"ميدل إيست آي": حرب غزة الوحشية ستطغى على إرث بايدن السياسي

كان لدى الرئيس الأميركي السابق جو بايدن الكثير من الأدوات الموضوعة تحت تصرّفه لإنهاء الهجوم الإسرائيلي، بما في ذلك اتفاق وقف إطلاق النار الذي تمّ التوصّل إليه.

  • لافتة تحمل عبارة
    لافتة تحمل عبارة "جو الإبادة الجماعية" خلال احتجاجات أميركية

موقع "ميدل إيست آي" ينشر مقالاً تحدّث فيه عن حرب غزّة، وكيف قام الرئيس الأميركي السابق جو بايدن بدعم "إسرائيل" بشكل مطلق على الرغم من المعارضة واسعة النطاق محلياً على صعيد رسمي وشعبي، ويقول إنّ هذه الحرب الوحشية ستطغى على إرثه السياسي. 

أدناه نص المقال منقولاً إلى العربية:

خلال حملته الرئاسية لعام 2020، تعهّد الرئيس الأميركي جو بايدن باستعادة ما قال إنّه مكانة الولايات المقوّضة على الساحة العالمية. وكان يتطلّع إلى إحداث تغيير في الإدارة الأميركية التي كانت غير تقليدية في عهد دونالد ترامب. فهو قبل كلّ شيء، يُعدّ سياسياً نصّب نفسه لعقود من الزمن مرجعاً في الشؤون العالمية، ولا سيّما منذ توليه رئاسة لجنة العلاقات الخارجية بمجلس الشيوخ في أوائل العقد الأول من القرن الحادي والعشرين. وخلال عامه الرئاسي الأول، اعتبر البيروقراطيون في إدارته أنّ الانسحاب العسكري الأميركي العشوائيّ والدامي من أفغانستان بعد عشرين عاماً من الاحتلال يمثّل فشلاً ذريعاً نظراً للطريقة التي تمّ بها تنفيذ هذا الانسحاب.

وبعد غزو روسيا لأوكرانيا، كان لبايدن الفضل الكبير في تشكيل تحالف غربي قام بعزل موسكو وبتمويل كييف. وباعتباره صهيونياً - وهي التسمية التي اعتمدها عندما كان يتودّد إلى المانحين المؤيّدين لـ"إسرائيل" لحملته الوليدة في مجلس الشيوخ في السبعينيات - كان مصرّاً على تلبية احتياجات "إسرائيل" العسكرية من دون رقابة تُذكر. وفي تشرين الأول/أكتوبر، وبعد عام من بدء الهجوم الإسرائيلي على غزة، قتلت القوات الإسرائيلية رئيس المكتب السياسي لحركة حماس في قطاع غزة، يحيى السنوار. وسرعان ما نال بايدن الفضل في ما اعتبره انتصاراً. فقد حقّق هدفاً إسرائيلياً أميركياً رئيساً، على الرغم من مقتل ما لا يقلّ عن 42 ألف فلسطيني في غزة في ذلك الوقت، نصفهم من الأطفال تقريباً. وقد أشار الخبراء في ذلك الوقت إلى أنّ العدد الإجمالي للضحايا قد يكون أعلى بكثير، مع الأخذ في الاعتبار ضحايا الأمراض والمجاعة.

وسار عشرات الآلاف من المتظاهرين بشكل متواصل في جميع أنحاء البلاد مطالبين بإنهاء ما أشارت إليه الأمم المتحدة بـ"أعمال الإبادة الجماعية" التي ترتكبها "إسرائيل". وشهدت البلاد اضطرابات مناهضة للحرب في المناسبات العامّة لبايدن، ولم يتمكّن وزير خارجيته من مغادرة منزله إلا والطلاء الأحمر يلطّخ سيارته. وقد أوضح المستقيلون من إدارته أنّ الوضع بات غير مقبول. وفي تشرين الثاني/نوفمبر، أرسل له موظفوه في البيت الأبيض رسالة معارضة يتوسّلون إليه التحرّك لإنهاء المجازر.

