على وقع تطورات الميدان.. ما الذي حددته المقاومة الفلسطينية بشأن المفاوضات؟

المقاومة الفلسطينية في قطاع غزة تصعّد من عملياتها النوعية ضد الاحتلال الإسرائيلي في اليوم الـ233 من ملحمة "طوفان الأقصى"، حيث دكّت "تل أبيب" بالصواريخ، بعد تنفيذها كيمناً مُحكماً في جباليا. فما الرسائل التي تُريد إيصالها للاحتلال من هذا التصعيد؟

  • جنود إسرائيليون ودبابة في مرمى مجاهدي كتائب القسّام في أثناء معارك قطاع غزة (الإعلام العسكري)
    جنود إسرائيليون ودبابة في مرمى مجاهدي كتائب القسّام في أثناء معارك قطاع غزة (الإعلام العسكري)

تواصل المقاومة الفلسطينية في قطاع غزة التصدي لقوات الاحتلال الإسرائيلي في قطاع غزة، وتنفيذها الكمائن النوعية ضد جنود الاحتلال، حيث تمكّنت كتائب القسام - الجناح العسكري لحركة حماس، أمس، من قتل وجرح وأسر جنود في كمين مُحكم في معسكر التقدم في جباليا، وفق ما أعلن أبو عبيدة. 

كما قصفت القسّام "تل أبيب" بالصواريخ، وذلك في اليوم الـ233 من ملحمة "طوفان الأقصى"، فيما قصفت سرايا القدس - الجناح العسكري لحركة الجهاد الإسلامي، مدينة عسقلان. 

وبالتوازي مع التطورات الميدانية، حاول الاحتلال الإسرائيلي الترويج إلى أنّ العودة إلى المفاوضات قريبة، الأمر الذي نفته حركة حماس، مؤكدة أنّ الاحتلال  "يناور من أجل التغطية على أعمالها الإجرامية"، و"هو غير جاد بشأن التوصل إلى صفقة". 

فما الرسائل التي أرادت المقاومة أن توصلها من كمين جباليا وقصف "تل أبيب" بعد 8 أشهر على الحرب؟

لا تفاوض قبل وقف إطلاق النار

في هذا الإطار، كشف الخبير في شؤون المقاومة الفلسطينية، هاني الدالي، أنّ قيادة المقاومة الفلسطينية "اتخذت قراراً بعدم العودة إلى المفاوضات قبل وقف إطلاق النار وانسحاب قوات الاحتلال من قطاع غزة". 

وفي حديث إلى الميادين، أوضح الدالي أنّ هذا القرار يأتي "نتيجة عمليات التضليل والمراوغات التي يقوم بها رئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو والإدارة الأميركية والذين يتعاونون معهما، التي كانت تهدف إلى امتصاص الغضب العسكري والسياسي والمجتمعي، وحتى الدولي". 

ولفت إلى أنّ "المقاومة تعايشت في الميدان بكل النواحي، وأنّ خططها تتعامل مع الواقع الجديد"، مؤكّداً أنّ "اليد العليا للمقاومة التي ستصر على مطالبها في المفاوضات"، الأمر الذي "سيصب في صالح الشعب الفلسطيني". 

المقاومة في موقع القوة

وفي السياق، صرّح رئيس دائرة العلاقات الوطنية لحركة حماس في الخارج علي بركة، للميادين، بأنّ المقاومة "أبلغت الوسطاء أنّه يجب الإعلان عن وقف دائم لإطلاق النار، بحيث أنه لن يتم قبول أي طرح جديد لا يلحظ ذلك". 

وأضاف بركة للميادين أنّ "أي عرض جديد يجب أن يشمل محددات المقاومة، وهي وقف إطلاق النار وعودة النازحين وانسحاب قوات الاحتلال". 

وأوضح بخصوص الإعلان الإسرائيلي عن العودة إلى المفاوضات، قائلاً إنّ نتنياهو "يحاول التغطية على فشله في رفح وجباليا، فيعلن العودة إلى المفاوضات". 

وفي الإطار، شدّد بركة على أنّ المقاومة ستذهب إلى المفاوضات "من موقع القوة"، فيما "سيذهب إليها نتنياهو من موقع الضعف، لأنّه مهزوم". 

وبشأن كمين مخيم جباليا أمس، الذي نجحت كتائب القسام خلاله من أسر وقتل وجرح جنود للاحتلال، لفت بركة إلى أنّ هذا الكمين "جرى في شمالي قطاع غزة، أي في المنطقة التي يدّعي الإسرائيلي أنّه نظّفها". 

وتابع للميادين أنّ "عملية جباليا أمس وقصف تل أبيب اليوم أعادتنا إلى 7 أكتوبر"، الأمر الذي "يحمل في طياته رسائل قوة:، مشيراً إلى أنّ "الصواريخ التي استهدفت تل أبيب اليوم انطلقت من بين فرقتين إسرائيليتين في رفح". 

