"نيويورك تايمز": بايدن وعد بالسلام لكنه سيترك لخليفته أمة غارقة في الحرب
زعم الرئيس الأميركي جو بايدن أنّه كان يترأس حقبة السلام، لكنّه يترك لخليفته أمة غارقة في الحرب، وستكون العواقب هائلة.
صحيفة "نيويورك تايمز" الأميركية تنشر مقالاً استعرضت فيه الحروب التي حدثت أثناء ولاية الرئيس الأميركي جو بايدن، ودعمها، من دون التوصل إلى وقف إطلاق النار فيها، مؤكدةً أنّ الأخير سيترك لخليفته أمة غارقة في الحرب.
أدناه نص المقال منقولاً إلى العربية بتصرف:
في حديثه من المكتب البيضاوي، الشهر الماضي، وهو يشرح قراره بعدم الترشح لإعادة انتخابه، تفاخر الرئيس الأميركي جو بايدن بإنجازاته، وزعم أنّه كان يترأس حقبة السلام.
وأعلن في حينها للأمة: "أنا أول رئيس في هذا القرن يبلغ الشعب الأميركي أنّ الولايات المتحدة ليست في حالة حرب في أي مكان في العالم".
لكن بايدن أمضى جزءاً كبيراً من فترة ولايته في حشد القوة العسكرية والرأي العام ضد العملية الروسية في أوكرانيا ودعم "إسرائيل" في حربها ضد غزّة، وبدا خلال معظم ولايته كأنه زعيم في زمن الحرب، على الرغم من أنّ أميركا لم تخض حرباً برية واسعة النطاق مثل تلك التي في العراق وأفغانستان.
وقد تكون العواقب على خليفة بايدن، سواء كان الرئيس السابق دونالد ترامب أو نائبة الرئيس كامالا هاريس، هائلة.
ولم ينجح بايدن في إبعاد أميركا عن القتال بالكامل منذ مغادرته أفغانستان. فقد قصفت القوات الأميركية مراراً وتكراراً "الحوثيين" في اليمن منذ السابع من أكتوبر، كما ضربت قوات حليفة لإيران في العراق وسوريا.
حتى إنّ بايدن أمر القوات الأميركية بالتحرك نيابة عن "إسرائيل". ففي نيسان/أبريل، أسقطت الطائرات الأميركية مئات الصواريخ والطائرات من دون طيار التي أطلقتها إيران في هجوم كبير على "إسرائيل".
وفي توقع لهجوم مماثل هذا الشهر، وضع بايدن مرة أخرى السفن الحربية والطائرات المقاتلة للدفاع ضد أي هجوم إيراني محتمل آخر على "إسرائيل".
إنّ المزاج السائد في واشنطن في زمن الحرب بعيد كل البعد عن رؤية بايدن كمرشح في عام 2020، عندما تعهد بالانتقال إلى ما هو أبعد من "الحروب الأبدية" التي أعقبت أحداث 11 أيلول/سبتمبر، والتي استنزفت قوة أميركا، وصرفت انتباه واشنطن عن صعود الصين.
تحدث بايدن بفخر عندما سحب آخر القوات الأميركية من أفغانستان في آب/أغسطس 2021. وقال في ذلك الوقت: "لقد كنّا أمّة في حالة حرب لفترة طويلة جداً. إذا كنت في العشرين من عمرك اليوم، فلن تعرف أبداً أميركا في سلام". ولكن الشعور بالسلام لم يدم طويلاً.
إذ بعد ستة أشهر من مغادرة آخر جندي أميركي كابول، توغّلت الدبابات الروسية في أوكرانيا. وحذّر بايدن من أنّ النظام الدولي أصبح على المحك، وفضخ الأموال والأسلحة المرسلة إلى أوكرانيا. واستبعد بايدن بشدة إرسال قوات لمحاربة روسيا، لكنه نشر آلاف الجنود في أوروبا الشرقية.
حتى إنّ البيت الأبيض نفسه نظّم الحرب. فعندما احتاج بايدن إلى سكرتير صحفي جديد في عام 2022، اتخذ خياراً غير معتاد باختيار واحد للتعامل مع الشؤون الداخلية وآخر، وهو مسؤول قديم في البنتاغون، للرد على الأسئلة العسكرية التفصيلية التي تطرحها وسائل الإعلام.
وبعد ذلك، جاء الهجوم الذي شنّته حماس على "إسرائيل" في السابع من أكتوبر، والذي أدخل البيت الأبيض في حالة شبه دائمة من الأزمة.
ومع رفض بايدن وقف شحنات الأسلحة الأميركية إلى "إسرائيل" وسط ارتفاع عدد الضحايا المدنيين في غزة، اندلعت أكبر احتجاجات محلية مناهضة للحرب منذ حرب العراق. وفي مشاهد تذكّرنا بحرب فيتنام، اقتحم الطلاب مباني الحرم الجامعي، بينما خيم الناشطون خارج منزل وزير الخارجية أنتوني جيه بلينكن. وتحدث العديد من المحتجين وكأن بايدن يدير الحرب في غزة.
وفي حين لم يرحب بايدن بشكل واضح بالصراعات في أوكرانيا أو غزة، فإنه تحدث عنها أحياناً بعبارات "تشيرشلية". ففي خطاب ألقاه في المكتب البيضاوي في تشرين الأول/ أكتوبر، دعا إلى حزمة مساعدات كبيرة لأوكرانيا و"إسرائيل"، قائلاً إنّ أميركا تقف عند "نقطة تحوّل في التاريخ، واحدة من تلك اللحظات حيث ستحدد القرارات التي نتخذها اليوم المستقبل لعقود قادمة".
ربما سنجد حسابات بايدن وقدرته على حل الصراعات في إرثه. وهو الآن يضغط على نتنياهو لإبرام اتفاق وقف إطلاق النار مع حماس لإنهاء الحرب في غزة، لكن أيّ اندفاع متأخر لصنع السلام قد يكون ذا قيمة لا تقدّر بثمن بالنسبة إلى مكانة بايدن في كتب التاريخ.