ونظراً لتنحّي بايدن جانباً حتى تتمكّن نائبته، كامالا هاريس، من قيادة التذكرة الديمقراطية لانتخابات عام 2024 في تموز/ يوليو، فقد كان يعلم مسبقاً أنه يمتلك وقتاً محدوداً لتشكيل إرثه؛ في حال أراد ذلك. إلا أنّ بايدن لم يعمد إلى تغيير سياسته في الشرق الأوسط. 

وخلال الأشهر الأخيرة من رئاسة بايدن، تحدث موقع "ميدل إيست آي "إلى عدد من الأكاديميين والمؤرخين والمحللين السياسيين الأميركيين حول هذا الموضوع، بالإضافة إلى مسؤولين سابقين في الإدارة. وقد تباينت مواقفهم حول القدرات التي يتمتع بها الرئيس عندما يتعلق الأمر بـ"إسرائيل"، والتي يمكن أن تكون مدفوعة بعوامل أيديولوجية وسياسية وليس عوامل عملية. لكن معظمهم اتفق على أنه من المستبعد بصورة واقعية أن يبذل بايدن جهداً إضافياً للتوصل لوقف إطلاق النار قبل مغادرة منصبه. وهذا ما سمح لـ"إسرائيل" بأن ترفع عدد القتلى إلى ما يقرب من 48 ألف فلسطيني، غالبيتهم من النساء والأطفال.

"جو الإبادة الجماعية"

خلال حديثه إلى محطة " أم أس أن بي سي" (MSNBC) الأميركية يوم الخميس في آخر مقابلة تلفزيونية له كرئيس، كشف بايدن أنه خلال زيارته لـ"إسرائيل"، بعد عشرة أيام فقط من وقوع الهجمات التي قادتها حماس ضد "إسرائيل" في 7 تشرين الأول/أكتوبر 2023، أخبر رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو أنه لا يستطيع "قصف المناطق المدنية بصورة عشوائية". وقال: "لقد أخبرتهم أننا سنساعدهم، لكن يا نتنياهو، لا يمكنك قصف هذه المجتمعات. فأجابني: "لكنك فعلتها سابقاً وقصفتَ برلين واستخدمتَ الأسلحة النووية. لقد قتلت الآلاف من الأبرياء لأنه كان عليك فعل ذلك لتكسب الحرب". 

ومع ذلك، وفي ظل تزايد أعداد القتلى في غزة خلال الهجوم الإسرائيلي على القطاع، التزم بايدن بإرسال نحو 30 مليار دولار إلى "إسرائيل" من خلال مشاريع قوانين منفصلة وافق عليها الكونغرس. وقد رفضت إدارة بايدن الاستفادة من مليارات الدولارات التي كانت تنفقها على "إسرائيل" للتوصّل إلى وقف إطلاق النار. وبحسب فريق بايدن، فإن مبعوث الرئيس دونالد ترامب للشرق الأوسط هو الذي ضغط شخصياً على نتنياهو لقبول اتفاق وقف إطلاق النار الذي كان مطروحاً على الطاولة منذ أكثر من عام، وفقاً للوسطاء القطريين. 

إنّ اعتراف بايدن، بعد مرور أكثر من 15 شهراً من الحرب الإسرائيلية على غزة، بأنه كان يعلم أن "إسرائيل" قد قضت على المدنيين بشكل عشوائي، وأنه كان ينوي مواصلة تلك الاستراتيجية، لهو "أمر محرج وربما كان نموذجاً لسياسة هذه الإدارة تجاه غزة"، وفق ما قال الكاتب في صحيفة "واشنطن بوست" والخبير في الشؤون السياسية شادي حامد لموقع "ميدل إيست آي". 

وبعد فترة وجيزة من تلك الزيارة إلى "إسرائيل"، شكّك بايدن، خلال حديثه إلى الصحافيين خارج البيت الأبيض في تشرين الأول/أكتوبر 2023، في الأرقام التي نشرها أحد المراسلين، وقال إن عدد القتلى في غزة مبالغ فيه. وقال حامد: "لعلّ أكثر ما يثير الدهشة هو أن بايدن يبدو متعاطفاً إلى حد ما مع فكرة قصف المدنيين في حال كان هناك (أشرار) في الجوار". وقد أطلق أشدّ منتقدي سياسة بايدن في غزة عليه منذ أكثر من عام لقب "جو الإبادة الجماعية". 

