"غلوبال تايمز": على واشنطن اعتماد الصدق إذا كانت تريد إصلاح العلاقات مع الصين
في السنوات القليلة الماضية عندما تدهورت العلاقات الصينية الأميركية بشكل حاد، كانت واشنطن تتحدث عن "إدارة" الاختلافات بينما تخلق باستمرار خلافات جديدة.
تناولت صحيفة "غلوبال تايمز" الصينية الصادرة باللغة الإنجليزية مسألة العلاقات الأميركية الصينية واحتمال إصلاحها.
وقالت الصحيفة إن نائب وزير الخارجية الصيني شيه فنغ قد أجرى محادثات مع مساعد وزير الخارجية الأميركي لشؤون شرق آسيا والمحيط الهادئ دانييل كريتنبرينك، ولورا روزنبرغر، كبيرة مديرة شؤون الصين في مجلس الأمن القومي بالبيت الأبيض، في مدينة لانغفانغ بمقاطعة خوبي يومي 11 و12 كانون الأول / ديسمبر الجاري. وأجرى الجانبان مناقشات متعددة الأوجه وشاملة حول تنفيذ التوافق الذي توصل إليه الرئيسان الصيني والأميركي في بالي بإندونيسيا، ودفع المشاورات حول المبادئ التوجيهية للعلاقات الصينية الأميركية، والتعامل الصحيح مع القضايا الحساسة الرئيسية في العلاقات الثنائية، مثل قضية تايوان، فضلاً عن تعزيز التبادلات على جميع المستويات، والتعاون في بعض المجالات. واتفق الجانبان على أن المحادثات كانت صريحة وعميقة وبناءة، وأنهما سيحافظان على التواصل.
وأشارت الصحيفة إلى أن هذا هو أول وفد أميركي رفيع المستوى يزور بكين منذ أن تعهد زعماء البلدين ببذل جهود لإصلاح العلاقات الثنائية في قمة مجموعة العشرين في بالي في تشرين الثاني / نوفمبر الماضي. ووفقاً لوزارة الخارجية الأميركية، الزيارة يفترض أن تحضر كذلك لرحلة وزير الخارجية الأميركي أنطوني بلينكين إلى الصين، المخطط لها في أوائل عام 2023.
وأوضحت أنه يمكن القول إن رحلة كريتنبرينك وروزنبرغر إلى الصين هي أحدث تقدم أحرزه الجانبان في متابعة وتنفيذ التوافق الذي توصل إليه رئيسا البلدين. فعلى الرغم من أن زيارة الوفد الأميركي إلى الصين تعتبر أكثر روتينية، إلا أنها لا تزال تجعل العالم الخارجي لديه توقعات أكثر إيجابية لإصلاح العلاقات الصينية الأميركية، من أجل "تجنّب أي حادث" وسط تصاعد العلاقات المتوترة بين القوتين العظميين. وأضافت الافتتاحية: في الآونة الأخيرة، عقدت الصين والولايات المتحدة حوارات على مستويات مختلفة في مجالات الاقتصاد والتجارة والمناخ والشؤون العسكرية. ويتزايد التفاعل بين الجانبين على أساس إجماع رؤساء الدول. هذا ينقل بعض الإشارات الدافئة والحوار خير من المواجهة والربح للجانبين أفضل من المحصلة الصفرية. لذلك نرحب بزيارة الوفد الأميركي رفيع المستوى ونأمل أن يستمر هذا التفاعل".
وأشارت الصحيفة إلى أنه تمت ملاحظة أنه عندما قدم المسؤولون الأميركيون إيجازات قبل زيارة الوفد إلى الصين، فقد خلقوا، عن قصد أو عن غير قصد، جواً من الرأي العام بأن "الصين بحاجة إلى التواصل أكثر مع الولايات المتحدة". فقد زعم منسق البيت الأبيض لمنطقة المحيطين الهندي والهادئ كورت كامبل الأسبوع الماضي أن الصين تريد علاقات مستقرة مع الولايات المتحدة لأنها تواجه "تحديات اقتصادية محلية". لكن "غلوبال تايمز" اعتبرت أنه من الواضح للجميع أن قلق الولايات المتحدة بشأن الصين ومنطقها المهيمن هو الذي يجعل العلاقات الثنائية أقل "عملية" و"يمكن التنبؤ بها" بصورة أقل. وأضافت: لطالما كان الشعب الصيني على دراية بخدعة الضغط على الجانب الصيني من خلال الرأي العام قبل المحادثات، فواشنطن لا تتمتع بمصداقية جيدة. نحن نولي اهتماماً أكبر لما يفعلونه مما يقولونه. فقط في الأيام القليلة الماضية، بينما أعلنت واشنطن أنها "ستواصل إدارة المنافسة بشكل مسؤول بين البلدين واستكشاف مجالات التعاون المحتملة"، استمرت في تحدي المصالح الأساسية للصين في مجالات مثل مسألة تايوان، وإعادة هيكلة سلسلة التوريد والشؤون العسكرية وحقوق الإنسان. إن إجراءات قمع وحصار واحتواء الصين لم تتوقف أبداً. وهذا ما يجعل واشنطن "ذات وجهين".
وأشارت الصحيفة إلى أنه في السنوات القليلة الماضية عندما تدهورت العلاقات الصينية الأميركية بشكل حاد، كانت واشنطن تتحدث عن "إدارة" الاختلافات بينما تخلق باستمرار خلافات جديدة. وقالت "إن هذا هو أكبر عدم اليقين في العلاقات الثنائية بينما مبدأ الصين في التعامل مع العلاقات الأميركية ثابت ومستقر، وهو الاحترام المتبادل والتعايش السلمي والتعاون المربح للجانبين. لقد سعى الجانب الصيني دوماً إلى التعاون والاستقرار بين البلدين بأقصى درجات الإخلاص، لكنه لن يقدم أية تنازلات في القضايا المبدئية الرئيسية. في الوقت نفسه، على الرغم من أن العلاقة بين الصين والولايات المتحدة هي واحدة من أهم العلاقات الثنائية في العالم، إلا أنها ليست بأي حال من الأحوال الدبلوماسية الصينية بأكملها. إن دائرة أصدقاء الصين آخذة في الاتساع، وهذا، ليس نتيجة المنافسة مع الولايات المتحدة، ولكن لأن التنمية في الصين قد أفادت العالم بشكل جوهري".
ورأت الافتتاحية أنه لا بد أن تصبح علاقة الصين بالعالم أوثق. فهذا اتجاه العصر لا رجوع فيه، ولطالما لاحظت واشنطن تغيرات العالم من خلال عدسة المنافسة مع الصين، وهذا سيجعل طريقها أقصر".
وختمت "غلوبال تايمز": نأمل أن يتمكن الوفد الأميركي من نقل موقف الصين بدقة إلى واشنطن، وهو أننا نرحب بالتعاون الصيني الأميركي، لكننا لن نقبل أبداً "التعاون" الهادف إلى إضعاف الصين واحتوائها وقمعها. وتحقيقاً لهذه الغاية، فإن الصين تتحلى بالصبر والثقة. كما نأمل أن يتمكن المسؤولون في واشنطن من تنفيذ التزامات الرئيس جو بايدن تجاه الصين التي تم التعهد بها في بالي. بعد كل شيء، لا يمكن إجراء الحوار والتعاون قبل أن يقنع الصدق والمصداقية الآخرين".