سفير روسيا في لبنان: تدخّل واشنطن في فلسطين يشعل الحرب.. والمساعدات الغربية لكييف تضاءلت

السفير الروسي في لبنان، ألكسندر روداكوف، أكد في حوار مع الميادين نت أنّ "محاولة الولايات المتحدة إقحام نفسها في حرب غزة واستعراض عضلاتها، هي كمَنْ يصب الزيت على النار".

  • سفير روسيا في لبنان: تدخل واشنطن في فلسطين
    السفير الروسي في لبنان ألكسندر روداكوف

دعا السفير الروسي في لبنان، ألكسندر روداكوف، في حوار مع الميادين نت، جميع الأطراف إلى منع المزيد من التصعيد في فلسطين المحتلة، مشدداً على ضرورة الوقف الفوري لإطلاق النار ونبذ العنف كوسيلة لتحقيق الأهداف.

وتابع روداكوف أنّ "وقْفَ الجولة الحالية من الحرب في فلسطين، لا يمكن تحقيقه إلا من خلال الوسائل السياسية والدبلوماسية والجلوس إلى طاولة المفاوضات".

ولفت السفير الروسي إلى أنّ "محاولة الولايات المتحدة إقحام نفسها في الصراع واستعراض عضلاتها، هي كمَنْ يصب الزيت على النار"، متابعاً أنّ "حاملات الطائرات الأميركية وأسلحتها لا تخيف أحداً"، وأنّ الوجود الأميركي لا يؤدي إلا إلى زعزعة استقرار الوضع ويشكّل "مصدر إزعاج" إضافياً.

وقال روداكوف إنّ "شرارة عشوائية واحدة يمكن أن تُغرق الشرق الأوسط برمته في نار الحرب".

الهجوم الأوكراني المضاد

وفي سؤال عن تقييمه للهجوم الأوكراني المضاد، قال روداكوف إنّه كان فاشلاً، وحاولت وسائل الإعلام الغربية الترويج له أكثر من كونه محاولة لإجراء مناورة عملياتية تكتيكية.

وعن احتمالية وقوع بعض التغييرات الجذرية في ساحة المعركة، قال إنّ "التغييرات قد تكون مرتبطة بتوريد أنواع جديدة من الأسلحة الغربية المتقدمة ونتائجها المتوقعة على ساحة المعركة".

وتابع أنّ المحللين الغربيين تحدثوا كثيراً عن توريد أسلحة متطورة إلى أوكرانيا، حيث تم تقديم كل واحد منهم على أنه سوف "يغيّر قواعد اللعبة"، لكن في الواقع، تمت هزيمتها بنجاح من قبل القوات المسلحة للاتحاد الروسي، بل تم "طحنها".

وأضاف السفير الروسي أنّه "لن تكون هناك تحولات أو تغييرات اختراقية على خط التماس نتيجة الهجوم المضاد الأوكراني، في جوهر الأمر، لم يتغير شيء".

ولفت إلى أنّ الدول الغربية لا تشعر بالأسف لا على أموالها، ولا على جيشها، وبالتأكيد لا على الأوكرانيين، بل تهدف فقط إلى إلحاق أقصى قدر من الضرر بروسيا، وتقديم ذلك باعتباره انتصاراً لـ "ديمقراطيتهم".

وعن تأثير العدوان الإسرائيلي على غزة  في  درجة التدخل الغربي في الصراع الأوكراني، قال روداكوف إنّ ذلك سيؤثر بالتأكيد، وستشعر الدول الغربية بالتعب إزاء كل شيء أوكراني.

وتابع أنّ "عدد الجهات المستعدة للتبرع بالمال لكييف أصبح يتضاءل باستمرار، والمسؤولون الأوكرانيون أنفسهم يعترفون بذلك، لأن هناك مفهوماً في الغرب بأن المال والسلاح يذهبان هدراً". 

أما تفاقم المواجهة العربية - الإسرائيلية، فقال إنها من المؤكد أنها ستؤثر في الوضع في أوكرانيا، وتابع: "أظن أن العملية قد بدأت بالفعل، فقد أصبح الشرق الأوسط الآن، محط اهتمام العواصم الغربية، وأصبحت أوكرانيا بعيدة عن الأنظار".

الاقتصاد الروسي أفشل العقوبات الغربية

قال السفير الروسي إنّ "الاقتصاد الروسي يحافظ على ديناميكيات إيجابية بكل ثقة، فالدخل الحقيقي آخذ في النمو، والبطالة وصلت الى أدنى مستوياتها على مر التاريخ، وسعر صرف الروبل وإيرادات الميزانية تبقى ضمن قيم مريحة للغاية".

وتابع أنّه "يجب الاعتراف بأن وابل العقوبات، الذي لم يسبق له مثيل على الإطلاق من حيث الحجم، خلق بعض المشكلات للاقتصاد الوطني، لكن الحكومة والبنك المركزي يستجيبان بسرعة وبشكل صحيح لأي تحديات يفرضها الغرب على روسيا".

وأضاف أنّ "عمليات الاستيلاء الجائرة وتجميد الأصول الروسية العامة والخاصة في الخارج كانت سبباً في تقويض الثقة في النظام النقدي والمالي الذي يتمحور حول الولايات المتحدة" وتابع أنّه حالياً، تفكر العديد من البلدان في جميع أنحاء العالم بجدية في موثوقية هؤلاء "الشركاء" وتعيد النظر في استراتيجياتها التنموية.

