الخطاب اليميني المتطرّف بين لوبان وزيمور في السباق إلى الإيليزيه

المعركة الدائرة الآن بين لوبان وزيمور تَمضي حثيثاً داخل بيئة التطرُّف الفرنسية. الواقع أن كلاً من زيمور ولوبان يمثّل الأيديولوجيا ذاتها، ويعبّر عنها بوسائل متعدّدة.

  • ملصقاً ممزقاً لمرشح الانتخابات الفرنسية إريك زمور في باريس 20 تشرين الأول / أكتوبر 2021 (أ ف ب).
    ملصَق ممزَّق لمرشح الانتخابات الفرنسية إريك زبمور في باريس، 20 تشرين الأول/أكتوبر 2021 (أ ف ب)

الهجرة و"الهوية الوطنية": مشروعان متوازيان لليمين المتطرّف. هذه خلاصة الأفكار التي يُلقيها كل من المرشحة مارين لوبان والكاتب اليميني المتطرف إريك زيمور، الذي لم يعلن ترشيحه للانتخابات الرئاسية. لكنّ ما تبثّه مراكز الاستطلاع ووسائل التواصل الاجتماعي يؤشر إلى أن زيمور في طريقه لسحق عشرين عاماً من سياسات المرشحة الرئاسية للمرة الثالثة.

زعيمة التجمع الوطني نظرت دائماً إلى زيمور كتهديد جانبي. قالت، حرفياً، في تشرين الأول/أكتوبر الماضي إنها لا ترى "القيمة المضافة التي يجلبها إريك زيمور"، في محاولة لطمأنة فريقها الذي يزداد قلقاً من فاعليته وحضوره في الساحة السياسية والواقع الإعلامي.

الواقع أن كلاً من زيمور ولوبن يمثّل الأيديولوجيا ذاتها، ويعبّر عنها بوسائل متعددة. كلاهما يقترح الإجراءات نفسها، المتعلقة بالهجرة وانعدام الأمن والإسلام. كلاهما يقول إنه يريد الدفاع عن "الفرنسيين" ضد الأجانب غير المرغوب فيهم.

لوبان ترفع شعار "الأفضلية الوطنية"، أي أن مصلحة الفرنسيين هي الأساس في مقابل الأجانب. ومثلها، يريد إريك زيمور قمع سلسلة من الحقوق للأجانب: حقوق الأرض، حق اللجوء، لمّ شمل الأُسرة، التجديد التلقائي لتصاريح الإقامة. وتخطّط السيدة لوبان لإعادة الطلاب الأجانب إلى بلدانهم الأصلية بعد التخرج، بينما يرفض زيمور  بقاءهم في فرنسا إلاّ على أساس "كل حالة على حدة".

وإذا كانت المرشحة لانتخابات الرئاسة تقترح حصر رصيد الهجرة في عشرة آلاف شخص سنوياً، للأجانب الذين يُثبتون قدرتهم على إعالة أنفسهم ولديهم تأمين صحي خاص بهم، يَعِد إريك زيمور بوقف جميع عمليات الدخول، وترحيل مليوني أجنبي في غضون خمس سنوات.

لوبان، كما زيمور، تريد إلغاء التقديمات الاجتماعية إلى غير المواطنين، أو تقييدها. وتقترح مارين لوبان تخصيص المساعدة الاجتماعية للأجانب الذين يمكنهم تبرير خمس سنوات من العمل بدوام كامل في فرنسا، بينما يريد إريك زيمور إلغاء جميع المساعدات للأجانب غير الأوروبيين، حتى لو ساهموا ودفعوا الضرائب. وهدفه، كما يزعم، توفير 20 مليار يورو.

عن الإسلام فارق بسيط في الخطاب

تفوّق إريك زيمور على جميع كارهي المسلمين والعرب في فرنسا، بمن فيهم مارين لوبان وأركان حزبها. في مناظرات سابقة، قال إن هناك احتلالاً إسلامياً لفرنسا. وفي مناسبات متعدّدة، حذّر من "الاكتساح الإسلامي لفرنسا عن طريق المهاجرين والجهاديين وتجّار المخدِّرات الناشطين في ضواحي المدن الكبرى". ومن مقولاته إن "الإسلام لم يكن، ولن يكون، قادراً يوماً على التعايش مع الجمهورية الفرنسية".

مارين لوبان، التي باتت عاجزة عن اللحاق بشعارات زيمور وتطرفه الشديد، كانت رفعت شعارات بالغة التحريض والتحدي، ولاسيما عندما تحدثت عما سمَّته "السرطان الإسلامي" في فرنسا. وإذا كانت لوبان نشطة في مجال تقديم قوانين للضغط عل المسلمين في فرنسا، وتحديداً في موضوع الحجاب، فإنها تبالغ في التخويف من وجود نيّات انفصال إسلامي يجري التحضير له.

المعركة الدائرة الآن بين لوبان وزيمور تَمضي حثيثاً داخل بيئة التطرُّف الفرنسية. احتمال ترشّح الكاتب، الصاعد في استطلاعات الرأي، يُلقي بظلاله داخل الدائرة المقرَّبة إلى لوبان، ويدفعها في اتجاه صياغة استراتيجيا متفاعلة ومتلائمة مع خطة زيمور البالغة الذكاء، لجهة تركيزه على سحب البساط من تحت قدمَي الزعيمة اليمينية الأولى في فرنسا، كمقدمة لطرح نفسه مرشحاً عن عُتاة التطرف في البلاد.

 

اخترنا لك