"بوليتيكو": أوكرانيا تنزلق نحو الكارثة.. الروح المعنوية بين القوات قاتمة
مجلة "بوليتيكو" الأميركية تنقل عن مسؤولين أوكرانيين مخاوفهم من انهيار الخطوط الأمامية في أوكرانيا مع تراجع الدافعية القتالية للجنود والتطوع للقتال لدى الشباب في البلاد.
تحدّثت مجلة "بوليتيكو" الأميركية، اليوم الأربعاء، عن تراجع الدافعية القتالية لدى الجنود الأوكران في السنة الثالثة من الحرب، بسبب تراجع الدعم الغربي لأوكرانيا على عكس ما يزعمه المسؤولون الغربيون في تصريحاتهم الإعلامية.
وكشفت الصحيفة عن تناقص أعداد الشباب الأوكرانيين الذين رغبوا بالتطوّع في القتال وعن تفاديهم التجنيد، كما بيّنت تزايد أعداد الرجال في سن القتال الذين يغادرون أوكرانيا، وبذلك نقلت المجلة توقعات المسؤولين الأوكرانيين أن "تنهار الصفوف الأمامية هذا الصيف أمام هجومٍ روسي".
النص منقولاً إلى اللغة العربية
لا يقتصر الأمر على نفاد ذخيرة القوات الأوكرانية. إن التأخير الغربي في إرسال المساعدات يعني أن البلاد تعاني من نقص خطير في شيء أصعب من القذائف: الروح القتالية المطلوبة لتحقيق النصر.
إن الروح المعنوية بين القوات قاتمة، وقد تدهورت بسبب القصف المتواصل، ونقص الأسلحة المتقدمة، والخسائر في ساحة المعركة. وفي المدن التي تبعد مئات الأميال عن الجبهة، اختفت حشود الشباب الذين اصطفوا للانضمام إلى الجيش في الأشهر الأولى من الحرب. في أيامنا هذه، يتفادى المجندون المحتملون المؤهلون التجنيد ويقضون فترات بعد الظهر في النوادي الليلية بدلاً من ذلك. وقد غادر العديد منهم البلاد تماماً.
إن الصورة التي ظهرت من عشرات المقابلات مع القادة السياسيين، وضباط الجيش، والمواطنين العاديين كانت صورة بلد ينزلق نحو الكارثة، وحتى عندما يقول الرئيس فولوديمير زيلينسكي إن أوكرانيا تحاول إيجاد طريقة لعدم التراجع، فإن ضباط الجيش يقولون سراً إن المزيد من الخسائر أمر لا مفر منه هذا الصيف، السؤال الوحيد هو إلى أي مدى ستكون سيئة؟ يمكن القول إن فلاديمير بوتين لم يكن قط أقرب إلى هدفه مما هو الآن؟
وإذا لم يتغير الوضع قريباً في هذا العام الثالث من الحرب، فإن دولة أوكرانيا كما هي الآن سوف تصبح من الماضي.
وفي حرب بهذه الأهمية الحاسمة للعصر، فإن حجم الإجراءات التي اتخذها الزعماء الغربيون لمساعدة كييف كان أقل كثيراً من لغة خطابهم المتصاعدة. وقد جعلت خيبة الأمل هذه الأوكرانيين من كافة الرتب من الجنود الذين يحفرون الخنادق إلى الوزراء الذين يديرون البلاد، يشعرون بالضجر والغضب.
وعندما سألت مجلة "بوليتيكو" وزير الخارجية دميترو كوليبا عما إذا كان يشعر بأن الغرب قد ترك أوكرانيا للقتال ويداها مقيدة خلف ظهرها، كان حكمه واضحاً: "نعم، أفعل ذلك".
وتتفاقم المخاوف بشأن هشاشة الخطوط الأمامية بسبب الوابل غير المسبوق من الهجمات الروسية التي تهدف إلى تدمير شبكات الكهرباء في أوكرانيا.
وفي الاجتماعات الأخيرة مع صحيفة "بوليتيكو"، أقرّ الزعماء السياسيون بأن الروح العامة في البلاد تتدهور، وعلى الرغم من محاولتهم جميعاً البقاء متفائلين، إلا أن الإحباط تجاه الغرب كان واضحاً في كل محادثة.
تحدث العديد من كبار الضباط الأوكرانيين إلى "بوليتيكو"، لكن على أساس عدم ذكر أسمائهم حتى يتمكنوا من التحدث بحرية، لقد رسموا توقعات قاتمة لاحتمال انهيار الخطوط الأمامية هذا الصيف عندما تشن روسيا هجومها المتوقع.
ولعل الأسوأ من ذلك هو أنهم عبروا في جلسات خاصة عن مخاوفهم من إضعاف عزيمة أوكرانيا، مع تقويض الروح المعنوية بين أفراد القوات المسلحة بسبب النقص الشديد في الإمدادات.
ويطالب القادة الأوكرانيون بمزيد من الجنود المقاتلين، ويشير أحد التقديرات من القائد الأعلى السابق فاليري زالوزني إلى أنهم بحاجة إلى 500 ألف جندي إضافي.
لا شك أن أوكرانيا لا تختلف عن الدول الأوروبية المجاورة لها، حيث تشير استطلاعات الرأي الأخيرة إلى أن أعداداً كبيرة منهم قد يرفضون التجنيد حتى لو تعرضت بلدانهم لهجوم، لكن أوكرانيا هي البلد الذي في حالة حرب.
إضافة إلى ذلك هناك ظاهرة التهرب من الخدمة العسكرية، لقد تبخرت الاندفاعة المبكرة للحماسة الوطنية التي شهدت امتلاء مراكز التجنيد بالمتطوعين، وفرّ ما يقدر بنحو 650 ألف رجل في سن القتال من بلادهم، معظمهم عن طريق تهريب أنفسهم عبر الحدود.
وقبل عامين، كانت القطارات المتجهة من أوكرانيا تحمل بشكل شبه حصري النساء والأطفال والمسنين بحثاً عن ملجأ، إلا أنّه هذا الأسبوع، كان نحو ثلث ركاب القطار الذي كان يقلّ مراسل "بوليتيكو" إلى خارج البلاد من الرجال في سن القتال، وقد تمكنوا بطريقة ما من الحصول على أوراق التنازل للمغادرة.