وأكد أنّ الطريقة المثلى لحل الصراع بين روسيا وأوكرانيا هي أنّ  تؤخذ المصالح الأمنية الوطنية بعين الاعتبار، متابعاً: "ما زالت المحاولات من أجل توسع حلف شمال الأطلسي العدواني على طول حدودنا في أوكرانيا، وجورجيا، وفي اتجاهات أخرى مستمرة، ولا يمكننا أن نحصي عدد المرات التي عبّرنا فيها عن عدم قبولنا مثل هذه الأساليب العدائية العلنية".

وأشار روداكوف إلى أنّ الدول الغربية تسعى لإلحاق هزيمة استراتيجية بروسيا في ساحة المعركة عبر نشر كامل قوة المجمع الصناعي العسكري التابع لمنظمة حلف شمال الأطلسي وجميع الأدوات الاستخبارية المتاحة لإنجاز هذه المهمة، متسائلاً: "هل هكذا يتصرف الساعون لحل الصراعات على طاولة المفاوضات؟ لا أعتقد".

ولفت روداكوف إلى أنّ نظام كييف يواصل اللجوء إلى الأساليب الإرهابية في حرب شاملة ضد كل ما هو روسي، من استهداف البنية التحتية والمدنيين و السياسيين الروس وغيرهم من الشخصيات العامة، وفي هذا السياق يصبح الأمر واضحاً: "نحن نتعامل مع الإرهابيين".

وبشأن الدعم الأميركي لأوكرانيا، قال روداكوف إنّ تمويل نظام زيلينسكي هو عمل مكلف للغاية، وقد أصبحت جيوب دافعي الضرائب الأميركيين، فارغة بالفعل. ولا يمكن استخدام "المطبعة" إلى ما لا نهاية، فالوضع الاقتصادي الحالي في الولايات المتحدة، كما يقولون، "على حافة الهاوية".

وأكد أنّ التصويت الأخير على الميزانية الأميركية من الأمثلة الواضحة على تصحيح مسار واشنطن، حيث أصبح تخصيص التمويل لكييف حجر عثرة، واضطر المشرعون الأميركيون إلى إزالته من الخطة المالية".

وتابع أنّ بداية دورة سياسية جديدة في الولايات المتحدة تقترب، الأمر الذي يدعو أيضاً إلى التشكيك في مستقبل نظام "دعم الحياة" لنظام كييف.

وأضاف: "أحدث التصعيد غير المسبوق في غزة تغييرات في خطط واشنطن، لاحِظْ مدى سرعة وسهولة تخصيص الأموال والأسلحة لدعم إسرائيل، ومدى سرعة وصول مجموعة البحرية الأميركية إلى شرق البحر الأبيض المتوسط".

واستطرد أنّ الدعم الأميركي لكييف سيشهد تغييرات على الأرجح في الشكل والحجم، ولكن ليس في الجوهر. 

سياستنا الخارجية تقوم على المساواة

وعن الفرق الأساسي بين السياسة الخارجية الروسية وسياسات الدول الغربية، قال السفير الروسي إنّ سياسة بلاده الخارجية تقوم على مبدأ المساواة في السيادة بين جميع الدول، وعدم التدخل في الشؤون الداخلية.

وتابع أنّ "الغرب الجماعي" ينفذ سياسته الخارجية بطرق مختلفة تماماً، حيث ينظرون إلى الدول الأخرى كقواعد للموارد ومناطق للنفوذ، ويتعاملون معهم وفقاً لذلك، وغالباً ما يصل الأمر إلى حد الابتزاز الصريح و"لَيْ الذراع".

وقال إنّ "السياسات الخارجية التي تسقط على لبنان هي مثال، حيث  نرى واشنطن وبروكسل تحاولان فرض قرارات سياسية على بيروت، ويفرضون عقوبات على بعض الأفراد ويهددون بها آخرين، كما يتهمون السياسيين المحليين بالفساد ويحملونهم مسؤولية كل مشكلات الشعب اللبناني، رغم أنهم هم أنفسهم وراء أسباب الأزمة المالية والاقتصادية في لبنان".

وأشار إلى أنّ العنف الذي تشهده الحدود الجنوبية للبنان هو نتيجة الفشل المزمن في الامتثال للقرارات ذات الصلة الصادرة عن الأمم المتحدة ومجلس أمنها.

وعن العلاقات الروسية - اللبنانية، قال السفير الروسي إنّ هناك خططاً لتحقيق ذلك، متابعاً: "نحن نرى في بيروت شريكاً بنّاءً وموثوقاً بشكل عام، ويتمتع بإمكانيات كبيرة، لم يتم استغلالها بالكامل بعد، ومما يعرقل هذا الوضع في كثير من النواحي، الفراغ السياسي في البلاد، ناهيك بالأزمة المالية والاقتصادية الحادة".

وأضاف أنّ السفارة الروسية في بيروت تعمل يومياً على إقامة اتصالات مع رجال أعمال لبنانيين عاملين في مجالات مختلفة، وتتلقى العروض التجارية من الشركات الروسية الراغبة في دخول السوق اللبنانية، ومقابلها طلبات من الشركاء المحليين.

وأكد أهمية حل مسألة عودة الرحلات الجوية المباشرة بين موسكو وبيروت في أسرع وقت ممكن، قائلاً إنّه يمكن لذلك أن يعطي دفعة جيدة لقطاع السياحة اللبناني ويوفر دخلاً موسمياً منتظماً للميزانية الوطنية من المواطنين الروس.

وقال إنّ الرابط الرئيسي للعلاقات مع لبنان في الوقت الحالي هو الثقافة، ومن المقرر أن يتم إعلان العام المقبل عاماً روسياً لبنانياً للتبادل الثقافي بمناسبة الذكرى الثمانين لإقامة العلاقات الدبلوماسية بين روسيا ولبنان.

اخترنا لك