"جيروزاليم بوست": تجربة كوريا الشمالية الصاروخية وتأثيرها على النووري الإيراني
"جيروزاليم بوست" تقول إنّه بالنسبة لـ"إسرائيل" فإنّ حصول إيران على تكنولوجيا صواريخ الـHypersonic سيكون تهديداً ليس فقط لأن إيران قد تقدمت أكثر من أي وقت مضى نحو الأسلحة النووية، بل لأنها ستزيد أيضاً من تهديد الصواريخ الباليستية التقليدية.
كتب الصحافي يونا جيريمي بوب، في صحيفة "جيروزاليم بوست" الإسرائيلية، أنّه إذا نجحت بيونغ يانغ في إطلاق صاروخ Hypersonic للمرة الثانية، فقد يكون ذلك سبباً مباشراً للولايات المتحدة، وربما "إسرائيل"، للقلق بشأن التكنولوجيا التي تجد طريقها دائماً إلى إيران.
أدناه نص التقرير منقولاً إلى العربية:
هل ينبغي لأي شخص أن يهتم بتجربة كوريا الشمالية لإطلاق صاروخٍ باليستي، يوم الأربعاء الماضي؟
نظراً لأنّ قدراً كبيراً من تحليل تصرفات كوريا الشمالية هو في أحسن الأحوال تخمين مستنير، نظراً للطبيعة الغامضة للنظام والبلد، فإن الإجابة هي: هذا يعتمد إذا نجحت بيونغ يانغ للتو في إطلاق صاروخ Hypersonic [هايبر سونيك، فرط صوتي – تزيد سرعته عن 5 ماخ] تفوق سرعته سرعة الصوت للمرة الثانية، فقد يكون ذلك سبباً مباشراً للولايات المتحدة، وربما "إسرائيل"، للقلق بشأن التكنولوجيا التي تجد طريقها دائماً إلى إيران.
ويعتبر صاروخ Hypersonic أسرع بكثير ويأخذ مسار طيران مختلفاً عن الصاروخ الباليستي العادي، حيث يحلق جزءاً من رحلته على ارتفاعٍ منخفض بحيث يصعب اكتشافه بواسطة الرادار ويُعتبر أيضاً أكثر قدرةً على المناورة.
ببساطة.. من الصعب إسقاط صاروخ Hypersonic
تتفاخر روسيا منذ سنة 2019 بأنّ صواريخها الـHypersonic تمنحها طريقة لا يمكن وقفها لضرب الولايات المتحدة. لذلك إذا اقترب الزعيم الكوري الشمالي كيم جونغ أون من صاروخ Hypersonic يمكن أن يضرب أميركا، فإنّ هذا قد يغير الديناميكية بأكملها بين البلدين.
لم يُثبت كيم حتى الآن أنّ صواريخه يمكن أن تصل إلى الولايات المتحدة. يتطلب إطلاق صاروخ من هذه المسافة صاروخاً باليستياً عابراً للقارات (ICBM)، والذي يجب أن يدخل الفضاء الخارجي ويعود إلى الغلاف الجوي للأرض من دون أن يتسبب في حدوث خللٍ أولاً من البرودة الشديدة، ثم من الحرارة الشديدة والاهتزازات، وتحديات أخرى.
هناك أيضاً أسئلة حول ما إذا كان الصاروخ بالفعل Hypersonic أو شيء ما بين صاروخ باليستي عادي وآخر Hypersonic. قد يقلل الصاروخ الباليستي العادي من التهديد لأنّه سيكون من الأسهل إسقاطه في حالة هجوم بيونغ يانغ.
لكن الخبراء يعتقدون أنّ كوريا الشمالية قد حلّت مشكلات إعادة دخول الصواريخ البالستية العابرة للقارات [إلى الغلاف الجوي]، أو نظراً لعدد الاختبارات الناجحة تماماً التي أجروها، فإن تحقيق صاروخ باليستي عابر للقارات يمكن أن يضرب الولايات المتحدة أمرٌ لا مفر منه.
مع التقديرات التي تشير إلى أنّ كوريا الشمالية يمكن أن تمتلك ما بين العشرات إلى أكثر من 60 سلاحاً نووياً، إذا أراد كيم حقاً ضرب الولايات المتحدة، يقول العديد من الخبراء إنه من غير المرجح أن يتمكن الدفاع الصاروخي الأميركي من إسقاط كل ما يمكنه أن يلقي به عليهم.
بالنسبة لـ"إسرائيل"، فإنّ حصول إيران على تكنولوجيا صواريخ الـ Hypersonic سيكون تهديداً - ليس فقط لأن إيران قد تقدمت أكثر من أي وقت مضى نحو الأسلحة النووية، بل لأنها ستزيد أيضاً من تهديد الصواريخ الباليستية التقليدية.
حتى الآن، كانت الافتراضات الإسرائيلية هي أنّ الدفاع الصاروخي ذي المستويات الثلاثة، "القبة الحديدية" و"مقلاع دافيد" و"آرو" [حِتْس]، سيكون كافياً للدفاع عن الجبهة الداخلية من معظم تهديدات حماس وإيران، على الرغم من أن هذا أقل صحة بالنسبة لحزب الله.
إذا وضعت طهران يديها على تكنولوجيا الصواريخ الـHypersonic، فقد تواجه تل أبيب واقعاً أكثر ترويعاً.
بالطبع، لم يثبت أن كوريا الشمالية طورت أسلحة Hypersonic، وبعد كل التعاون النووي والصاروخي بين إيران وبيونغ يانغ، لم يتجاوز كيم أبداً خطوطاً معينة قد ترتد عليه بشكل كارثي، مثل منح إيران مفتاح صاروخ نووي جاهز للاستخدام، لذلك قد لا يخاطر كيم بعواقب نقل مثل هذه التكنولوجيا الجديدة.
بعد كل هذا، هناك طريقة مختلفة تماماً للنظر في تجربة كوريا الشمالية، لا سيما جنباً إلى جنب مع المفاوضات النووية الجارية في فيينا بين إيران والقوى العالمية.
قد يشير كيم إلى أنّ إيران ليست بحاجة إلى التفاوض أو لعب الكرة مع الغرب. إنّ استراتيجيته بالمضي قدماً في تطوير ترسانة نووية لم تفلت من العقوبات الغربية أو أخرجت بلاده من الكساد الاقتصادي أو حلّ مشكلة نقص الغذاء.
لكنه أنهى فعلياً التهديد بتغيير النظام أو أي شخص يستخدم القوة العسكرية ضد بلاده بخلاف الرد على هجوم كوري شمالي. لقد أظهر كيم أنّ الانكباب على المَهمة وتوسيع قدرات الأسلحة النووية هي استراتيجية يمكن أن ترد الغرب على أعقابهم.
من بين كل الجولات العديدة للمفاوضات النووية الإيرانية على مدى العقدين الماضيين (خطّة العمل الشاملة المشتركة لسنة 2015 كانت جولة واحدة فقط)، هذه هي اللحظة التي تكون فيها طهران قادرة على الابتعاد عن الطاولة وتجاوز العتبة النووية - ربما قبل يتمكن العالم من أن يقرر كيفية الرد.
فهل ستكون إيران "مُلهَمة" من بيونغ يانغ وتبتعد؟ هل سيخشى الغرب أكثر من أن تتخذ طهران طريق الشمال وتقرر الحصول على تنازلات إضافية؟
يثير اختبار كيم الصاروخي الأخير العديد من الأسئلة دون تقديم أي إجابات واضحة. لكن مهما كانت الإجابات، فلا يُعتبر أي منها بشرى سارة للولايات المتحدة أو "إسرائيل".