"جيروزاليم بوست": هل ينبغي لـ"إسرائيل" أن تقلق من دفء العلاقات الإماراتية - الإيرانية؟

رئيس مركز القدس للشؤون العامة دوري غولد يقول "هذه الفترة أصبحت فيها العلاقات الإسرائيلية - الإيرانية، أكثر إشكالية من أي وقت مضى، تحتاج "إسرائيل" إلى شريكٍ استراتيجي قوي في الشرق الأوسط، والإمارات هي بالتأكيد هذا النوع من الشريك.

  • جيروزاليم بوست :هل ينبغي لإسرائيل أن تقلق من دفء العلاقات الإماراتية - الإيرانية؟
    "جيروزاليم بوست": هل ينبغي لإسرائيل أن تقلق من دفء العلاقات الإماراتية - الإيرانية؟

ذكرت صحيفة "جيروزالم بوست" أنه "بينما يتجه كبار المسؤولين الإسرائيليين إلى حلفائهم للتحذير من تخفيف الضغط على طهران، تكثّف الإمارات علاقاتها مع جارتها".

وفيما يلي نص المقال المنقول إلى العربية:

ظهرت صورة مثيرة للاهتمام على المواقع الإخبارية في جميع أنحاء الشرق الأوسط هذا الأسبوع. للوهلة الأولى، تميزت بالزي غير المعتاد للاجتماع الدبلوماسي.

على اليسار كان هناك رجل يرتدي كوفية وعباءة زرقاء، التي يرتديها العديد من الرجال العرب، وهي مظهر معياري جميل في أجزاء من الشرق الأوسط، باستثناء أنه كانت تعلوها سترة سوداء على الطراز الغربي، وكان يرتدي نظارة شمسية أفياتور في الداخل. صافح رجلاً يرتدي صدرية صوفية زرقاء، تعلوها سترة زرقاء بأزرار كانت تنفجر من قياسها الصغير.

لكن الأمر الأكثر إثارة للاهتمام من بيان أزياء الرجلين الفريدة كانت الأعلام التي كانت خلفهما: الإماراتية والإيرانية.

الرجلان هما مستشار الأمن القومي الإماراتي الشيخ طحنون بن زايد آل نهيان، وسكرتير المجلس الأعلى للأمن القومي الإيراني علي شمخاني.

كما التقى طحنون بن زايد - الذي غالباً ما يرتدي نظارته الشمسية في الداخل - بالرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي، ودعاه للقيام بزيارة رسمية، وفقاً لوسائل الإعلام الإيرانية، على الرغم من أن وكالة أنباء الإمارات الرسمية (وام) لم تذكر الدعوة.

اجتماعهما مثّل خطوة كبيرة نحو التقارب بين البلدين، بعد سنوات من الحذر من الإماراتيين، الذين يرون في إيران تهديداً للأمن القومي.

لطالما كان ولي عهد أبو ظبي الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، شقيق طحنون، قلقاً بشأن إيران نووية، والتي كانت أحد العوامل التي جعلت بلاده أقرب إلى "إسرائيل" وأدت إلى اتفاق أبراهام في نهاية المطاف العام الماضي. كما بنى الجيش الإماراتي في السنوات الأخيرة للدفاع عن البلاد من التهديد الإيراني.

جاء الاجتماع في طهران خلال فترة استراحة في المفاوضات بين القوى العالمية وإيران من أجل عودة الجمهورية الإسلامية إلى خطة العمل الشاملة المشتركة، اتفاق 2015، للحد من تخصيب اليورانيوم الإيراني حتى سنة 2030، مقابل الرفع التدريجي للعقوبات.

انسحبت الولايات المتحدة من الصفقة في سنة 2018، بعد فترة وجيزة من تهريب الموساد لأرشيف إيراني للخارج، مما أثبت أن طهران كانت تعمل في مشروعٍ عسكري. لكن إدارة بايدن تريد العودة إلى الصفقة الأصلية لكبح ذلك البرنامج النووي.

