"هآرتس": هل أجواء مفاوضات الدوحة إيجابية حقاً؟
الأميركيون يوزّعون جزرات، لكن نتنياهو يخشى العصي التي تنتظره في "إسرائيل" في حال وافق على الصفقة.
صحيفة "هآرتس" الإسرائيلية تنشر مقالاً لمحلل الشؤون العسكرية لديها، عاموس هرئل، يتحدّث فيه عن الأخبار الإيجابية التي يتمّ نشرها في الإعلام الإسرائيلي عن مفاوضات الدوحة، ويتساءل عمّا إذا كان نتنياهو سيخاطر بحكومته من أجل التوصّل إلى صفقة، وعما إذا كان يبالي بالخطر المحتمل الذي يواجه "إسرائيل" في حال توسّعت رقعة الحرب.
أدناه نص المقال منقولاً إلى العربية بتصرف:
مساء أمس، مثل عدة مرات أخرى في الأشهر الأخيرة، سيطرت نبرة إيجابية حذرة على الأخبار التلفزيونية، إذ قام مراسلو الشؤون الدبلوماسية للقنوات - ولعلهم المجموعة الأكثر تفاؤلاً في عالم الإعلام الإسرائيلي - بتسويق الرسالة الدورية من مكتب رئيس الوزراء، والتي جاء فيها أنّ بنيامين نتنياهو لانَ قليلاً، وأرسل فريق التفاوض الإسرائيلي إلى القمة في الدوحة، قطر، مع زيادة مجال المناورة الذي قد يسمح بإبرام صفقة تؤدي في النهاية إلى تحرير الأسرى ووقف إطلاق نار مع حماس في قطاع غزة.
ورفعت هذه التقارير سقف التوقّعات، المرتفع أصلاً، لدى أهالي الأسرى. ففي الأيام التي سبقت القمة، سمعوا توقّعات إيجابية نسبياً من ثلاثة أشخاص هم الأقرب إلى رئيس الوزراء، وهم الوزير رون درمر، ورئيس "شاس" أرييه درعي، ورئيس مجلس الأمن القومي تساحي هنغبي.
يعتقد بعض الأشخاص الذين تحدّثوا معهم أنّ هذه المرحلة هي الأقرب إلى التوصّل إلى صفقة منذ تفجّر أول صفقة أسرى في كانون الأول/ديسمبر من العام الماضي. حتى أنّ درعي أوضح للعائلات أنّ احتمالية التوصّل إلى صفقة هو السبب وراء عودته للمشاركة في جلسات الكابينت بعد أسابيع طويلة.
لكن نتنياهو يستمر في اتباع أسلوب التقريب بيد والإبعاد باليد الأخرى، وكعادته مهتم بالدرجة الأولى بكسب الوقت. من الصعب أن نرى صفقة من شأنها أن تعرّض استقرار حكومته للخطر، وقد تسرّع انسحاب حزبي اليمين المتطرف، هي على رأس اهتماماته ويوافق عليها.
من ناحية أخرى، هناك ضغوط أميركية متزايدة، ربما غير مسبوقة، للتوصّل إلى صفقة. وجاءت هذه الضغوطات في إثر الخطر الحقيقي المتمثّل في اندلاع حرب إقليمية، والتي ستشمل أيضاً إيران وحزب الله بشكل كامل. وهذا الصدام المحتمل، هو من بين الاعتبارات التي ستحسم موقف نتنياهو.
وفي الأثناء، قنابل الطن الدقيقة الأميركية في طريقها إلى سلاح الجو الإسرائيلي قريباً، وفي أقل من أسبوع، تمت الموافقة على تحويل جزء من منحة المساعدة الأمنية الخاصة (3.5 مليارات دولار من أصل 14.1 مليار دولار) التي تمّ التعهّد بها في نيسان/أبريل الفائت، وتمّ التعجيل بصفقات شراء دفاعية بقيمة 20 مليار دولار من أموال المساعدات الأميركية السنوية.
الخطوة الأكثر إثارة للإعجاب تمّت في القيادة المركزية للجيش الأميركي. ففي الأيام العادية، يتمركز بضعة آلاف فقط من الجنود الأميركيين في الدول المجاورة لـ "إسرائيل"، لكن ارتفع عدد الانتشار ليشمل عشرات الآلاف من الجنود وحاملتي طائرات وعدداً كبيراً من السفن ومئات الطائرات المقاتلة.
وهذه هي المرة الثالثة التي ترسل فيها الولايات المتحدة قوات كبيرة لمساعدة "إسرائيل" منذ بداية الحرب، والمرتان السابقتان كانتا في تشرين الأول/أكتوبر ونيسان/أبريل. وهذا يؤكد أنّ الكليشيهات القديمة التي تقول إنّ "إسرائيل" ستدافع عن نفسها بنفسها لم تعد صحيحة.
وإذا قرّرت إيران الهجوم سيحدث شيء في الشرق الأوسط، لكن ليس هناك ما يضمن أنّ "إسرائيل" لديها إجابات استراتيجية جيدة بما فيه الكفاية لهذا الوضع المحتمل. ويسأل أشخاص يعملون مع نتنياهو وتحت قيادته منذ سنوات، لماذا هو غير مبال بالمخاطر؟