الرياضة السورية انتصرت أيضاً
كان للرياضيين السوريين كلمتهم في الانتخابات الرئاسية السورية تعبيراً عن وفائهم لبلدهم. الرياضة السورية التي عانت كثيراً خلال سنوات الحرب، ها هي تعود مع عودة سوريا.
شكّلت الانتخابات الرئاسية السورية انتصاراً للرياضيين السوريين أيضاً. هذا كان واضحاً من الإقبال الكثيف للرياضيين على مراكز الإقتراع في العاصمة دمشق وباقي المحافظات. عبّر هؤلاء عن خيارهم وعن وفائهم لبلدهم ولدماء شهدائهم ولقائدهم، كما أكّدوا على ذلك مراراً في الأيام التي سبقت الانتخابات عندما عمّت المهرجانات والفعاليات الرياضية سوريا تأكيداً على أهمية الانتخابات الرئاسية.
ولعل الرياضيين يدركون جيداً ما تعنيه الانتخابات الرئاسية السورية في تثبيت دعائم الدولة السورية وإعادة بنائها بما يشمل القطاع الرياضي. إذ إن الرياضة السورية دفعت أثماناً باهظة في سنوات الحرب الكونية التي شُنَّت على بلادهم. قدّمت الرياضة السورية الشهداء والجرحى. وكانت ملاعبها ومقرّات أنديتها عرضة لاستهداف الجماعات الإرهابية، حيث تضرّر جزء كبير منها على غرار ملاعب الحمدانية في حلب والعباسيين والفيحاء في دمشق على سبيل المثال.
ورغم الحرب والمعاناة والخسائر البشرية والأضرار في البنى التحتية، ظلّت الرياضة في سوريا صامدة كصمود الشعب السوري وجيشه وقيادته بوجه الإرهاب. كانت الرياضة وجهاً من وجوه تحدّي هذا الإرهاب الدموي البشع. فكانت الانجازات حاضرة وفي أكثر من محفل عربي ودولي، وتحديداً ما قدّمه المنتخب السوري لكرة القدم في تصفيات مونديال روسيا 2018 بأدائه اللافت حيث وصل إلى الملحق الآسيوي وكان قريباً جداً، لا بل يستحقّ الوصول إلى الملحق النهائي أمام رابع الكونكاكاف لولا خسارته بصعوبة بالغة أمام أستراليا بنتيجة 1-2 إياباً بعد التعادل ذهاباً بنتيجة 1-1، علماً أن الأفضلية كانت لأستراليا التي لعبت على أرضها وبين جماهيرها بينما المنتخب السوري ممنوع من اللعب على أرضه، ورغم ذلك فإنه قدّم أداء مميزاً في المباراتين وكان الأجدر بالتأهُّل ما جعل الشعب السوري يعيش فرحة كان قد نسيها في سنوات الحرب.
كل هذا كان بمساندة ودعم من السلطات الرياضية السورية والقيادة السورية. هنا كان لافتاً استقبال الرئيس السوري بشار الأسد للمنتخب السوري تكريماً له بعد خوضه الملحق حيث هنّأ اللاعبين والتقط الصور التذكارية معهم.
ومع انتصارات سوريا على الإرهاب ودحر الإرهابيين من المدن السورية كانت الرياضة السورية، تزامناً، تبدأ باستعادة عافيتها وحيويتها من خلال البطولات المحلية في الألعاب المختلفة والانجازات الخارجية للرياضيين السوريين وآخرها ما يقدّمه حالياً منتخب "نسور قاسيون" في التصفيات المزدوجة لمونديال 2022 وكأس آسيا 2023 حيث يتصدّر مجموعته بكفاءة وعن جدارة بـ 5 انتصارات من 5 مباريات.
وفي الموازاة، كانت ورشة صيانة وترميم وتأهيل الملاعب الرياضية قد انطلقت وعاشت مدينة حلب الفرحة بإعادة افتتاح ملعب الحمدانية الذي عاد لاستضافة مباريات الدوري السوري.
كما أن السلطات السورية تعتزم إعادة إعمار واحد من أكبر المجمّعات الرياضية في الشرق الأوسط وأكبر مجمّع رياضي في سوريا، وهو مجمّع الرئيس الراحل حافظ الأسد، في اللاذقية بعد أن استُخدِم كمخيّم لـ 30 ألف لاجىء خلال الحرب.
الكل في سوريا يتفاءل بإشراقة جديدة لشمس الرياضة السورية التي قدّمت أبرز الرياضيين كالبطلة الأولمبية السابقة غادة شعاع والبطل العالمي الحالي مجد الدين غزال، وحصدت أبرز الانجازات كما فعل المنتخب السوري لكرة القدم.
هذا ما يمكن أن يُستَدَّل عليه من رسالة للرئيس السوري قبل مدّة توجَّه بها للرياضيين السوريين منوّهاً بإنجازاتهم، وذلك في احتفال الاتحاد الرياضي العام في سوريا بمناسبة عيده الذهبي، ومما جاء في كلمته التي ألقاها وزير شؤون رئاسة الجمهورية منصور عزّام: "الرياضة السورية كانت حاضرة في كلّ المحافل رغم ما طالها من إرهاب استهدف روّاد الرياضة وأبطالها، وتدمير وتخريب نال من البنية التحتية لهذا القطاع. ولكن مع كل تلك المصاعب نجح أبطالنا وبطلاتنا في حصد الميداليات رافعين العلم العربي السوري في المحافل العربية والدولية".
هكذا كانت إذاً الرياضة السورية خلال سنوات الحرب، وبعدها لن تكون إلا أفضل.