مستوطنون إسرائيليون: فقدنا الشمال وليس لدينا أفق مستقبلي ولا أمن اقتصادي
"القناة 12" الإسرائيلية تستعرض آراء مستوطني الشمال بشأن الحرب الدائرة مع لبنان، وإجماع على اليأس من العودة في ظل إهمال الحكومة الإسرائيلية، وفي غياب الأمن الاقتصادي وأي أفق مستقبلي.
أفاد تقرير عرضته "القناة 12" الإسرائيلية بأن مستوطني شمال فلسطين المحتلة ليس لديهم أي أفق مستقبلي، وأنهم يائسون من وعود بالكاد تصلهم، ولا يعلمون متى يعودون إلى منازلهم، وذلك بعد إجرائها عدة مقابلات مع المستوطنين.
وعرضت القناة تصريحات قادة الاحتلال بشأن الشمال، ومنها قول رئيس وزراء الاحتلال بنيامين نتنياهو: "سنُعيد الأمن، ليس إلى الجنوب فحسب، بل إلى الشمال أيضاً"، وقول وزير الأمن يوآف غالانت: "لن نبقي السكان من دون حماية"، وقول رئيس الأركان هرتسي هليفي: "نتعهد بأن يعود سكان الشمال إلى وضع أمني يختلف"، وقول عضو "الكابينت" بيني غانتس: "لن نسمح بضياع عام إضافي في الشمال. مسؤوليتنا إعادة السكان إلى منازلهم آمنين، ونحن مستعدون لذلك".
معد التقرير غاي فارون أكد أن 65 ألف مستوطن تم إجلاؤهم من الشمال، مشيراً إلى أن من تبقى يعيشون في ظل روتين الصواريخ وصفارات الإنذار.
وأحصى فارون إطلاق أكثر من 3000 قذيفة صاروخية وما يُقارب 1000 صاروخ دقيق مضاد للدبابات باتجاه الجليل، إضافة إلى عشرات الطائرات التي تحمل مواد متفجرة، مضيفاً: "هذا الواقع، إلى جانب حقيقة أنّه ليس واضحاً إلى متى ستستمرّ الحرب، يدفعان كلّ يوم العائلات كي تُقرر الانتقال إلى شقّة ثابتة في مكان أكثر أمناً".
وقال موران دادوش من سكان مستوطنة "غورن": "ليس لدينا أيّ أفق مستقبليّ، ولا أيّ أمن اقتصادي حيال مستقبلنا. الحكومة اهتمّت بنا ووضعتنا في مسكن. وبعد ذلك نستنا. لن نعود إلى بيوتنا، ولو حصلت تسوية سياسية".
وتحدث فارون عن زيارة أعضاء "كابينت" الحرب إلى الشمال قبل شهرين ووعدهم بتغيير الواقع فيه وتخصيص 305 مليار شيكل لتأهيله، مؤكداً عدم تنفيذ أي من هذه الوعود، مشيراً إلى أن غانتس سمع أثناء جولته في الشمال كلاماً عن عدم توفر الأطباء والمدارس والخشية من تحول الوضع الطارئ إلى روتين.
وقالت المذيعة هيلا كوراح إنّ "إسرائيل" تخسر الشمال في عملية بطيئة وطويلة وهادئة وشفافة، مع انتقال الشركات الناشئة والمجموعات السكانية القوية إلى الوسط والشك في احتمال عودتهم، إضافة إلى الأعمال التي تنهار ولا تجد مساعدة وغياب الحكومة عن الحدث.
وتحدث فارون عن مقهى يقع على قمّة "جبل بنتال" في هضبة الجولان المحتل كان طوال 25 سنة محطّة إلزامية في كلّ نزهة إلى المنطقة، وزاره رؤساء دول وسياسيون وضباط "جيش" من "إسرائيل" ومن العالم. والآن، وبعد نصف سنة على إغلاق المكان بسبب الحرب في الشمال، تقرّر عدم فتحه من جديد، مؤكداً أنّ إغلاق المقهى يُمثّل أكثر من أيّ شيء الوضع المُعقّد في الشمال.
