"واشنطن بوست": بولسونارو يتبع إرشادات ترامب حول التشكيك بنزاهة الانتخابات
يعارض بولسونارو نظام الاقتراع الإلكتروني في البرازيل، مروجاً لمزاعم لا أساس لها حول احتمال تزوير أصوات الناخبين.
كتب إيشان ثارور مقالة في صحيفة "واشنطن بوست" الأميركية قال فيها إن الرئيس البرازيلي جايير بولسونارو لا يزال يتبع خطى الرئيس الأميركي دونالد ترامب حيث بدأ منذ الآن يشكك في نتيجة الانتخابات الرئاسية العام المقبل وبنظام الاقتراع الالكتروني مهدداً برفض النتيجة، مع كشف استطلاعات الرأي تراجعه الشعبي واحتمال هزيمته.
وقال الكاتب إن بولسونارو وترامب هما من الطيور التي تقع على أشكالها القومية المتطرفة. فقد صعد كلاهما إلى السلطة مستغلاً موجة من الغضب المناهض للمؤسسة. وكلاهما ابتهج بسمعته على أنه شخص مبتدئ سياسياً. واستغل كلاهما حرباً ثقافية يمينية، مع تبني سياسات ساعدت في تعزيز مجموعة من النخب الثرية وتقويض الجهود الدولية بشأن مكافحة التغيّر المناخي. وكلاهما تخبط لأن وباء كورونا قد أودى بحياة مئات الآلاف من الأشخاص في بلديهما.
وأضاف: عندما واجها إعادة انتخاب، اختار كلاهما إثارة الذعر بشأن التزوير المزعوم والتشكيك في نزاهة العمليات الديمقراطية في دولته. وفيما يواصل ترامب القيام بذلك، حتى خارج منصبه، فإن بولسونارو، الذي يتراجع في استطلاعات الرأي قبل الانتخابات الرئاسية العام المقبل، يقرأ بشكل أساسي من كتاب "قواعد لعب ترامب".
ففي الأشهر الأخيرة، ثار بولسونارو ضد نظام الاقتراع الإلكتروني في البرازيل، مروجاً لمزاعم لا أساس لها عن تزوير أصوات الناخبين. فهو يريد المضي قدماً في الإجراءات التي تتطلب من الآلات الإلكترونية طباعة الإيصالات الورقية لأوراق الاقتراع، وهو ما يجادل بأنه سيجعل التصويت أكثر شفافية. وقد حذر الشهر الماضي من أنه إذا لم يتم تمرير هذه الإجراءات، فقد لا يقبل هو وأنصاره بنتائج انتخابات في تشرين الأول / أكتوبر 2022.
وكتبت فريدا غيتيس في مقال رأي في صحيفة "واشنطن بوست" تقول إن :الفكرة تبدو بريئة بما فيه الكفاية، لكن الخبراء يقولون إنها هراء مخادع. يعتقد قضاة المحكمة العليا السابقون والحاليون الذين يجلسون في محكمة الانتخابات، بالإضافة إلى عدد لا يحصى من المراقبين السياسيين، أن بولسونارو يريد المطبوعات كوسيلة لإطلاق العنان لسيل من دعاوى التزوير، على غرار وابل الدعاوى القضائية وعمليات إعادة فرز الأصوات التي رفعها ترامب وأنصاره".
وقال الكاتب إنه حتى الآن، لا يوجد دليل لبولسونارو على احتمال التزوير. كما نجحت البرازيل في مراجعة الانتخابات التي أجريت باستخدام الآلات الإلكترونية في الماضي. ووصلت هجمات الرئيس البرازيلي على الوكالات التي ترأس الانتخابات إلى ذروتها الأسبوع الماضي، عندما بدأت المحكمة العليا والمحكمة الانتخابية العليا في البلاد تحقيقات في تصريحاته، مما يشير إلى أن بولسونارو قد يكون مذنباً بإساءة استخدام المنصب، والاستخدام غير السليم لقنوات الاتصال الرسمية الخاصة به إلى عدد من الجرائم المحتملة الأخرى.
وبكل وقاحة، ذهب بولسونارو إلى نعت لويس روبرتو باروسو، القاضي الذي هو رئيس المحكمة الانتخابية والعضو في المحكمة العليا، بـ"ابن عاهرة".
وقال باروسو رداً على ذلك: "إن تشويه النقاش العام بالمعلومات المضللة والأكاذيب والكراهية ونظريات المؤامرة هو سلوك غير ديمقراطي".
ويجادل المنتقدون بأن الرئيس بولسونارو، مثل ترامب، يحاول زرع الشكوك حول الانتخابات المقبلة قبل هزيمة محتملة. وقال الكاتب إنها ليست حالة مفاجئة بالنظر إلى الإعجاب المعلن للزعيم الديماغوجي بالديكتاتورية العسكرية السابقة للبلاد. فيوم الثلاثاء الماضي، نظمت حكومته عرضاً عسكرياً في العاصمة برازيليا في استعراض واضح للقوة حيث كان المشرّعون في الكونغرس الوطني يستعدون للتصويت على مشروع قانون يفرض على آلات التصويت طباعة الإيصالات الإلكترونية.
