنا نعلم أنهم يسافرون في جميع أنحاء العالم، مسلحين بمبالغ غير محدودة من المال، يبحثون فقط عن مكان الاستثمار. إنهم يحاولون الحصول على أي تقنية يعتقدون أنهم قد يحتاجون إليها في وقت ما في المستقبل. إنهم لا يهتمون إذا كانوا  يخسرون المال في الوقت الراهن".

ويضيف كوشنر: "إسرائيل هي واحدة من رواد العالم في جميع الأمور المتعلقة بكفاءة الطاقة في عملية تحلية المياه. هذه نقطة مهمة للغاية، لأنه يُعتقد الآن أن نقص المياه سيصبح قضية مركزية للعديد من البلدان حول العالم خلال السنوات القليلة المقبلة. هناك ثلاثة أسباب لذلك: ارتفاع مستوى المعيشة ونوعية الحياة، وتزايد السكان وتغير المناخ. وتتنبأ بعض النماذج التي طورناها منذ فترة من فترات الجفاف الممتدة في أجزاء كبيرة من العالم. الصينيون بعيد النظر، وهم يريدون السيطرة على هذه الأساليب مع خبرة مثبتة في التعامل مع أزمة مياه الشرب هذه".

يعترف كوشنر بأن "إسرائيل أصبحت صديقة بشكل متزايد للصينيين على مدى السنوات القليلة الماضية. إنهم يشاركون في بناء الموانئ الجديدة في أشدود وحيفا، وكذلك السكك الحديدية، ويشعرون بالراحة هنا". وأوضح أن الحكومة فتحت لهم باباً. هذا هو بالضبط السبب الذي دفع الولايات المتحدة العام الماضي إلى مطالبة "إسرائيل" بتشكيل لجنة خاصة للتحقيق في الاستثمارات الأجنبية فيها، على أمل أن تؤدي إلى إبطاء تدخل الصين في الاقتصاد الإسرائيلي إلى حد ما على الأقل.

وفي حالة محطة التحلية، يرى الأميركيون أنها حالة اختبار لهم لتقييم ما إذا كانت "إسرائيل" تحقق بالفعل في الاستثمارات الصينية. وقالت لافي: إنهم يتوقعون أن تجتمع اللجنة. في عام 2015، خسر الأميركيون مناقصة لميناء حيفا وانتهى الأمر بحصول الصين على الامتياز لتشغيله. ما يجعل هذه الصفقة مختلفة هو أنه لم يتم التوقيع عليها بعد. هذا يعني أنهم لا يزالون يمارسون التأثير عليه".

وقال غولدمان إن ثمة قضية أخرى تزعج الأميركيين - ناهيك عن خبراء الأمن الإسرائيليين - هي موقع منشأة تحلية المياه المخطط لها. إذ تقع بجوار قاعدة بالماخيم الجوية، حيث تتمركز القوات الأميركية، وليس بعيداً عن مركز ناحال سوريك للأبحاث النووية.

وقد زعم تقرير للكاتب عاموس هاريل من صحيفة "هآرتس" الإسرائيلية عام 2019 أن رئيس جهاز الأمن في وزارة الدفاع الإسرائيلية، نير بن موشي، أرسل رسالة إلى وزارتي المالية والطاقة أعرب فيه عن معارضته الشديدة لقرار السماح لشركة "هوتشيسون" بالمشاركة في المناقصة. ويبدو أنه لم يكن للرسالة أي تأثير يذكر، حيث قررت السلطات الإسرائيلية السماح لشركة "هوتشيسون" بالمضي قدماً في المناقصة على أي حال.

وقال الكتب إن الباحثة لافي مقتنعة بأن "إسرائيل" عالقة بين مطرقة وسندان، محذرة من أن "العلاقة الشخصية الوثيقة لرئيس الوزراء بنيامين نتنياهو مع ترامب لن تساعد حقاً هنا". وقالت: "عندما يتعلق الأمر بالاستحواذ الصيني على البنى التحتية في الغرب، فإن الولايات المتحدة تصر بشدة على موقفها. ستقوم "إسرائيل" بطعنهم في الظهر، فيما يتعلق بهم، وقد يتدهور الوضع قريباً إلى تكرار لأزمة فالكون". وأضافت: "على الجانب الآخر من المعادلة، فإن الوضع مع الصين معقد للغاية. فمن مصلحة "إسرائيل" الحفاظ على علاقات جيدة مع الصين حيث يواصل نتنياهو المضي قدماً في توثيق العلاقات الاقتصادية مع بكين منذ عام 2013، مع التركيز على الاستثمارات الصينية في "إسرائيل" وتشجيع السياحة والتجارة". 

وخلصت لافي إلى القول: "من الواضح أن نتنياهو سيحاول تجنب تدمير تلك العلاقة، لكنه سيحاول في نفس الوقت تجنب إزعاج الأميركيين. السؤال المهم حقاً هو ما إذا كان ذلك ممكناً".

ترجمة بتصرف: الميادين نت