"فايننشال تايمز": هل تطلق أنقرة سراح عبد الله أوجلان؟

إنّ المخاوف من أنّ عدم الاستقرار قد ينتقل من سوريا، تزيد من إلحاح الجهود الرامية إلى إخراج زعيم حزب العمال الكردستاني عبد الله أوجلان من السجن.

0:00
  • "فايننشال تايمز": هل تطلق أنقرة سراح زعيم حزب العمال الكردستاني عبد الله أوجلان؟

صحيفة "فايننشال تايمز" البريطانية تنشر تقريراً تتحدّث فيه عن مفاوضات بين الكرد وأنقرة لإيجاد حلّ سياسي للصراع، تستند إلى إطلاق سراح زعيم حزب العمال الكردستاني عبد الله أوجلان مقابل إلقاء القوات الكردية السلاح.

أدناه نص المقال منقولاً إلى العربية:

تأمل تركيا في تحقيق تقدّم في الجهود الرامية إلى إنهاء تمرّد مستمرّ منذ أربعة عقود من قبل المسلحين الكرد بعد أن رحّب زعيمهم المسجون بدعوات الحكومة لإيجاد حلّ سياسي للصراع.

وأبلغ عبد الله أوجلان، مؤسس حزب العمال الكردستاني، نوّاب المعارضة الذين زاروه في سجنه على جزيرة جنوب إسطنبول خلال عطلة نهاية الأسبوع أنه على استعداد لدعم "نموذج جديد" يهدف إلى التسوية بعد انهيار محادثات السلام واندلاع قتال عنيف عام 2015. وكان أوجلان قضى في السجن 25 عاماً في إثر حكم بالسجن مدى الحياة بتهمة الخيانة والانفصال .

جاءت الزيارة بعد عرض مفاجئ في تشرين الأول/أكتوبر من دولت بهشالي، زعيم حزب الحركة القومية التركية، لإطلاق سراح أوجلان مقابل إصدار أمر لحزب العمال الكردستاني بإلقاء السلاح. ووصف الرئيس رجب طيب إردوغان الاقتراح بأنه "نافذة تاريخية من الفرص".

وقال أوجلان، وفقاً لمذكّرات الاجتماع التي أصدرها حزب "المساواة والديمقراطية الشعبي" (DEM) يوم الأحد، والذي يتألف بأغلبية ساحقة من الكرد: "أنا مستعد لاتخاذ الخطوات الإيجابية اللازمة وإجراء المكالمة المطلوبة". كما أضاف أنه يتمتع "بالكفاءة والعزيمة للمساهمة بشكل إيجابي" في عملية سلام جديدة.

وفي إشارة أخرى إلى التواصل مع الكرد، أعلنت الحكومة يوم الأحد عن استثمار 14 مليار دولار في جنوب شرق البلاد الفقير ذي الأغلبية الكردية. ورحّب نائب الرئيس جودت يلماز بما أسماه فرصة "لإنهاء الإرهاب وتعزيز بيئة السلام والأمن".

إنّ العمل مع أوجلان (75 عاماً) وحزب المساواة والديمقراطية الشعبي لإنهاء التمرّد الذي أودى بحياة أكثر من 40 ألف شخص من شأنه أن يشكّل تحوّلاً مذهلاً عن جهود إردوغان التي استمرّت لعقد من الزمان لإضعاف الحركة السياسية الكردية وسحق حزب العمال الكردستاني، الذي تصنّفه تركيا وحلفاؤها الغربيون كمنظّمة إرهابية.

ولكنّ سقوط بشار الأسد في سوريا المجاورة أضاف إلحاحاً متجدّداً لجهود إردوغان. فسوريا موطن لعشرات الآلاف من المسلحين الكرد الذين يقودون قوات سوريا الديمقراطية، التي تعتبرها أنقرة امتداداً لحزب العمال الكردستاني. وقد استولت قوات سوريا الديمقراطية، التي سلّحتها الولايات المتحدة ودرّبتها لمحاربة تنظيم "داعش" خلال الحرب الأهلية في سوريا، على مساحات شاسعة من الأراضي، وهي المنطقة التي يطلقون عليها اسم "روج آفا" أثناء الصراع.

ويقول المحللون إنّ تركيا، الداعم الرئيسي للمتمرّدين الذين أطاحوا بالأسد، قد تشعر الآن بالقلق من أنّ عدم الاستقرار والمواجهة المباشرة مع قوات سوريا الديمقراطية قد تؤدّي إلى رد فعل عنيف بين سكانها الكرد البالغ عددهم 15 مليون نسمة، والذين ينظر الكثير منهم إلى تجربة الحكم الذاتي التي أجراها كرد سوريا بفخر.

وقال تولاي حاتم أوغلاري، الرئيس المشارك لحزب "روج آفا"، لصحيفة "فايننشال تايمز" في وقت سابق من هذا الشهر: "يريد الكرد في تركيا حقوقهم داخل حدود تركيا، في حين يدافعون عن وضع روج آفا داخل حدود سوريا". وأضاف: "لا يمكنك أن تمدّ غصن زيتون هنا وبندقية هناك".

