الاحتلال الأميركي في اليمن: هدف إطالة الحرب هو ضمان الوجود الاستراتيجي

مضت أكثر من ثماني سنواتٍ على الحرب على اليمن، ولا أُفق لحلٍّ نهائي، بل هناك جولةٌ جديدةُ يفرضها الحراك العسكري الغربي، ما يلزم رداً يمنياً على المخطّط الاحتلالي الأميركي البريطاني، بحسب ما تقول صنعاء.

  • السفير الأميركي في اليمن رفقة قائد الأسطول الخامس الأميركي، خلال زيارتهما للقواعد الأميركية في اليمن.
    السفير الأميركي في اليمن رفقة قائد الأسطول الخامس الأميركي، خلال زيارتهما للقواعد الأميركية في اليمن.

يبدو أنّ الولايات المتّحدة تتّجه الى استراتيجيّةٍ جديدةٍ في اليمن، وفي المنطقة امتداداً الى شرق آسيا، عبر خطط انتشارٍ جديدة لقواها العسكرية. هذا ما تطرحه زيارة قائد الأسطول الأميركي الخامس إلى محافظتي المهرة وحضرموت شرقي اليمن، الخميس الماضي.

وقبل أيام، كشف قائد حركة أنصار الله، السيد عبد الملك الحوثي، عن إنشاء واشنطن قواعد عسكريةً في محافظتي حضرموت والمهرة شرق اليمن، ليحط بعدها قائد الأسطول الخامس الأميركي رفقة السفير الأميركي في اليمن في مقرّ التحالف العسكري في المهرة.

يبدو واضحاً أنّ العنوان الغربي هو تعميق التعاون البحري الثنائي والمتعدّد الأطراف، لكنّ التفاصيل تبدو منفصلة عن العنوان تماماً، فاليمن يعدّ ما يجري احتلالاً، وهذا ما يدفع إلى التساؤل عن سبب هذا التمركز الاستثنائي لمثل هذه القواعد. هل نحن أمام سيناريو مشابهٍ لما يحدث في شمال سوريا؟

تدفع هذه التفاصيل نحو التوقف عند معلوماتٍ تُفيد بمسعىً سعوديٍ، وبالتالي باستفادةٍ أميركيةٍ بريطانيّة من مدّ أنابيب نفطٍ من السعودية مباشرةً نحو حضرموت، ومنها الى المحيط الهندي. 

المؤكَّد أنّ المفاوضات متعثّرةٌ بمكابح غربيّةٍ على ما أكّد محمد البخيتي عبر الميادين، معلناً أنّ قدرات أنصار الله العسكرية في تعاظمٍ، وها هي المرحلة المقبلة تفتح على "خيار الجولة العسكرية الواسعة".

الدعوات الأميركية للتسوية، ليست إلا مناورات

أكّد محلّل الميادين للشؤون الدوليّة والاستراتيجيّة، منذر سليمان، أنّ بايدن في مستهلّ إدارته تحدّث عن وقف دعم العمليات التي أسماها الهجومية العسكرية السعودية، وكان هناك حراك في الكونغرس الأميركي يضغط باتّجاه ضرورة وقف هذه المساعدات، ولكن ما تبيّن لاحقاً أنّ هذا الأمر غير دقيق، ولم يكن إلاّ مجرد مناورة.

ولفتَ محلل الميادين إلى ما يجري الآن في المهرة وحضرموت، على أنّه دليل واضح على استمرار اهتمام الولايات المتّحدة الأميركية بتواجدها العسكري وتعزيزه. وما كان ملفت أيضاً أنّ خلال عمليات الانسحاب الأميركي من أفغانستان، تمركز جزء من هذه القوّات والعتاد في قاعدة في العند، بالإضافة الى قاعدة العديد في قطر. 

وأوضح محلل الميادين أنّ السعودية سيطرت على المهرة سيطرة تامّة عمليّاً، بالتعاون مع الولايات المتّحدة ومع القوى المحلّية، وتوجد معلومات حول تعاون إسرائيلي بحري أيضاً، بالإضافة للعلاقات الأميركية مع الطرفين، وأنّ هذه السيطرة أساسية لكون المهرة تمثل المنفَذ لأنابيب النفط التي تحاول تشغيلها السعودية في المرحلة القادمة.

وأشار سليمان إلى أنّ التركيز الكبير على أوكرانيا يعمّق المعاناة المستمرة في اليمن، خاصةً بدون أن يكون هناك توجّه جدّي دولي وقرار جديد من الأمم المتّحدة برفع الحصار الكلّي.

الوعيد اليمني للعدوان.. حقيقي وحاسم

من جهته، قال أحمد عبد الرحمن، مدير مكتب الميادين في صنعاء، إنّ التواجد العسكري الأميركي اليوم يأتي في سياق الاستعداد لمرحلة جديدة من الحرب على اليمن، وهو ما يؤكده التحذير شديد اللهجة الذي أطلقه قائد حركة أنصار الله.

وأوضح مدير مكتب الميادين أنّ التهديدات تعبّر عن امتلاك صنعاء للقوة، وعن القدرات التي تمكّنها من تحويل هذه التهديدات والأقوال الى أفعال، ولا سيّما أنّ الأميركي قد أعلن التصعيد، وردّ على هذه التصريحات بتعزيز وجوده العسكري على الأرض.

وأضاف عبد الرحمن أنّ التوصّل إلى تسوية سياسية شاملة يعني وقف الحرب، ووقف الحرب يعني خروج جميع القوات الأجنبية، وعلى رأسها القوّات الأميركية والبريطانية الموجودة اليوم في السواحل اليمنية الشرقية والجنوبية، وهذا السبب ولأسباب أخرى أيضاً، تعمل الولايات المتّحدة وبريطانيا على إعاقة المحادثات وعلى عرقلة التوصّل لأي تسوية سياسية شاملة.

كذلك، ذكر شارل أبي نادر، محلّل الميادين للشؤون الأمنية والعسكرية، أنّ جغرافية اليمن قد تكون الأهم في الشرق الأوسط، وربّما في منطقة غرب آسيا تقريباً، كونها تمتلك واجهة كبيرة على البحر الأحمر، ولها وجهة كبيرة على خليج عمان وبحر العرب، وامتداداً الى مناطق الخليج، وأيضاً إلى شمال المحيط الهندي، وهو ما تحتاجه أميركا لبناء قواعد عسكرية، وبناء نقاط ارتكاز في عدّة أهداف.

وأضاء أبي نادر على طبيعة الارتباط ما بين المناطق التي يحتلّها الغرب في اليمن، وبين السعودية والإمارات. فالارتباط الأساسي هو أنّ السلطة اليوم في اليمن، والتي تراها وخلقتها وتدعمها قوى العدوان، لا تهتم لموضوع السيادة، وهذه نقطة أساسية، فلا يمكن أن يكون هناك احتلال أو تمركز، ووضع يد على قواعد عسكرية وبحرية، إذا لم تكن هناك سلطة تسهم بذلك.

وأوضح محلل الميادين أنّ القواعد الأميركية التي وضعها قادة أنصار الله والسيّد الحوثي في خانة الاحتلال، سوف تتعرّض للاستهداف، لتأكيد المعادلات وتطبيق التهديد، وأكّد أبي نادر أنّه من الطبيعي أنّ لديهم القدرة التي أثبتوها مراراً.

اقرأ أيضاً: السيد الحوثي: واشنطن توجّه العدوان.. والقدرات العسكرية اليمنية تطوّرت

اخترنا لك