تقرير: هل تايوان واثقة من أن الأميركيين سيدافعون عنها؟
مجلة "ذا ناشيونال إنترست" الأميركية تقول إن الجمهور التايواني لا يزال مشككاً في التزام واشنطن بالدفاع عن جزيرتهم في حال قررت الصين استعادة تايوان إلى الوطن الأم.
نشرت مجلة "ذا ناشيونال إنترست" الأميركية ، اليوم الخميس،مقالاً للكاتب تيموثي ريتش يتحدث فيه عن مدى ثقة التايوانيين بالولايات المتحدة الأميركية، ويتساءل هل تايوان واثقة من أن الأميركيين سيدافعون عنها؟
وفيما يلي نص المقال منقولاً إلى العربية:
أظهر استطلاع حديث، أن الجمهور التايواني لا يزال مشككاً في التزام واشنطن بالدفاع عن جزيرتهم في حال قررت الصين استعادة تايوان إلى الوطن الأم.
في الحقيقة، إن القدرات العسكرية المتزايدة للصين في السنوات الأخيرة، إلى جانب المناورات العسكرية المتكررة بالقرب من تايوان، تثير القلق من غزو عسكري محتمل. ويتوقع أقل من ربع خبراء العلاقات الدولية الذين شملهم الاستطلاع المذكور، اندلاع حرب عبر مضيق تايوان هذا العام.
مع ذلك، يتوقع بعض آخر، أنّ الشراكة الدفاعية للجزيرة مع الولايات المتحدة قد تدفع بالصين نحو التريث قبل الانخراط في أي عمل عسكري. وكان وزيرالدفاع الصيني لي شانجفو، قد قال إن الحرب بين أميركا والصين، ستكون كارثة لا تطاق لكل دول العالم.
لكن، هل يعتقد الجمهور التايواني أن الولايات المتحدة ملتزمة بالدفاع عن تايوان؟ فمن ناحية، قد يرفض الجمهور الواثق من نفسه زيادة عن اللزوم، الإنفاق الدفاعي أو الإصلاحات العسكرية لاعتقادهم أن هذه النواقص ستغطيها واشنطن.
وفي الوقت نفسه، قد يشعر الجمهور الذي لا يثق بقوته، أن خياراته محدودة لزيادة الإنفاق الدفاعي، حيث لا يمكنه توقع مضاهات الصين أو إيجاد وسيلة لتهدئتها.
مع ذلك، لدى الولايات المتحدة تاريخ طويل في مساعدة القدرات الدفاعية لتايوان، حتى بعد إلغاء معاهدة الدفاع المشترك في عام 1979، حيث وفر قانون العلاقات مع تايوان "تي آر أي"، إطاراً لاستمرار مبيعات الأسلحة والتدريب العسكري.
ولا تزال تايوان أيضاً مهمة من الناحية الاستراتيجية كحاجز أمام التوسع البحري الصيني في الممرات البحرية الحساسة بالنسبة لواشنطن، و"الدفاع" عن تايوان بمثابة ردع ضد المزيد من التوسع الصيني في أماكن أخرى.
وعلاوة على ذلك، كل رئيس أميركي في العقود الثلاثة الماضية، تعهد بتقديم الدعم لتايوان، كما يوجد إجماع واسع من الحزبين "الديمقراطيي والجمهوري"، يتعاطف بشكل متزايد مع الجهود المبذولة لتعزيز القدرات الدفاعية لتايوان، لكن هل يثق التيوانيون بذلك.
هناك العديد من الأسباب التي تجعل التايوانيين أقل تفاؤلا، فهم يدركون بمرارةً، أنّ الولايات المتحدة، لطالما احتفظت بسياسة متعمدة من الغموض الاستراتيجي بالتزاماتها تجاه تايوان، بالرغم من تأكيدات إدارة الرئيس جو بايدن، بالتزام أميركي أقوى بالدفاع عن تايوان،لكن لا يوضح مسؤولو البيت الأبيض كيف سيفعلون ذلك.
فإذا كانت إدارة بايدن صادقة في تصريحاتها عن الدفاع عن تايوان، فإن التكاليف المحتملة للصراع العسكري مع الصين ستكون ضخمة ولا تحتمل. خاصة، بعد عقود من استثمار بكين في التحديث العسكري.
كما تشيرعمليات المحاكاة للحرب التي أجراها "مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية"، أنّ الولايات المتحدة ستجد صعوبة ضارية في الدفاع عن تايوان، مع احتساب سقوط عشرات الآلاف من الضحايا الأميركيين، إضافة إلى خسائر في المعدات كبيرة جداً. بالطبع هذا يفتح باب التساؤلات حول ما إذا كانت واشنطن والجمهور الأميركي، مستعدون لمثل هذا الالتزامات.
بشكل عام، صرح 35.47 في المائة فقط من المستجيبين للاستطلاع المذكور، بأنهم يثقون بشكل معتدل وما فوق بأن الأميركيين سيلتزمون الدفاع عنهم. مع ذلك، تتبدل هذه الثقة على أسس حزبية، حيث أنّ 73.65 في المائة من مؤيدي الحزب الديمقراطي التقدمي الحاكم "دي بي بي"، متأكدون من الالتزام الأميركي، مقارنة بـ 15 في المائة و 18.98 في المائة فقط من مؤيدي حزبي المعارضة الرئيسيين، "الكومينتانغ" ، و"حزب الشعب التايواني".
ووجدت تحليلات إضافية، أنه على الرغم من تعزيز العلاقات غير الرسمية بين تايوان والولايات المتحدة، بما فيها "اتفاقية التجارة الأكثر شمولاً" منذ عام 1979، ومع تكرار إدارة بايدن للالتزامات العسكرية، لا يزال الجمهور التايواني متشككاً في أنّ الولايات المتحدة ستدافع حقاً عنهم.
لا شك، أنّ الاختلاف بين قواعد الاحزاب التايوانية متصلة بعلاقات كل حزب بالسلطة. فالحزب الحاكم يخلط بين التفكير الواقعي والتمني، فيمنح ثقة زائدة بعمق الالتزامات الدفاعية الأميركية، بينما، جمهور أحزاب المعارضة ينظر إلى الالتزامات الأميركية، على أنها كلام رخيص، مهما كان حسن النية، في ظل عدم وجود رغبة لدفع تكاليف سياسية واقتصادية للدفاع عن تايوان. وأن الولايات المتحدة تتصرف وفقاً لمصالحها الوطنية، وسيفشل كل من يراهن على توقعات بديلة.
زادت تايوان ميزانيتها الدفاعية بنسبة 13.9 في المائة لعام 2023، مع ذلك، الجمهور ينقسم حول هذه الزيادة أيضًا، حيث يعتقد 44.62 في المائة أنها كبيرة جداً وبلا فائدة مرجوة. وأن مثل هذا الإنفاق قد يؤدي إلى تفاقم سوء التقدير من جانب الصين.
نقله إلى العربية: حسين قطايا