النجمة على جبين إيطاليا .. أتلانتا القصة الجميلة
أتلانتا النادي الإيطالي والذي حل ثالثًا الموسم الماضي يخوض اليوم المباراة الأولى في تاريخه في دوري أبطال أوروبا، ويستهل إنطلاقته من العاصمة الكوراتية زغرب. في محاولة لاستكامل قصته التي بدأت في المواسم الثلاثة الأخيرة.
ميلان، تورينو، روما، نابولي، فلورنسا وغيرها مدن لطالما حفظ أسمائها محبو كرة القدم العالمية والإيطالية على وجه الخصوص. هذه المدن كانت شاهدة بملاعبها على ليالي دوري الأبطال الأوروبي الساحرة، كانت شاهدة على الأجواء المليئة بالتحدي والانتصارات والخيبات. وفي الموسم الجديد من الـ"تشامبيونز ليغ" سيتعرف العالم على مدينة إيطالية جديدة، حيث يضاف اسم إيطالي جديد لقائمة المشاركين في أعرق البطولات الأوروبية.
اللعب في الدوري الأوروبي يشكل حلمًا لأي فريق، هذا الحلم الذي تحقق الموسم الماضي في مدينة بيرغامو الإيطالية حيث نجح أتلانتا في التفوق على أندية مثل روما وميلان عميد الأندية الإيطالية في أوروبا. نجح الفريق المتواضع أتلانتا في الحلول ثالثًا في سلم الترتيب ليثبّت مقولة "من جدّ وجد".
لن تنسى الجماهير التي حضرت في ملعب "أتليتي أزوري إتاليا" صافرة الحكم التي أعلنت أن فريق "القديسين" كتب قصة جديدة في تاريخه منذ تأسيسه عام 1907 بتأهله إلى البطولة الأوروبية، هناك ذرفت الدموع ولم يختصر البكاء على مجموعة من اللاعبين والجماهير إنما رئيس النادي أيضًا.
غاسبيريني لم يعد تلميذًا
قصة أتلانتا قد تكون أقرب إلى الكمال حيث أن المجهود المبذول من اللاعبين قد يتساوى مع عمل الجهاز الفني والإداري. في موسم 2011-2012 صعد "النيراتزوري" إلى الدرجة الأولى، واستطاع أن يحافظ على بقائه في دوري الأضواء. وصل جان بييرو غاسبيريني إلى الفريق بعدها بخمسة أعوام وهنا بدأت الأمور تتغير، والذي يمكن اعتباره مدربًا متواضعًا حيث لم تكن مسيرته حافلة ولم يدرب سوى الإنتر من كبار إيطاليا. في موسمه الأول حلّ سابعًا مع الفريق وتأهل الدوري الأوروبي، الموسم الذي تلاه جاء رابعًا ولكنه لم يتأهل إلى دوري الأبطال حيث لم يسمح لإيطاليا إلّا بـ3 فرق. أما موسم المعجزة فقد نجحت كتيبة غاسبيرني في الوصول إلى دوري الأبطال.
في أتلانتا استطاع غاسبيريني بنظام لعبه المعتمد (3-5-2) أن يخلق أقوى خط هجوم في الدوري الإيطالي والسابع في أوروبا ( 103 أهداف). نعم، استطاع أن يخرج أفضل ما بداخل لاعبيه، وأن يحول الفريق إلى كتيبة متكاملة وفريق جماعي. نجح أتلانتا مع غاسبيريني بتفادي الخسارة في 13 جولة على التوالي منذ الجولة الـ 26 حتى الـ38، إذ حقق 9 انصارات متتالية. كان يحتل الفريق المركز السادس في الجولة الـ26، ليتقدم بعدها إلى المركز الخامس من ثم الرابع قبل أربع جولات من نهاية الموسم، ليحقق الإنجاز ويحل ثالثًا أمام الإنتر، فيما يعد أبرز إنجازات الفريق لقب كأس إيطاليا عام 1963 وتحقيق لقب الدرجة الإيطالية الثانية ست مرات. تفوق أتلانتا في مرحلة الإياب على جميع الفرق في إيطاليا بجمعه 41 نقطة متفوقًا بذلك على البطل يوفنتوس (38 نقطة).
