"واشنطن بوست": تنحي بايدن التاريخي يضع الولايات المتحدة على مسار غامض
تجري كتابة السيناريو لعام 2024 بسرعة كبيرة، وهو عام انتخابي مليء بالتحوّلات والمنعطفات التي يبدو أنها لن تنتهي أبداً، وسوف يذكر يوم تنحّي بايدن من الترشّح على أنه يوم تاريخي وغير مسبوق.
صحيفة "واشنطن بوست" الأميركية تنشر مقالاً للكاتب دان بالز يتحدّث فيه عن تنحّي جو بايدن عن ترشّحه للانتخابات الرئاسية المقبلة، واصفاً الأمر بغير المسبوق، وأنّه يضع الولايات المتحدة والحزب الديمقراطي في مسار غير مستقر وغامض.
أدناه نص المقال منقولاً إلى العربية بتصرّف:
إنّ إعلان الرئيس الأميركي جو بايدن المفاجئ بأنّه سيتنحّى عن محاولة إعادة انتخابه يمهّد الطريق لحملة انتخابية خريفية لا مثيل لها في العصر الحديث.
تمّ استخدام كلمتي "غير مسبوق" و"تاريخي" في كثير من الأحيان لوصف حالة السياسة الأميركية في السنوات الأخيرة، وجاء قرار بايدن في السياق عينه، حيث بدا قراره كصاعقة على الولايات المتحدة الأميركية.
سيظلّ هذا الحدث الهام خالداً في سجلات السياسة، حيث تعرّض الرئيس الحالي لضغوط من زملائه وقادة حزبه للتخلي عن ترشيحه. وقد ترك هذا الناخبين خائفين ومترنّحين، منذ أن أصبح دونالد ترامب أول رئيس سابق يُدان بارتكاب جناية، إلى محاولة اغتياله، والآن، بعد ثمانية أيام فقط، قرار بايدن بالانسحاب. ماذا بعد؟
فرضُ الديمقراطيين على بايدن التنحّي، وضعهم على مسار غير مستقر، حتى لو كان هذا هو المسار الذي كان كثيرون منهم يطالبون به. فلا يوجد استعداد لهذه اللحظة، وما بعدها ليس بسيطاً أو سهلاً، إذ إنّ استبدال بايدن يواجه تحديات ملموسة.
وكان الديمقراطيون قد ضغطوا على بايدن للتنحّي منذ أدائه المتعثّر في المناظرة الأولى يوم 27 حزيران/يونيو في أتلانتا. لقد كانوا يخشون ألا يتمكّن من هزيمة ترامب وأن يؤدي ضعف ترشيحه إلى سيطرة الجمهوريين على مجلسي النواب والشيوخ أيضاً.
لذلك، استسلم بايدن واتخذ القرار الذي أراده الكثيرون، وهو أمر مؤلم بالنسبة له. لكن السؤال الكبير هو ما إذا كانت هاريس، التي انهارت حملتها عام 2020، قادرة على توحيد الديمقراطيين بالكامل خلفها، والأهم من ذلك، ما إذا كانت ستثبت أنها زعيمة أكثر إقناعاً ومرشّحة فعّالة أكثر من بايدن، وأنّها ورقة رابحة.
ليس هناك ما يضمن ذلك. إذ تشير الاستطلاعات الأولية بشأن وضع هاريس ضد ترامب إلى أنّها أفضل قليلاً من بايدن، وأن ترامب يتفوّق عليها.
ما الذي قد يكون مختلفاً في رئاسة هاريس، بخلاف أنها ستكون أول امرأة تُنتخب؟ فهل ستتقدّم برؤية جديدة، أم أنّ السمة المميّزة لها ببساطة هي أنها أصغر سناً وأكثر نشاطاً من الرجل الذي اختارها نائبة له قبل أربع سنوات؟ سيكون المؤتمر الوطني الديمقراطي، الذي يبدأ في 19 آب/أغسطس في شيكاغو، هو اللحظة المناسبة لها للتعريف بنفسها.
ولكن لا يزال يتعيّن تحديد الكثير قبل وصول المندوبين إلى هناك. فهل سيكون هناك من ينافسها على الترشيح؟ ويبذل العديد من الديمقراطيين البارزين، بقيادة بايدن، قصارى جهدهم لتنصيبها، لكن الأمر لا يتطلّب سوى 300 توقيع من نحو 3900 مندوب حتى يتمكّن الآخرون من تقديم أنفسهم كمرشّحين محتملين. ستستمرّ المحادثات هذا الأسبوع في بعض عواصم الولايات حول ما إذا كان سيتمّ تحدّي هاريس.
وتتمثّل المعضلة التي يواجهها الديمقراطيون الآن في كيفيّة ترقية هاريس في عملية يُنظر إليها على أنها مفتوحة ونزيهة، وليست مجرّد مسار، لكي لا تتحوّل إلى الفوضى والانقسام. وبالفعل، يتهم الجمهوريون الديمقراطيين بإجبار بايدن على التنحّي بشكل غير ديمقراطي، وأنّهم تجاهلوا إرادة الناخبين في الانتخابات التمهيدية الذين قالوا بأغلبية ساحقة إنهم يريدون بايدن كمرشّح.
سيتعيّن على هاريس، إذا تمّ ترشيحها، اختيار نائب لها، وهي عملية تستغرق عادةً شهوراً من التدقيق، وغربلة قائمة طويلة إلى قائمة قصيرة، ثم المعاناة التي يواجهها المرشّح لاختيار نائبه من بين عدد قليل من المتأهلين للتصفيات النهائية. ويجب على هاريس أن تفعل ذلك في غضون أسابيع، إلى جانب كلّ ما يتعلّق بقبول العصا من بايدن، وتحريك الحملة ضد ترامب إلى الأمام.
وفي الختام، نجد أنّ انسحاب بايدن سيؤدي إلى مؤتمر لا مثيل له في العصر الحديث وإلى حملة خريفية لم يخضْها من قبل أحد لم يكن متوقّعاً أن يكون مرشّحاً. وتجري كتابة السيناريو لعام 2024 بسرعة كبيرة، وهو عام انتخابي مليء بالتحوّلات والمنعطفات التي يبدو أنها لن تنتهي أبداً. وسوف يذكر هذا الأحد على أنه يوم تاريخي وغير مسبوق.
نقلته إلى العربية: بتول دياب