مصدر دبلوماسي رفيع المستوى في القدس قال إن "تحوط الإماراتيين في رهاناتهم ليس بادرة جيدة" من حيث رؤيتهم للمحادثات الإيرانية. وأضاف المصدر: "إنهم يرون خطر العودة إلى تطبيع إيران لعام 2015، لذا فهم يتوخون الحذر".

وقال المصدر: "إيران جارتهم وهي دولة كبيرة، لذا فإن الإمارات بحاجة إلى أن تلعب لعبة مختلطة. حتى عندما كان لديهم خط أكثر معاداة لإيران، كانوا حذرين وحافظوا على العلاقات الاقتصادية". 

لؤي الشريف، الخبير في العلاقات الإسرائيلية العربية المقيم في أبو ظبي، قال كلاماً مشابهاً: "لا يمكننا تغيير الجغرافيا. إيران دولة مجاورة تبعد بضع كيلومترات عن العديد من الدول العربية في الخليج".

ووضع الشريف الاجتماع في سياق أوسع لا علاقة له بفيينا، وأشار إلى الزيارات الأخيرة التي قام بها الشيخ طحنون إلى قطر وتركيا، وهما دولتان تربطهما علاقات متوترة مع الإمارات في السنوات الأخيرة. وقال: "تحرص الإمارات على الحفاظ على علاقات جيدة مع اللاعبين الرئيسيين في المنطقة لتقليل التوتر وتحقيق السلام". 

مثل الشريف والمصدر الدبلوماسي الإسرائيلي، قال رئيس مركز القدس للشؤون العامة دوري غولد إن الإماراتيين ربما يحاولون وضع أنفسهم في موقف أكثر حيادية حتى لا تستهدفهم إيران.

ومع ذلك، قال إن هذا الجهد مضلل. "إذا كان هناك من يعتقدون أنه من خلال الاستسلام لإيران، فإن ذلك سيجعلهم فجأة يتصرفون بشكل أفضل، فهم مخطئون بشدة". وحذّر غولد من أن "ذلك لن يؤدي إلا إلى تدخلٍ إيراني أكبر في الشرق الأوسط".

ورأى غولد، الذي كان في البحرين لحضور القمة العالمية للمفكرين هذا الأسبوع، الاجتماع من حيث أن الإمارات تستعد لشرقٍ أوسط بدعمٍ وتدخلٍ أقل من الولايات المتحدة.

وبعيداً عن رغبة واشنطن المُدرَكة للانضمام إلى الصفقة الإيرانية، حتى على حساب كونها أضعف مما كانت عليه في الماضي، أصيب العديد من حلفاء الأميركيين في المنطقة بالرعب من الانسحاب الأخير من أفغانستان.

غولد قال إن محاوريه من الخليج في هذا الأسبوع، وخاصة الإماراتيين "يدركون نوعاً من الضعف الأميركي. تدور كل هذه الضجة حول ما يجري مع الإمارات العربية المتحدة والولايات المتحدة. تصورهم هو أن أميركا تغادر الشرق الأوسط - وهو شيء تتحدث عنه إيران طوال الوقت، بما في ذلك (آية الله علي) خامنئي، وهو هدف استراتيجي". 

وبالمثل، قال المصدر الدبلوماسي في القدس إن "كل الطرق تؤدي إلى واشنطن" وأن القرارات الأميركية يتردد صداها في جميع أنحاء المنطقة.

الشريف قال إن دور أميركا في الشرق الأوسط مهم للغاية، "لكن هذا لا يعني أن دول الخليج يجب أن تلعب دائماً دوراً ثانوياً في المنطقة. دول الخليج تقيم وتشكل رؤية لما يحدث، والإمارات شفافة مع حلفائها. يعرف الأميركيون أن هذا يخدم منطقة مستقرة".