وفي حين نجحت قوات الأمن إلى حد كبير في القضاء على عنف حزب العمال الكردستاني داخل تركيا، فإنّ القضاء على التهديد بشكل كامل قد يتطلّب الآن تقديم تنازلات سياسية للأقلية الكردية، كما يقول مسعود يجين، الباحث في معهد الإصلاح، وهو مركز أبحاث في إسطنبول.

وأضاف أنّ تأمين دعم أوجلان، الذي يكرهه القوميون الأتراك ولكنه يظل بطلاً شعبياً بين مقاتلي حزب العمال الكردستاني وفي شمال شرق سوريا، سيكون أمراً بالغ الأهمية.

وقال: "إذا قدّم أوجلان اقتراحاً يحظى بدعم الحزب الديمقراطي والجمهور الكردي لنزع سلاح حزب العمال الكردستاني، فسوف يصبح من الصعب على المجموعة الاستمرار"، وذكر أن "لا أحد آخر يمكن أن يكون فعّالاً مثل أوجلان في التعامل مع حزب العمال الكردستاني... حتى بعد 25 عاماً في السجن".

وصف المشرّعان اللذان التقيا به يوم السبت، سري سورايا أوندر وبرفين بولدان، أوجلان بأنّه "يتمتع بصحة جيدة ومعنويات عالية"، وقالا يوم الاثنين: "نحن أكثر تفاؤلاً من الجهود السابقة لإنهاء الصراع".

لكن إطلاق سراح أوجلان وحده لن ينهي الصراع، كما قال حاتم أوغلاري، الذي يختلف حزبه الديمقراطي بشكل حاد عن حزب العمال الكردستاني في الدعوة إلى عملية سياسية بدلاً من العنف لتعزيز حقوق الكرد. ويدعو حزب الديمقراطيين إلى ضمانات دستورية بشأن الحق في التعليم باللغة الكردية، والحكم المحلي الأكبر، والإفراج عن آلاف الناشطين والسياسيين الكرد. ويشمل ذلك صلاح الدين دميرتاش، الذي تحدّى إردوغان على الرئاسة ولكنه محتجز منذ عام 2016.

وقال حاتم أوغلاري إنّ "الفهم التقليدي للدولة للقضية الكردية هو أنها مسألة أمنية، بينما نراها مشكلة سياسية واجتماعية وديمقراطية يجب حلّها".

ولكن في الوقت الحالي، يبدو أنّ تركيا تتحوّط في رهاناتها. فمنذ الإطاحة بالأسد، استولت الفصائل المتمردة السورية التي تدعمها أنقرة على بلدتين رئيسيتين من قوات سوريا الديمقراطية، وفي يوم السبت، في اليوم نفسه الذي التقى فيه أوجلان بنواب الحزب الديمقراطي، قال الجيش التركي إنه "حيّد" ثلاثة مقاتلين كرد في سوريا.

كما واصلت أنقرة حملتها القمعية على السياسيين الكرد في الداخل. وفي الأيام التي أعقبت عرض بهشالي لأوجلان، أقال المسؤولون خمسة رؤساء بلديات من الحزب الديمقراطي في جنوب شرق تركيا من مناصبهم، واستبدلوهم بأمناء معيّنين من قبل الدولة.

في الشهر الماضي، وصلت الشرطة إلى باب أحمد تورك قبل الفجر لإبلاغه بأنه قد تمّ فصله من منصبه كرئيس لبلدية ماردين، وهي المرة الثالثة التي يتمّ فيها تجريد السياسي الكردي البالغ من العمر 82 عاماً من مهامه منذ انتخابه الأول لهذا المنصب في عام 2014. وقال: "بينما يطالبون بتسليم الأسلحة، فإنهم ما زالوا يعرقلون السياسة الديمقراطية. لكنني كنت أعتقد دائماً أنه من الخطأ التراجع إلى الزاوية في مواجهة الترهيب وعدم الاعتراف بفرصة السلام".

لقد أمضى تورك نصف قرن من الزمان في العمل من أجل التوصّل إلى حلّ سلمي للصراع وكان جزءاً من محاولة سابقة من جانب إردوغان للتفاوض مع حزب العمال الكردستاني.

في وقت مبكر من حكمه، نُسب إلى إردوغان الفضل في الإصلاحات، بما في ذلك تخفيف القيود الثقافية المفروضة على الكرد. لكنّ فشل عملية السلام الأخيرة في عام 2015 أطلق العنان لأسوأ قتال في تركيا منذ عقود. قُتل الآلاف من الناس، ودمّر الجيش التركي مساحات كبيرة من المدن الجنوبية الشرقية.

وقال تورك: "لا يمكننا أن نفقد الإيمان، حتى خلال ما هو بصراحة فترة مظلمة وغير مؤكدة مليئة بالشكوك حول المستقبل".

نقلته إلى العربية: بتول دياب