استُقبلت الحيلة، التي تضمنت موكباً من المركبات المدرعة ودبابة واحدة على الأقل، بسخرية وغضب على نطاق واسع على وسائل التواصل الاجتماعي البرازيلية. غرد وغرّد الصحافي برونو ميلو قائلاً إن العرض "سخيف.. لا داعي له.. من حركات جمهورية الموز".
وقال خوسيه روبرتو دي توليدو، وهو صحافي سياسي من مجلة بياوي، بحسب صحيفة الغارديان البريطانية: "إنه أمر لا يصدق ... التفسير الوحيد هو أنهم يحاولون إقناع الكونغرس بأنهم بحاجة إلى مزيد من الأموال لشراء المعدات".
ورفض مجلس النواب في الكونغرس البرازيلي اقتراح استلام الأوراق ليلة الثلاثاء.
لكن الجو السائد ليس طريفاً. إذ يحظى بولسونارو بدعم كبير من قوات الأمن في البلاد والعديد من الرجال العسكريين السابقين (الرئيس نفسه كان نقيباً في الجيش) يشغلون مناصب سياسية رئيسية. وقال الكاتب إن الحديث عن انقلاب محتمل قد يكون مبالغاً فيه، لكن بولسونارو لديه سجل طويل في التحدث بحزن عن اتخاذ خطوات خارج حدود الدستور البرازيلي ولديه مجموعة كبيرة من المؤيدين الذين يهتفون بمثل هذا الخطاب الخطير سياسياً.
وقال ماركوس نوبري، أستاذ العلوم السياسية البارز في جامعة ولاية كامبيناس، لـ"نيويورك تايمز" الشهر الماضي: "الوضع مقلق للغاية في البرازيل. ما يحدث هنا خطير للغاية".
ويوم الجمعة الماضي، نشرت صحيفة "فولها دي إس باولو" الرائدة افتتاحية في الصفحة الأولى وصفت بولسونارو بأنه "رئيس ضد الدستور" وحذرت من أنه "يرتكب جنوناً متسلسلاً في هروبه إلى الاستبداد ويجب أن يوقفه القانون الذي يحتقره".
وأدت الخسائر الفادحة نتيجة تفشي وباء كورونا والاقتصاد الضعيف إلى إضعاف معدلات تأييد بولسونارو. وأظهر الاستطلاع الأخير تقدم منافسه الرئيسي، الرئيس اليساري السابق لويس ايناسيو لولا دا سيلفا، بحوالى 20 نقطة. وقد يعكس موقفه الحالي درجة من اليأس.
وقالت الصحيفة إن قليلين يعتقدون أن بولسونارو ستكون لديه أي فرصة حقيقية لإلغاء الانتخابات. يقول المحللون: "إذا كان هناك أي شيء، فإن خطابه ينم عن ضعفه السياسي. انخفضت معدلات تأييده إلى مستويات قياسية. قتل فيروس كورونا أكثر من 545 ألف برازيلي، ويحقق محققون في الكونغرس في استجابة حكومته للوباء. يجري التحقيق معه بشأن مزاعم بأنه فشل في الإبلاغ عن شكوك حول فساد حكومي في شراء لقاح هندي".
في غضون ذلك، اتخذت إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن موقفاً أكثر برودة تجاه بولسونارو من الإدارة السابقة. ففي زيارة الأسبوع الماضي إلى البرازيل، ورد أن مستشار الأمن القومي الأميركي جيك سوليفان قد حذر نظراءه البرازيليين من تعطيل انتخابات بلادهم.
وقال خوان غونزاليس، كبير مديري مجلس الأمن القومي البرازيلي للصحافيين: كنا مباشرين للغاية، وأعربنا عن ثقتنا الكبيرة في قدرة المؤسسات البرازيلية على إجراء انتخابات حرة ونزيهة مع توفير الضمانات المناسبة والحماية من التزوير . وشددنا على أهمية عدم تقويض الثقة في تلك العملية، خاصة أنه لم تكن هناك بوادر تزوير في الانتخابات السابقة.
وأشار الكاتب إلى أن نجل الرئيس، إدواردو بولسونارو، وهو سياسي أيضاً، غرد على تويتر برسالة دعم لترامب يوم الاثنين، مليئة بصور له إلى جانب الرئيس الأميركي السابق. وتباهلى في رسالته بـ"تقارب المُثُل" التي يتقاسمها "رجال يتمتعون بسمعة لا تشوبها شائبة وسلطة أخلاقية" في البرازيل والولايات المتحدة.
نقله إلى العربية بتصرف: هيثم مزاحم