غولد حذّر من أن أبو ظبي ربما تخدم طهران من حيث دك إسفين مع القدس. وقال: "بالنسبة لرئيس إيران، رئيسي، أن يأتي إلى أبو ظبي هو تطور مقلق يمكن أن ينذر بعملية تسعى طهران من خلالها إلى تآكل اتفاقات أبراهام، ما لم يكن هناك تغيير كبير من الولايات المتحدة".

وأضاف: "كان لإيران مصلحة طويلة الأمد في تقويض اتفاقات أبراهام... عندما ترسل الإمارات وزيراً بارزاً من العائلة المالكة إلى طهران، فهذا أقوى مؤشر على أن هذه الاستراتيجية بدأت تؤتي ثمارها".

بالطبع، هناك العديد من الدول الأخرى التي لديها علاقات جيدة مع "إسرائيل" وإيران، لذلك قال غولد إن تأثير التحركات الأخيرة على العلاقات بين "إسرائيل" والإمارات يعتمد على المدى الذي تتجه إليه الأخيرة في التقارب مع طهران. وقال "عقد اجتماع في الأمم المتحدة أو عاصمة أوروبية شيء، لكن الذهاب إلى طهران ودعوة رئيس إيران لزيارة عاصمتك شيء آخر. من حيث التدرج، إنهم يتحركون بسرعة كبيرة، وبقوة كبيرة". 

في الوقت نفسه، لم يكن المصدر الدبلوماسي الكبير قلقاً بشأن انفتاح أبو ظبي على طهران: "إنها ليست دراما كبيرة. هذا كان متوقعاً". 

اعترض الشريف على اعتبار اتفاقات أبراهام لعبة حاصلها صفر. وقال: "اتفاقيات أبراهام لا تهدف إلى الإضرار بأي دولة، بما في ذلك إيران. العلاقات الإماراتية - الإسرائيلية تزدهر في العديد من المجالات، وستزداد وتنمو لمصالح البلدين".

قام رئيس الوزراء السابق بنيامين نتنياهو بعدة محاولات للقاء محمد بن زايد، والتي أحبطتها السياسة وكوفيد - 19، بما لم يسمح لنتنياهو بالقيام بالرحلة إلى حدثٍ كبير وأن يكون موضع الاهتمام مع رجال الأعمال في دبي.

لكن هذه لحظة أساسية لعلاقات "إسرائيل" مع الإمارات العربية المتحدة، ومع استمرار المحادثات النووية الإيرانية، بالنسبة لـ"إسرائيل" بشكل عام، الأمر قد يتطلب عقد اجتماع طال انتظاره بين رئيس الوزراء نفتالي بينيت ومحمد بن زايد قريباً.

نظراً لانتشار متحور أوميكرون، من غير المرجح أن تشمل هذه الزيارة توقف بينيت في الجناح الإسرائيلي في معرض دبي كما كان مخططاً له منذ فترة طويلة.

لكنها ستسمح للزعيمين بأن يكون لهما حديث خاص وأن يضمن بينيت بقاء علاقات البلدين على المسار الصحيح، ليس فقط فيما يتعلق بالتهديد الإيراني ولكن أيضاً بأشكال أخرى من التعاون الإماراتي - الإسرائيلي في مجالات الدفاع والتجارة والصحة والتكنولوجيا وغير ذلك.

قال غولد إن الاجتماع بمحمد بن زايد سيكون "خطوة مهمة للغاية من قبل بينيت، لأنه إذا شعرت الإمارات أن كلًا من الولايات المتحدة و"إسرائيل" قد تغيرتا، فإن الوضع ليس جيداً". وأضاف: "قد يكون الأوان قد فات" لتفادي الدفء في العلاقات الإماراتية الإيرانية، "لكن من المهم أن نحاول".

وأكد غولد أنه "في فترة أصبحت فيها العلاقات الإسرائيلية - الإيرانية أكثر إشكالية من أي وقت مضى، تحتاج "إسرائيل" إلى شريكٍ استراتيجي قوي في الشرق الأوسط، والإمارات هي بالتأكيد هذا النوع من الشريك".