ولفت فارون إلى أنّ الشمال مُتأثّر من القتال غير المنقطع عند الحدود مع لبنان، وهو أول من يدفع الثمن هي الأعمال.
وقال صاحب المقهى: "لا يُمكن العمل بهذا الشكل. الإجازة من دون راتب انتهت. وهؤلاء العمّال ليس لديهم حلّ للحصول على مداخيل".
وتحدث تقرير آخر لأودي سيغل عن التفكك البطيء والشفاف لمنطقة كاملة بهدوء، مع إذعان مخيّب للآمال وعدم اكتراث مثير للغضب.
واستعرض سيغل مع تامي ميرون شركتها في مستوطنة "كريات شمونة": "هنا، توجد شركتنا، وهذه مكاتبها. هنا، كانت توجد تجهيزات بين الأقسام. الآن هي فارغة. كان يوجد هنا ميكروسكوب يساوي مئات الآلاف. هنا شركة أسماك قمنا نحن بتربيتها. كلّ المختبرات كانت مليئة بالعاملين. بات كل شيء فارغاً".
وأضافت ميرون: "الشركات غادرت كريات شمونة، وهذا محزن للغاية".
وقالت ميرون إنّ كل شيء مبعثر الآن، فالحكومة لا توفّر الأمن، ولا تقدّم تعويضاً مناسباً، والشركات الناشئة تشتتت.
عضو مجموعات التأهب في مستوطنة "كفار جلعادي" نيسان زئيفي أكد أنّ الكلمة المناسبة هي "تفكك اقتصاد الجليل"، فالشركات التي ذهبت إلى مكان مؤقت أصبح الآن مكانها دائم، مضيفاً أنّ 40% من المستوطنين لا يعتزمون العودة.
صاحبة مختبر "ميغال" الطبيبة دوريت أفني قالت لسيغل: "نحن نعاني قليلاً من نقص في التحمّل. هذه قلّة قوتنا كإسرائيليين"، فيما قالت ليلاخ، وهي صاحبة مشاريع زراعية وسياحية: "نحن نخسر الشمال، فإن لم يكن هناك زحمة سير عند مدخل كريات شمونة، ولم تكن مضطراً إلى أن تدفع لقاء موقف السيارات فيها، لأنّها خالية من الناس، فهذا يعني أنّهم جعلونا نخسر".
وعقّب سيغل: "في الشمال، نحن في حرب بين المعارك. يوجد هنا إحساس بالانتظار. في هذه الأثناء، أُطلق 3500 قذيفة صاروخية من جانب حزب الله صوب الشمال، واجتازت 2800 قذيفة صاروخية السياج، وجرى إجلاء أكثر من 60 ألف إسرائيلي من هنا، في الموجة الأولى إلى محيط بحيرة طبريا وتل أبيب وحيفا وإيلات، وفي الموجة الأخرى إلى أكثر من 500 مكان في أرجاء إسرائيل".
وقالت غاليت كوسوبسكي مزراحي: "هم لم يكونوا هنا من أجلنا قبل الحرب. وقطعاً ليس إبان الحرب. هم ليسوا هنا. الجليل والجولان، ها هي، الحكومة لم تحضر إلى هنا من أجل أيّ أحد، لا خاصّ ولا عامّ".
أما أرئل مرغليت، فقال إن على "إسرائيل" تحديد نهاية للحرب، فمن المحال أن يتواصل القتال لا في الشمال ولا في الجنوب، متسائلاً عن قيمة الانتصار في الحرب العسكرية بعد خسارة الحرب المدنية، وهي الحرب الحقيقية في الشمال والجنوب على حدّ سواء، بحسب قوله.
وختم سيغل: "عندما لا توجد أعمال ولا سياح ولا مشترون ولا مبادرة ولا رؤية، فلا سبب أو حافز للبقاء في الشمال أو الاعتماد عليه. والأكثر حزناً أن من لم يغادروا يعتادون حقيقة أنّ الحكومة ليست هنا، ومن المحال الاعتماد عليها".