بيركاسي رجل مساحيق التجميل
أنطونيو بيركاسي اسم يعرفه الإيطاليون كمالك لشركات مساحيق التجميل وخبير في العلامات التجارية "ماركات"، وهو وجه إعلاني للكثير من الشركات. ما قد يخفى على البعض أن بيركاسي لعب كرة القدم في أتلانتا في سن الـ 17 ولكنه اعتزل مبكرًا بعدها بـ 6 سنوات. ولكن ما علاقته بأتلانتا والتأهل التاريخي؟
نجح بيركاسي في تجميل وجه السيدة التي تسكن شعار نادي مدينة بيرغامو. بيركاسي هو رئيس النادي، "الرئيس العائد" لأنه عرف الخيبات مع ناديه قبل ذلك، حيث ترأس النادي منذ 1990-94 وهبط معه إلى الدرجة الثانية مستقيلًا بعد ذلك، لكنه تعلم من اخطاء الماضي ليذرف الدموع بعد التأهل إلى دوري الأبطال.
ما يحسب لبيركاسي، هو حسن إدارته للأمور خصوصًا في ما يخص سوق الانتقالات. ولم يتأثر أتلانتا برحيل لاعبين مثل كيسيه وكونتي وجاليارديني وكالدارا في المواسم الماضية. وإذا توقفنا قليلًا لنتأمل ما يحدث في إيطاليا سيكون جليًا لنا ما يفعله بيركاسي. تعاقد ميلان ما بين شتاء وصيف 2017 مع 11 لاعبًا مقابل ما يقارب الـ 270 مليون يورو، أما روما أبرم 12 صفقة مع بداية الموسم المنصرم، ولكن أتلانتا تفوق عليهما.
ما فعله بيركاسي هو أنه أدار النادي كما تدار المؤسسات، حيث كان دقيقًا عند خسارته لأي موظف كان يملك قدرة عالية على سد الفراغات بتكلفة أقل. جنى النادي في آخر عامين مبلغ 88 مليون تقريبًا من بيع اللاعبين، فيما بلغت قيمة صفقاته 52 مليون يورو للتوقيع مع لاعبين جدد. وتشير بعض التقارير الإيطالية أن صافي ربح النادي بلغ ثلاثة ملايين يورو تقريبًا. عرف بيركاسي من أين تأكل الكتف ونجح في تحقيق ما يعجز عنه الكثيرون في إيطاليا.
الفرسان الثلاثة
يتمحور الأداء الهجومي للفريق على ثلاثة لاعبين سجلوا أرقمًا قياسية في الموسم الماضي. نجح الأرجنتيني المهاري وقائد الفريق بابو غوميز في تسجيل 11 هدفًا وصناعة 14 أخرى في 46 مباراة لعبها، ليكون بذلك أفضل صانع ألعاب في الدوري.
أم الكولومبي دوفان زاباتا هو ثاني هدافي الدوري الإيطالي والذي سجل ثلاثة وعشرين هدفاً بفارق هدفين عن الثالث كريستيانو رونالدو، وابتعد عن المتصدر فابيو كوالياريلا بفارق ثلاثة أهداف. وتعد هذه أعلى محصلة تهديفية للاعب في أتلانتا منذ فيليبو انزاغي ( 24 هدف ) موسم 1996/97.
أما إليسيتش فقد لعب 36 مباراة، سجل 13 هدف، وصنع 9 أهداف.ويعتبر هذا "التريو" من الانجح في أوروبا، وقد ساهموا سوياً في 60 هدف لأتلانتا.
هل ينجح أتلانتا في أوربيًا؟
لن يكتفي كل من هو مرتبط بأتلانتا هذا الموسم بمشاهدة "تشامبيونز ليغ" من وراء الشاشة دون أي مشاعر، لأن نادي بيرغامو سيلعب في المجموعة الثالثة رفقة مانشستر سيتي، دينامو زاغرب خصمه في المباراة الأولى اليوم الأربعاء (18 أيلول سبتمبر) وشاختار دونستيك. قد يكون الخصم الأصعب للفريق الإيطالي هو النادي الإنكليزي "السكاي بلوز"، أما فرصه فقد تكون متساوية مع الناديين الآخرين مع فراقة الخبرة للنادي الكرواتي والأوكراني على صعيد المشاركة، لكن هذا الأمر قد لا يكون مهمًا فمشاركة أتلانتا في الدوري الأوروبي الـ"يوروبا ليغ" منذ موسمين كانت ناجحة إذ خرج الفريق من دوري الـ32 أمام النادي الألماني بروسيا دورتموند ولم يكن في ذلك الوقت خصمًا سهلًا.
يستهل أتلانتا مبارياته في العاصمة الكرواتية زغرب في ملعب "ماكسيمير" ويبدو أن حظوظه في كتابة التاريخ بتأهله للدور الثاني قائمة، لن يكون من الغريب أن نشاهد مسيرة حافلة للفريق الإيطالي في أوروبا، وحتى لو كانت المشاركة الأولى غير ناجحة، فإن ارتفاع صوت نشيد الأبطال في ملعب "أتليتي أزوري إتاليا" سيبقى ذكرى خالدة في ذهن الحاضرين هناك.