وبحلول الذكرى السنوية الأولى للهجمات التي قادتها حماس ضدّ جنوب "إسرائيل"، قال الكثيرون إنّ الأوان قد فات للسعي لإحداث تغيير حقيقي من شأنه أن يغيّر سمعة بايدن. وفي هذا السياق، قال ويل تودمان، نائب مدير برنامج الشرق الأوسط في مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية، لموقع "ميدل إيست آي" في تشرين الأول/أكتوبر: "سبق أن تمّ ترسيخ إرث بايدن". وأشار إلى أنّ نتنياهو كان يعتمد بالفعل على فوز ترامب في انتخابات تشرين الثاني/نوفمبر وتصرّف وفقاً لذلك، قائلاً: "أعتقد أنه من المستبعد أن يكون نتنياهو على استعداد لتقديم فوز دبلوماسي للرئيس بايدن… لا ​​أرى أن ذلك في مصلحته. فهو يفضّل الانتظار حتى يعود ترامب إلى منصبه؛ وبعد ذلك، قد يحصل على شروط أفضل، أو على الأقلّ يمكنه أن يمنح ترامب فوزاً مبكراً ليكون عند حسن ظنه". وكان تودمان على حقّ. 

"أهداف غير واقعية"

بالإضافة إلى ذلك، كان لحرب غزة تأثير غير مباشر، فقد تركت بايدن من دون تحقيق أيّ انتصارات كبيرة في السياسة الخارجية. وقال تودمان لموقع "ميدل إيست آي": "لقد علّق بايدن آمالاً كبيرة على اتفاقية التطبيع بين السعودية وإسرائيل، وأعتقد أنه كان يأمل حقاً، بل يتوقّع أن تشكّل إرثه". إلا أنّه كلما طال أمد الحرب، بات الاتفاق بعيد المنال بالنسبة لإدارة بايدن. ويُتوقّع أن تُعلن إدارة ترامب في مرحلة ما تحقيقها هذا الإنجاز، ما يترك جعبة بايدن فارغة من أي فوز ملموس في العالم العربي. 

وخلال حديثه إلى موقع "ميدل إيست آي"، أشار جيمس جيفري، المبعوث الخاص السابق لإدارة ترامب إلى التحالف الدولي لهزيمة تنظيم "داعش" والسفير السابق لدى تركيا، إلى أنّه كان ينبغي على بايدن، في أسوأ الأحوال، أن يمهّد الطريق للاتفاق السعودي - الإسرائيلي من خلال إضعاف إيران بشكل أكبر. وكان ينبغي أن يكون دور بايدن بعد مقتل السنوار هو "إنهاء المهمة" من خلال توجيه ضربة عسكرية إلى ما وصفه جيفري بالوكيل الإيراني الثالث في المنطقة بعد حماس وحزب الله: الحوثيون في اليمن. وأضاف أنّه يمكن لإدارة ترامب أن "تنفّذ هجوماً دبلوماسياً يركّز على اتفاقيات أبراهام" وتوسّعها لتشمل العلاقات الدبلوماسية بين الرياض و"تل أبيب".

وكان هناك سؤال حول ما إذا كان من الممكن فعلياً القضاء على حركة مثل حماس بالكامل، وهو أمر قال بايدن إنه يدعم "إسرائيل" من دون قيد أو شرط للقيام به. لقد كان هدفاً غير واقعي ولم يكن من الممكن تحقيقه. وكما أظهرت الصور من غزة في اليوم الأول لوقف إطلاق النار في 19 كانون الثاني/يناير، فقد بدا الجناح المسلّح لحركة حماس، كتائب القسام، أكثر تحدّياً، بحيث وصل إلى وسط غزة بأعداد كبيرة لاستقبال الفلسطينيين المبتهجين. وفي هذا الإطار، قال ستيفن فيرثيم، وهو باحث بارز في مؤسسة "كارنيغي" للسلام الدولي، لموقع "ميدل إيست آي" العام الماضي: "في حال كانت إدارته تسعى إلى القضاء على حماس بالكامل وإطلاق سراح الرهائن الإسرائيليين من أجل عقد صفقة لإنهاء الحرب في غزة، فأنا لست متأكّداً من أنّ هذين الأمرين يمكن تحقيقهما معاً".

