جيرمي كوربن للميادين: توسّع الناتو وتدفّق الأسلحة إلى أوكرانيا لن يحققا السلام

رئيس حزب العمال البريطاني السابق، جيرمي كوربن، يتحدث في مقابلة خاصة مع قناة الميادين عن موقفه من العملية الروسية في أوكرانيا، ودور بريطانيا في الحرب على اليمن، إضافة إلى الواقع البريطاني وعمله السياسي.

  • جيرمي كوربن يتحدث للميادين عن أوكرانيا وفلسطين ودور بريطانيا في الحرب على اليمن
    رئيس حزب العمال البريطاني السابق جيرمي كوربن

تناول رئيس حزب العمال البريطاني السابق جيرمي كوربن، في مقابلة خاصة مع قناة الميادين، العديد من الملفات الخارجية، منها الحرب على اليمن، والحرب في أوكرانيا، والقضية الفلسطينية، وملفات أخرى تتعلق ببريطانيا ودوره في العمل السياسي.

وأكد جيرمي كوربن معارضته الحرب في أوكرانيا، وقال إنّ "روسيا أخطأت" بشنها عمليتها العسكرية في أوكرانيا، مشدداً على أنّ "زيادة تدفّق الأسلحة لن يسهم في الحل، بل سيؤدّي إلى تمديد هذه الحرب"، متوقعاً أن "تستمر هذه الحرب لسنوات".

وقال إنّ "توسّع حلف الناتو لن يسهم في تحقيق سلام طويل الأمد، بل سيؤدّي إلى مزيد من الضغوط والتوتّرات"، مضيفاً أن "العالم استيقظ فجأة، وأدرك أنّ روسيا وأوكرانيا هما من بين الدول الأكبر من جهة تصدير القمح إلى العالم، ويجب فعل شيء حيال ذلك، وبالتالي أبرموا اتفاقاً بهدف مواصلة تصدير القمح عبر مرفأ أوديسا وميناء البوسفور، وهذا أمر جيد".

وتابع: "الأوكرانيون يموتون، ويتهجّرون من بلادهم، وكذلك يموت الجنود الروس. هذه الحرب كارثية بالنسبة إلى الشعبين الأوكراني والروسي، وبالنسبة إلى أمن العالم برمّته وأمانه، ولذلك لا بدّ من بذل المزيد من الجهود بهدف الإسهام في السلام"، مشيراً إلى أنّ "حالة من الدمار تلحق باقتصادي روسيا وأوكرانيا على حد سواء".

ولفت كوربن إلى أن "أوروبا كانت مرحّبة جداً باللاجئين الأوكرانيين، وهذا أمر جيّد، لكن أوروبا لم تكن مرحبة إلى هذا الحد ومستقبلة بهذه الطريقة للاجئين اليمنيين".

كذلك، قال كوربن إنّ أثر الحرب في أوروبا "هائل"، وذلك لأسباب عدة بينها "العدد الهائل للاجئين الذين توافدوا إلى أوروبا، والاضطرابات التي تلت توقف إمدادات الطاقة، فبريطانيا تعتمد على الطاقة الآتية من روسيا بدرجة أقل من أوروبا، ومع ذلك تعتمد على هذه الطاقة، لكنّ معظم حاجتنا إلى الغاز تأتي من النرويج أو من الإنتاج المحلي، لكنّ دولاً أوروبية أخرى، وتحديداً ألمانيا، تعتمد بشكل كثيف على النفط والغاز الآتيين من روسيا وأوكرانيا".

وتابع: "الفكرة التي تفيد ببناء جدار حرب باردة جديد بين روسيا وأوروبا لن تسهم في الحل، ولا بدّ من التوصّل إلى حل بشأن الحاجات الفعليّة على مستوى إمدادات الطاقة، أو أن نعمل على المدى الأبعد على خفض حرق الوقود الأحفوري. لكنّ الواقع واضح، فالاقتصاد الألماني سيعاني بشكل كبير نتيجة ما يحدث، ولا يمكن للاقتصاد أن يستمرّ في أنشطته من دون الغاز الروسي".

ورأى جيرمي كوربن أنّ رئيس الوزراء البريطاني بوريس جونسون "رجل متعدّد الأوهام"، موضحاً أنّ جونسون "يعتقد نفسه ونستون تشرتشل، ويعتقد أنّه من خلال مواصلة زيارة أوكرانيا والتقاط الصور مع الرئيس فولوديمير زيلنسكي سيظهر كزعيم حرب، ويقوم بإغراق الأسواق الأوكرانية بالأسلحة والإسهام في تدريب القوات الأوكرانية، وبالتالي لقد قام بالربط بشكل وثيق بين بريطانيا والحرب في أوكرانيا، وأعتقد أنّ هذا الأمر خطير وغير حكيم".

إعلان بلفور خطأ تاريخي

وفي معرض حديثه عن القضية الفلسطينية، أمِل جيرمي كوربن أن "تتمتّع المملكة المتحدة، في مرحلة ما، بحكومة قادرة على الإقرار بالخطأ التاريخي الذي ارتكب بحق الشعب الفلسطيني، من خلال تفسير معيّن لإعلان بلفور".

وقال كوربن إنّ "إعلان بلفور بحد ذاته، يقر كذلك بحق سكان فلسطين، ولكن ذلك الحق لم يحترم، وجرى تجاهل حقوق هذه الفئة من السكان"، مضيفاً: "حق الشعب الفلسطيني بالنسبة إليّ هو أمر محوريّ في طريقة تفكيري".

