"فورين بوليسي": ليس لديك فكرة عن سوء أزمة الطاقة في أوروبا
الخبير في أسواق الغاز العالمية أليكس مونتون يقول إنّ أسعار الغاز الطبيعي في أوروبا مكلف للغاية، وكأن أوروبا تدفع 500 دولار ثمناً لبرميل واحد من النفط.
نشر موقع صحيفة "فورين بوليسي"، اليوم السبت، مقالاً للكاتبة كريستينا لو، تتحدث فيه عن أزمة الطاقة في الأسواق الأوروبية بسبب ارتفاع أسعار الغاز الطبيعي في أوروبا.
وفيما يلي نص المقال منقولاً إلى العربية:
إذا كان معظم العالم يكافح لمواجهة ارتفاع أسعار الطاقة، فإنّ أوروبا تتعرض لضغوط شديدة، ما يجبر القادة الأوروبيين على الارتجال في خطط الإنقاذ وإجراءات الطوارئ، لتجنيب المستهلكين الألم الاقتصادي المدمر في الشتاء.
وتتمثل المشكلة الأكبر في ارتفاع أسعار الغاز الطبيعي، وما تسببه من فوضى في جميع أنحاء القارة، في التضخم الإقتصادي التوربيني، حيث تعطل الصناعات، والناس العاديين يرتجفون من فواتير الكهرباء الخاصة بهم. أسعار الغاز الطبيعي في أوروبا الآن أعلى بنحو 10 أضعاف مما كانت عليه في المتوسط خلال العقد الماضي، وهي أعلى بـ 10 أضعاف السعر الحالي في الولايات المتحدة.
قال الخبير في أسواق الغاز العالمية، أليكس مونتون، إنّ أسعار الغاز الطبيعي في أوروبا مكلف للغاية، وكأن أوروبا تدفع 500 دولار ثمناً لبرميل واحد من النفط.
وأضاف مونتون: "لدينا أسعار غاز فلكية، وما زلنا على بعد بضعة أشهر من بلوغ الطلب ذروته حقاً خلال فصل الشتاء. وهناك عدم يقين حقيقي بشأن ما إذا كان سيكون هناك ما يكفي من الغاز لتلبيتها".
تعزى مشكلة الغاز إلى حد كبير إلى الحرب بين روسيا وأوكرانيا، والتي أثرت في صادرات الغاز الروسي إلى أوروبا. لكن الأمر لا يتعلق بالحرب فقط، فالإمدادات البديلة باهظة الثمن، وقد أدى تغير المناخ إلى استنزاف الأنهار لدرجة أنّ العديد من المحطات النووية في أوروبا أصبحت غير متصلة بالإنترنت، وكان هناك أكثر من عقد من الارتباك بين صانعي السياسة الأوروبيين حول كيفية امتصاص الصدمات من قبل الحكومات الأوروبية.
وصلت أسعار الطاقة في كل من ألمانيا وفرنسا إلى مستويات قياسية هذا الأسبوع، وهو انعكاس لحالة "الطوارئ الكهربائية" المتزايدة في القارة، في وقت تنهار فيه الحكومات تحت الضغوط الاقتصادية، وتتخذ تدابير يائسة، مثل بريطانيا، التي أعلنت عن زيادة مؤلمة في سقف تكاليف الطاقة المنزلية بنحو 80%، بينما زادت ألمانيا التكلفة على كل منزل بنحو 500 يورو سنوياً.
اعتادت أوروبا تعبئة مخزون الغاز خلال فصل الصيف لا في فصل الشتاء عندما يكون الاستخدام أعلى. الآن، ومع اقتراب الأشهر الباردة، وتشديد الخناق الروسي على تدفقات الغاز الطبيعي، تدخل أوروبا في سباق مع الزمن لملء خزاناتها بأسعار باهظة. لكن هذا لا يعني أنها ستكون بمأمن حين تقرع الثلوج أبواب القارة.
أوروبا عادة ما تستخدم الكثير من مخزونها الغازي، بينما تستورد في الوقت عينه الكثير من المصادر الأخرى، وهي تحتاج إلى كليهما. لكن، هناك تهديد حقيقي للغاية بعدم وجود أي غاز روسي على الإطلاق. في الأوقات العادية، يشكل الغاز الروسي نحو 40% من الواردات الأوروبية.
ومن دون إمدادات روسيا في الشتاء، ستضطر الدول الأوروبية إلى الاعتماد على واردات الغاز المسال بدرجة أكبر من الولايات المتحدة. لكن، المشكلة هي أن آسيا، وهي أكبر سوق للغاز المسال عالمياً، ستنافس أوروبا على الإمدادات ذاتها، ما يعني أن الأسعار ستكون دائماً أعلى من الغاز القديم عبر الأنابيب من روسيا.
وبالفعل، سارع العديد من القادة إلى تأمين صفقات وإمدادات بديلة مع دول أخرى. وحصلت إيطاليا على المزيد من الغاز من الجزائر بينما اتجهت دول أخرى إلى أذربيجان والنرويج وقطر.
كذلك، أعربت ألمانيا عن أملها في إبرام صفقة جديدة للغاز الطبيعي المسال مع كندا، والتي كانت بدورها أقل تفاؤلاً إلى حد كبير. استثمر آخرون بشكل كبير في البنى التحتية، حيث التسابق بين ألمانيا وهولندا وإيطاليا وفنلندا وغيرها من الدول لبناء 5 محطات عائمة للغاز الطبيعي المسال.