وأشار فيرثيم إلى أنّه كثيراً ما تردّد أنّ بايدن حاول استخدام نفوذه مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو من خلال تقديم النصيحة له بشكل شخصي لتقليص الهجوم العسكري على غزة. لكنّ نتنياهو تجنّب باستمرار هذه النصيحة. فـ"هل كان بإمكان بايدن بذل جهد أكبر في هذا الصدد؟ بالتأكيد نعم". قال فيرثيم. 

وعلى الرغم من أنّ بايدن وحده من بين قادة مجموعة السبع هو من استقبل نتنياهو بحفاوة، يعتقد البعض بأن تأثيره كان دائماً محدوداً بطبيعته. وفي حديثه إلى موقع "ميدل إيست آي"، قال كريس إيدلسون، الأستاذ المساعد في علم إدارة الحكومة في الجامعة الأميركية في واشنطن: "إسرائيل دولة مستقلة، وهي ليست دولة تابعة للولايات المتحدة ولا تخضع لها أو لبايدن أو لأيّ شخص آخر. ويستطيع نتنياهو اتخاذ القرارات بشكل مستقل". إلا أن الكثيرين سيشيرون إلى قدرة مبعوث ترامب إلى الشرق الأوسط، ستيف ويتكوف، على الضغط على نتنياهو لوقف إطلاق النار حتى قبل أن يتولى منصبه للاعتراض على هذه المقولة.

"مهزلة كبيرة"

لقد عارضت هالة راريت، التي شغلت مناصب مختلفة في وزارة الخارجية الأميركية واستقالت في الربيع بسبب أسلوب التعامل مع الحرب على غزة، بشدّة فكرة أنّ رئيس الولايات المتحدة لا يملك النفوذ اللازم لعرقلة الهجوم الإسرائيلي على غزة بشكل ملموس. وهي واحدة من بين ما لا يقل عن 12 شخصاً تركوا مناصبهم بسبب استيائهم من انعدام الإرادة لكبح جماح "إسرائيل". وقالت لموقع "ميدل إيست آي": "إن فكرة أنّ إدارة بايدن غير قادرة على فعل أي شيء.. لهي مهزلة كبيرة. فنحن نملك قوانين معمولاً بها لضمان عدم حدوث مثل هذه المواقف". 

وتشمل الأدوات المتاحة لأي إدارة أميركية قانون "ليهي"، الذي يحظر تقديم المساعدة العسكرية الأميركية إلى الوحدات التي تنتهك قوانين حقوق الإنسان؛ وقانون مراقبة الصادرات، الذي يحظر نقل الأسلحة إلى الخارج إذا كان من الممكن أن تؤدي في نهاية المطاف إلى تهديد الأمن القومي الأميركي؛ والمادة "6201" من قانون المساعدات الخارجية، التي تنص على أنه لا يجوز لحكومة الولايات المتحدة تقديم أسلحة لحكومة تعيق وصول المساعدات الإنسانية.

وينصّ قانون مراقبة الصادرات بالتحديد على أنّه لا يمكن للدول أن تحصل على أسلحة أميركية إلا إذا استخدمتها بطريقة دفاعية لا بطريقة هجومية. وقالت راريت إنّ هذا هو السبب وراء تحوّل رئيسها السابق إلى العبارة القائلة بأنّ "لإسرائيل الحقّ في الدفاع عن نفسها. ولم تكن الكلمات التي خرجت من فمه محضّ صدفة"، في إشارة إلى وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن. وأضافت راريت: "من وجهة نظري، كشخص كان داخل الإدارة وكدبلوماسية، فإنّ ما كانوا يفعلونه هو انتهاك متعمّد، أو محاولة لمعرفة كيفية تجاوز القوانين. نحن لا نطبّق قوانيننا عندما يتعلّق الأمر بـإسرائيل". 

