الصحافي الاستقصائي سيمور هيرش: الـ "CIA" نفّذت عملية تفجير "نورد ستريم"
لمع اسم الصحافي الأميركي سيمور هيرش، بنشره عدة تحقيقات كشفت ملفات سرّية، وأضاءت على جرائم وتجاوزات أميركية أثارت الرأي العام العالمي، فما الذي كشفه بخصوص تفجيرات خط الغاز الروسي "نورد ستريم"؟
وجّه الصحافي الاستقصائي الأميركي سيمور هيرش، الحائز على جائزة "بوليتزر" للصحافة، أصابع الاتهام إلى الإدارة الأميركية، في المسؤولية عن تفجير خط أنابيب الغاز الروسي "نورد ستريم"، الذي وقع في أيلول/سبتمبر الماضي.
ووفقاً لتقرير صادر عن الصحافي المخضرم، فإن تفجير خط أنابيب الغاز تحت الماء في بحر البلطيق، كان عملية سرية أمر بها البيت الأبيض، ونفّذتها وكالة الاستخبارات المركزية الأميركية.
عملية تخريب مقنّعة
وكتب هيرش، في تقريرٍ مُطوّل مؤلف من 5000 كلمة، أنّ العملية كانت مقنّعة "تحت غطاء تمرين حلف شمال الأطلسي الذي تم الإعلان عنه على نطاق واسع، في منتصف الصيف، والمعروف باسم عمليات البلطيق 22"، والذي تم إجراؤه في شهر حزيران/يونيو الماضي.
ويقول هيرش في التقرير، إنّ الغواصين الأميركيين في أعماق البحار، قاموا باستخدام تدريبات عسكرية للناتو كغطاء، وزرعوا ألغاماً على طول خطوط الأنابيب التي تم تفجيرها لاحقاً عن بُعد.
وأضاف الصحافي الأميركي الشهير، أنّ "العملية السوداء" أمر بها الرئيس بايدن، والهجوم نفذته وكالة الاستخبارات المركزية الأميركية بالتعاون مع النرويج.
وتابع بأنّ قرار بايدن تخريب خطوط الأنابيب، جاء بعد أكثر من 9 شهور من التخطيط السري للغاية داخل مجتمع الأمن القومي الأميركي.
وتحدث هيرش عن مصدره، قائلاً: "في ذلك الوقت، لم تكن القضية تتعلق بما إذا كان يجب القيام بالمهمة، ولكن كان الأهم كيفية إنجازها من دون وجود دليل واضح عن المسؤول".
الإدارة الأميركية كانت واضحة في حديثها عن خط الغاز
وأوردَ هيرش في تقريره تصريحات ومعلومات عدّها مؤشرات على مسؤولية الإدارة الأميركية عن الهجوم، واصفاً سلوكها المتّبع بأنه نتج من إصرارٍ كامل.
وذكرَ الصحافي أنّ بايدن التقى في مكتبه، في البيت الأبيض، المستشار الألماني، أولاف شولتس، قبل أقل من 3 أسابيع من العملية العسكرية الروسية التي بدأت حينها في أوكرانيا، وكان قد قال بتحدٍّ في المؤتمر الصحافي الذي أعقب اللقاء: "إذا غزت روسيا أوكرانيا، فلن يكون هناك نورد ستريم 2، وسنضع حداً له".
وتابع هيرش في هذا السياق مذكراً، بأن وكيلة وزارة الخارجية الأميركية، فيكتوريا نولاند، كانت قد ألقت الرسالة نفسها في إحاطةٍ إعلامية في الوزارة، مع تغطية صحافية قليلة. وقالت رداً على سؤال حينها: "أريد أن أكون واضحةً للغاية معكم اليوم، إذا غزت روسيا أوكرانيا، فلن يتحرك نورد ستريم 2 بطريقة أو بأخرى للأمام."
وتمكن الصحافي الأميركي هيرش، المعروف بتقاريره الاستقصائية عن الجرائم الأميركية في فيتنام وفي حروب الشرق الأوسط، من الحصول على معلومات حول العملية من مصدر لم يذكر اسمه، لكنّه ذكرَ أنّه كان متورطاً بشكلٍ مباشرٍ في الإعداد لها، على حد تعبيره.
يُذكر أنّ هيرش هو الذي كشف عن فضيحة التعذيب في سجن أبو غريب العراقي، والتي أثارت موجة غضب عالمي، وإدانة واسعة للإدارة الأميركية.
اقرأ أيضاً: إعلام أميركي: بايدن قد يكون متورطاً في تفجير أنابيب "نورد ستريم"
تحقيق هيرش، عودة الحدث إلى الواجهة
من جهتها، ردّت وزارة الدفاع الأميركية "البنتاغون"، على تقرير هيرش وقالت إنّ الولايات المتحدة ليس لها علاقة بتفجير خط أنابيب الغاز "نورد ستريم".
وصرّح المتحدث باسم الوزارة اليوم، جارون جورن، أنّ الولايات المتحدة لم تشارك في انفجار "نورد ستريم"،كما أشار إلى كلمة نائب مساعد وزير الدفاع لورا كوبر، الذي زعم في 4 تشرين الأول/أكتوبر الماضي، أنّ "الولايات المتحدة لم تكن متورطة بأي حال من الأحوال" في هذا الأمر.
اقرأ أيضاً: بوتين: من يسعى لقطع علاقاتنا مع أوروبا يقف خلف تخريب "نورد ستريم"
في المقابل، قالت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الروسية، ماريا زاخاروفا، إنّ جميع الحقائق التي استشهدَ بها الصحافي الأميركي في تحقيقه، حول دور الولايات المتحدة في تخريب "نورد ستريم"، يجب التعليق عليها من جانب البيت الأبيض.
وأضافت زاخاروفا أنّ موسكو أعربت مراراً عن موقف روسيا بشأن تورط الولايات المتحدة وحلف شمال الأطلسي في هذا الحادث.
وشدّدت المتحدثة باسم الخارجية الروسية، على أنّ الغرب لم يخفِ ذلك، وأضافت "كان الغرب متفاخراً أمام العالم كلّه، بنيته تدمير البنية التحتية المدنية التي من خلالها حصلت أوروبا على موارد الطاقة الروسية".
واتّهم وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف، الخميس الماضي، في لقاءٍ مشترك على قناة "روسيا 24" ووكالة "نوفوستي"، الولايات المتحدة الأميركية بالتورط بشكل مباشر في عملية تفجير خط الغاز "نورد ستريم".
وكانت قد دمّرت سلسلة من الانفجارات القوية، في أيلول/سبتمبر الماضي، خط أنابيب "نورد ستريم" 1 و 2، الذي يمر عبر بحر البلطيق من روسيا إلى ألمانيا ويوفر الغاز الرخيص إلى أوروبا، وسرعان ما تم الكشف عن أن الهجوم كان عملاً تخريبياً متعمداً، من دون أن يتم التعرف على الجاني حتى الآن.