وبحسب بركة، فإنّ "نتنياهو يراوغ ويضيّع المزيد من الوقت لذلك قرر الدخول إلى رفح، فدخلها وهو مهزوم وفي حالة إنهاك الآن".  

وأكّد للميادين على أنّ "المقاومة لا تواجه الاحتلال بكل قوتها، لكنها تستدرج قواته إلى أفخاخ وكمائن"، مضيفاً: "نحن مؤمنون بالنصر قبل بدء المعركة، لذلك نحن لسنا خائفين من المواجهة في معركة التحرير". 

وتوجه بركة للاحتلال الإسرائيلي بالقول: "المجازر لن ترهبنا، والمقاومة ستستمر مع استمرار الاحتلال"، مشيراً إلى أنّ "رد الاحتلال على كمين جباليا وصواريخ تل أبيب بارتكابه مجزرة جديدة في رفح دليل على أنّه مأزوم". 

وشدّد على أنّ المقاومة في طوفان الأقصى "ضربت الدور الوظيفي للاحتلال في المنطقة وأسقطت التطبيع". 

عملية جباليا.. ضربة استراتيجية

وفي السياق ذاته، أكّد عضو المكتب السياسي في حركة الجهاد الإسلامي، إحسان عطايا، أنّ عملية جباليا "ضربة استراتيجية كبيرة لإسرائيل والولايات المتحدة". 

وأضاف عطايا للميادين أنّ عملية جباليا النوعية "جعلت قيادة الاحتلال تتراجع خطوة إلى الخلف بإعلانها جاهزيتها للعودة إلى المفاوضات"، لافتاً إلى أنّها "ضربة في عمق معنويات العدو، حيث شكلت له مأزقاً إضافياً على المستوى الداخلي".

 ووفقاً له، فإنّه "ستكون هناك إنجازات لصالح المقاومة في مقبل الأيام، بعد أن يضطر الأميركي للتراجع كي يحافظ على الكيان الإسرائيلي". 

وأردف عطايا قائلاً إنّ "المعادلة اختلفت، فالعدو الصهيوني والأميركي سيدفع ثمناً لعدم قبوله بالورقة التي قدمتها المقاومة في البداية". 

وأشار إلى أنّ محاولة الذهاب إلى مفاوضات بعيداً عن شروط المقاومة ليس مقبولاً، ولا سيما بعد عملية جباليا الإبداعية". 

وبشأن الضغوطات التي يُمارسها الاحتلال على وكالة غوث وتشغيل اللاجئين "الأونروا"، فأوضح عطايا أنّ "واشنطن وتل أبيب تريدان إنهاء الأونروا لتحويل اللاجئين من لاجئين إنسانيين إلى لاجئين سياسيين". 

المقاومة تُغير قواعد اللعبة

من جانبه، أكّد عضو المكتب السياسي للجبهة الشعبية لتحرير فلسطين، مروان عبد العال، للميادين، أنّ المقاومة "قادرة على الانتقال من موقع الدفاع إلى موقع الهجوم وعلى تغيير تكتيكاتها من وقت إلى آخر". 

وأضاف عبد العال أنّ الاحتلال "لا يستطيع البقاء في أي منطقة من المناطق التي يدخل إليها في غزة بفعل المقاومة"، مشيراً إلى أنّ "الدخول الإسرائيلي إلى رفح له أثمان كبيرة، وعملية جباليا رسالة واضحة في هذا الشأن". 

كذلك، بيّن عبد العال للميادين أنّ "المقاومة لم تتراجع عن الورقة التي قدمتها بشأن وقف العدوان، فيما نتنياهو لا يريد وقف الحرب"، موضحاً أنّ "من حق المقاومة تغيير قواعد اللعبة في المفاوضات كما تغيرها في الميدان". 

ولفت إلى أتّ "السردية الفلسطينية باتت تحتل العقل الغربي، فيما أزمة الداخل الإسرائيلي تتفاقم، الأمر الذي يُمثل أوراق قوة للمقاومة". 

اقرأ أيضاً: أبو عبيدة: مجاهدونا أوقعوا قوة إسرائيلية في جباليا بين قتيل وجريح وأسير (فيديو)

في السابع من تشرين الأول/أكتوبر 2023 أعلنت كتائب القسام معركة "طوفان الأقصى"، فاقتحمت المستوطنات الإسرائيلية في غلاف غزة، وأسرت جنوداً ومستوطنين إسرائيليين. قامت "إسرائيل" بعدها بحملة انتقام وحشية ضد القطاع، في عدوانٍ قتل وأصاب عشرات الآلاف من الفلسطينيين.

اخترنا لك