من جهته، قال خالد الجندي، مدير البرنامج المعني بفلسطين والشؤون الفلسطينية - الإسرائيلية في معهد الشرق الأوسط والمستشار السابق للقيادة الفلسطينية في الضفة الغربية، لموقع "ميدل إيست آي"، إنّ كلّ ما جرى يتلخّص في التضحيات التي أراد بايدن تقديمها في طريقه للخروج. وإنّ بايدن لم يكن يملك الإرادة السياسية و"لا يريد دفع تكلفة سياسية"، في إشارة إلى جماعات الضغط المؤيّدة لـ"إسرائيل" التي يمكنها أن تصنع شخصية عامّة أو تحطّمها، وذكر: "لقد أراد وفق إطلاق النار بثمن بخس". وأضاف: "يريد أن يتذكّره الجميع باعتباره الرئيس الأميركي الذي وقف إلى جانب إسرائيل في أوقات الشدّة. ولن يتخلى عن هذه الفكرة خلال الأسابيع والأشهر الأخيرة لإدارته. ولماذا؟ لإنقاذ حياة الفلسطينيين فحسب؟".

"بلد قتلة الأطفال"

إنّ كل ما جرى لم ينفع. ولهذا السبب، أعلن طارق حبش، وهو أول أميركي فلسطيني يستقيل من وزارة التعليم في عام 2024، قبيل أسابيع من انتخابات تشرين الثاني/نوفمبر، عن تشكيل لجنة عمل سياسي جديدة إلى جانب جوش بول، الذي كان أول شخص يستقيل من وزارة الخارجية بسبب  أحداث غزة. وقال لموقع "ميدل إيست" إنّ يدَي الرئيس ليستا مقيّدتين "على الإطلاق" عندما يتعلّق الأمر بـ"إسرائيل"، ومن هنا تمّ إطلاق جهود الضغط التي تركّز على مبنى الكابيتول الأميركي، حيث تُصاغ القوانين.

وتأسست منظمة "سياسة جديدة" (A New Policy) التي تقوم على مبدأ تعزيز سياسة أميركية أكثر عدالة في الشرق الأوسط وتدعم القوانين الأميركية وتضمن تطبيق القيم الأميركية. وأشار حبش إلى أنّ عليه أن يتطلّع إلى المستقبل وأنّ الضغط على الكونغرس يُعدّ أفضل رهان للمساعدة في تغيير السياسة. وقال: "ما نحاول تحقيقه هو العمل مع المنظومة الحالية للأشخاص الذين سبق أن قاموا بهذه الخطوة وأعطوا وجهة نظر أخرى". 

ويتفق حبش مع الرأي القائل بأنّ الولايات المتحدة تمر بنقطة انعطاف وأنّ النظام السياسي الأميركي يحتاج إلى مسار جديد. وقال: "أريد أيضاً أن أكون واضحاً: لن يتغيّر شيء بين ليلة وضحاها". وأشار إلى أنّه حتى في ظل إدارة ترامب الجديدة، "قد تتغيّر السياسة، لكنني لا أعتقد أنّه سيكون تحوّلاً جوهرياً". 

وقالت راريت، التي كانت مقيمة في منطقة الشرق الأوسط وكان من ضمن عملها في وزارة الخارجية جمع تقارير حول كيفيّة تغطية وسائل الإعلام العربية لما يحدث في غزة ورد فعل الجمهور في المنطقة، إنّ بايدن، من خلال تمكين "إسرائيل" من شنّ الحرب على قطاع غزة، تسبّب في انقلاب الناس على الولايات المتحدة. و"أنا ألحظ ذلك حتى من العرب الذين، على سبيل المثال، ارتادوا الجامعات الأميركية في المنطقة ولطالما أحبّوا الولايات المتحدة، وكانوا يحلمون دائماً بالذهاب إليها. وهم يقولون لي الآن: "لن تطأ قدماي تلك البلاد أبداً لأنني لا أرغب في إنفاق دولار واحد من أموالي في الولايات المتحدة. وهذا أمر محزن للغاية". 

وأضافت أنّه على الرغم من ما يسمّى بـ"الحرب على الإرهاب" وفضائح سجن أبو غريب ومعتقل غوانتانامو وغيرها من الفضائح التي لا تعدّ ولا تحصى، آمن الكثير من العرب بالحلم الأميركي وتمنّوا أن يذهب أطفالهم إلى الولايات المتحدة. أما "اليوم، فقد قيل لي، أنتم بلد قتلة الأطفال". 

نقلته إلى العربية: زينب منعم