مارادونا هاجر إلى السماء.. وداعاً دييغو!
فارق دييغو مارادونا الحياة، اليوم الأربعاء، عن عمر ناهز 60 عاماً. لم يكن دييغو لاعباً عادياً. لقد كان حالة استثنائية.
في كرة القدم، تمتزج عواطفك وأفكارك التي يمليها عليك عقلك، لكن بصفتك مشجعاً وفيّاً لفريق أو لاعب، تندفع نحو مشاعرك في أغلب الأحيان. تتحول من مجرد مشجع عادي إلى شخص يذوب في حب فريقه ولاعبه المفضل. وعندما تسأل عن تفسير لمشاعرك، لا تجد إجابة لكثرة الأسئلة. تُحوِّل شعار فريقك أو اسم لاعبك المفضل إلى "وشم" على جسدك، ولكنك لا تعرف ما الذي يدفعك إلى كل هذا الجنون والعشق. هذه الحالة تسيطر على الملايين حول العالم. إنه حب من نوع آخر ومشاعر مختلفة تماماً.
وإذا كنت صحافياً رياضياً، فستكون مطالباً بتحييد مشاعرك، ولكن إذا كان الخبر هو رحيل دييغو أرماندو مارادونا، فستجد صعوبة في فعل ذلك.
توفي "الأسطورة" الأرجنتينية في منزله عن عمر ناهز 60 عاماً اليوم الأربعاء، وفق ما أعلنه وكيله الخاص وصديقه ماتياس مورلا، فيما قالت وسائل إعلام محلية إن مارادونا تعرض لأزمة قلبية في منزله في العاصمة بوينوس أيرس.
في تفاصيل الخبر، ما يهم عشاق كرة القدم، وعشاق مارادونا بشكل خاص، هو رحيله. لن يسألوا عن سبب الرحيل، ولا شك في أنهم سيذرفون الدموع فور تلقيهم الخبر، ولكن السؤال: لماذا؟ بالنسبة إلى الكثيرين، دييغو ليس أي شخص، وليس أي لاعب. هو حالة فريدة. وإذا أردنا أن نستعرض إنجازاته، فسنحتاج إلى صفحات وصفحات. وبعيداً من الأرقام والبطولات وكأس العالم 1986، حقق دييغو مجموعة من الأمور. هو اللاعب الذي يشبه الجمهور. يشبه الناس. اللاعب الذي يؤدي في الملعب أفضل ما لديه، ويخرج ليعيش كالبقية. يرقص ويفرح ويضحك ويبكي ويحزن في العلن. كل ذلك الغضب وتلك المشاعر التي تخرج في المدرجات يعكسها دييغو ويجسدها على أرض الملعب، تراه يقاتل خلف الكرة ويصرخ للجماهير. يتحدث عن يده كأنها "يد قديس". وعندما يستيقظ من نشوته، يقول: "أعترف. لم تكن يد الله. لقد كنت منفعلاً".
أغلب من يحبون مارادونا بشكل مجنون، يحاولون تبرير حبهم بأنه يشبههم، وأنه واحد منهم. رجل بسيط مبدع في كرة القدم، لكنه يحب من حوله، ويقدم كل شيء لهم.
هرب من الشهرة التي يصنعها الترويج الإعلامي. أَحَبَّ أن يكون مشهوراً لكونه الفتى الذي جاء من شوارع الأرجنتين وأصبح لاعباً محترفاً، لا لكونه الرجل الذي يملك ماكينة إعلامية تصنع الشهرة.
وماذا يعني أن تكون هذا الفتى؟ يعني أن تدخل إلى الملعب بكل أخلاقك السيئة والجميلة. تدخل بصرخة ومعنويات عالية. تقاتل، تشتم، تبتسم، تعترض، وتصرخ مثلك مثل الذين يتابعون في المدرجات. وفي النهاية، تخرج بثيابك المتسخة. وإذا كنت منتصراً، ترقص في الشارع في البيت، وفي غرف الملابس، وتقيم حفلاً. مارادونا كان يفعل ذلك، وهو ما ميزه.
رجل جاء من بوينس أيرس وبقي كما هو بعد أن أصبح نجماً.
دييغو لم يتردد يوماً. لم يكن ملوناً. لقد كان واضحاً. وللصدفة، في مثل هذا اليوم، 25 تشرين الثاني/نوفمبر، منذ أربع سنوات (2016)، رحل فيديل كاسترو. وعندما نتحدث عن كاسترو، فإننا نتحدث عن أعز أصدقاء مارادونا. الرجل الذي وُشمت صورته على جسد "الفتى الذهبي". الرجل الذي احتضن مارادونا. ومن مواقفه: "أنا مع كاسترو بوجه أميركا من دون المبالاة لعواقب الأمور". لقد كان ثائراً متمرداً.
لا شك في أن الملايين اليوم حول العالم حزينون لرحيل دييغو مارادونا، وجل ما يمكنهم أن يقولوه: "وداعاً دييغو!".