النفط السعودي وأطفال اليمن

وفي ما يخص الحرب التي يشنّها التحالف السعودي في اليمن، قال رئيس حزب العمال البريطاني السابق إنّ "مسؤولية المملكة المتحدة في اليمن مسؤولية كبرى بشكل أساسي، لأنّها من القوى العظمى، وتحديداً بسبب الإمداد الهائل بالسلاح الذي قدّمته إلى السعودية والإمارات، اللتين تقومان بقصف اليمن".

وأضاف كوربن: "في الوقت نفسه، تذهب حكومتنا إلى السعودية للحديث بشأن أسعار النفط وإمكانية رفع كميّة الغاز المستورد منها. يبدو أنّ إمدادات النفط والغاز أكثر أهمية بالنسبة إلى هذه الحكومة من حقوق الأطفال في اليمن".

أزمة معيشية وفساد ضريبي في بريطانيا

ورأى رئيس حزب العمال البريطاني أنّ بلاده تشهد  "أزمة مرتبطة بظروف المعيشة، والفقر وانعدام المساواة".

وقال كوربن إنّه في ظل هذه الأزمة، حققت جميع الشركات الكبرى في المملكة المتحدة أرباحاً طائلة، وتحديداً شركة الطاقة، فضلاً عن إنفاق الحكومة أموالاً طائلة على مجموعة من الاختبارات الفاشلة خلال جائحة كورونا، والحالة المعمّمة من التهرّب الضريبي من جانب الشركات الأكبر والأكثر ثراء في بريطانيا.

وبشأن استعداد المملكة المتحدة لقبول رئيس وزراء من البشرة الملوّنة، قال كوربن: "ريشي سوناك يتمتّع بإرث هندي، وأنا أرحّب بالتنوّع في حياتنا السياسية. والبرلمان مستعد لتقبّل رئيس وزراء من غير أصحاب البشرة البيضاء، وآمل ذلك، لأنّني أتوق إلى العيش في مجتمع متعدد الثقافات والإثنيات والأعراق، ولكن أنتقد ريشي سوناك على سياسته ليس إلّا".

أسباب إبعاده عن رئاسة حزب العمال

وقال كوربن إنّه "أمضى حياته يعارض العنصرية بجميع أشكالها وأنواعها"، مشيراً إلى أنّ "العنصرية تنتشر في بريطانيا ولا بدّ من معالجتها، ومعارضة أي شخص يعادي البشرة السوداء والإسلام والساميّة".

وأضاف: "أعتقد أنّ طريقة التعامل معي، في حزب العمال، والادعاءات التي سيقت ضدّي كانت مخزية، ولقد استعدت حقي في العضوية بالإجماع، وأنا فخور بكوني اشتراكياً وبكوني شخصاً يؤمن بالتضامن العالمي، ومن خلال مشاريع السلام والعدالة وكل الأعمال التي أقوم بها سأدأب دوماً على الإسهام في العدالة والسلام والتفاهم العالمي". 

وتابع: "كان من الواضح جداً بالنسبة إليّ، منذ أن كنت مرشّحاً لترؤّس حزب العمال، بأنني أتعامل مع قوى عتيّة تعارضني لأنني كنت أقترح نهجاً مختلفاً في التعاطي مع العلاقات الخارجية والسياسات الدولية"، موضحاً: "أردت إنشاء علاقات خارجية قائمة على العدالة وحقوق الإنسان والديمقراطية، وقد شكّل هذا تهديداً كبيراً بالنسبة إلى الآخرين". 

وأضاف: "لقد اقترحت أيضاً قانوناً جديداً يقضي بمنع الحكومة البريطانية من إرسال أي قوات بريطانية، بما في ذلك القوات الخاصة، لتشارك في عمليات عسكرية من دون موافقة برلمانية محدّدة لهذه العملية، وهي مسألة عارضها بقوّة الكثير من أبناء الجيش والاستخبارات".

وأردف كوربن: "واجهت تهديدات واضحة من جانب بعض الشخصيات العسكرية حين جرى انتخابي. بدايةً، صدرت بيانات ضدي من بنيامين نتنياهو ودونالد ترامب ومجموعة من الشخصيات الأخرى، وقد أظهر لي ذلك كم كانت القوى المعارضة لي قوية". 

وأعلن كوربن أنّه يعمل، في الوقت الحاليّ، مع جهات أخرى على "دراسة قوة تجار السلاح في البرلمان البريطاني وأماكن أخرى"، وقال: "لذا، إن أرادوا أن ينظروا إليّ كمصدر تهديد، فليكن الأمر كذلك، فلا أريد أن يرسل أبناؤنا من الرجال والنساء إلى النزاعات ليموتوا، وإن عدّ أحدهم أن التدخلات التي نقوم بها خارج البلاد وخارج حدودنا تجدي نفعاً وتفضي إلى نتائج جيدة، فسأطلب منهم أن ينظروا إلى ما حدث في أفغانستان وما حصل بعد عشرين 20 عاماً".

وأعرب جيرمي كوربن عن أسفه لخسارته في انتخابات عام 2017 و2019، معقباً بالقول: "تبيّن لنا لاحقاً أنّ بعض القوى التي انضمّت إلينا، كانت تعمل ضدّنا من داخل الحملات (...) بريكست كان عنصراً مهماً في هذا الفشل، إضافةً إلى الاعتداء المباشر عليّ وعلى بعض الزملاء الطيبين في حزب العمال،  وأيضاً جبروت وسائل الإعلام العمومية التي تشوّه سمعة الشخص المستهدف ". 

وأضاف أنّه لا يشكّ في أنّ دعمه الواضح للشعب الفلسطيني كان له دور أساسي في معارضته، لكنّ هذا "سيبقى موقفي، ولطالما كان كذلك، وسيبقى في المستقبل"، وفق قوله.

اخترنا لك