الطائرات التركية في سماء طرابلس.. ساحة الإختبار في ليبيا

نستطيع أن نعتبر تأكيد تواجد الطائرات الهجومية دون طيار من نوع "Bayraktar TB2" تركية الصنع في أجواء العاصمة الليبية طرابلس، بمثابة فصل جديد من فصول مسلسل طويل تكررت فصوله سابقاً في اليمن وسوريا، وفيه يتم الإستفادة من النزاعات المسلحة في الشرق الأوسط كساحة لإختبار الأسلحة والمنظومات القتالية الجديدة للدول الداعمة لهذا الطرف أو ذلك، وليبيا لم تكن استثناء في هذا المسلسل، بل شهدت منذ أواخر عام 2014 ظهور عدد كبير من المنظومات القتالية التي لم تكن سابقا ضمن تسليح الجيش الليبي ما قبل عام 2011.

الطائرة التركية Bayraktar TB2

الطائرة التركية "Bayraktar TB2" دخلت الخدمة في سلاح الجو التركي أواخر عام 2014، وتمتلكها أيضاً كل من اوكرانيا وقطر، وتبلغ قدرة محركها 100حصان يوفر لها سرعة قصوى تبلغ 220 كيلو متر في الساعة، ويصل مداها الأقصى إلى 150 كيلومتر، بارتفاع تحليق يصل إلى 8 كيلومترات، والقدرة على التحليق بشكل متواصل لمدة تصل إلى يوم كامل.

تتسلح هذه الطائرة بحمولة تصل زنتها إلى 55 كيلو جرام، ويتكون تسليحها الأساسي من صواريخ تركية الصنع مضادة للدروع من نوع "UMTAS" من تصنيع شركة "روكيستان"، وهي صواريخ موجهة بالليزر يصل مداها الأقصى الى ثمانية كيلو مترات. وقد إستخدم الجيش التركي هذه الطائرة في عدة عمليات قتالية ضد حزب العمال الكردستاني في سوريا والعراق، وقد تم إسقاط إحداها أوائل العام الماضي قرب مدينة عفرين شمالي سوريا.

تم تأكيد تواجد هذه الطائرة في ليبيا بعد نشر تسجيل مصور يظهرها أثناء استعدادها للهبوط في قاعدة معيتيقة الجوية في طرابلس، ثم ظهرت صور لمحطتي تحكم خاصتين بهذا النوع بعد وصولها الى طرابلس الشهر الماضي. يذكر هنا ان الجيش الوطني الليبي أعلن خلال الأسابيع الماضية عن إسقاط وتدمير ثلاث طائرات على الأقل من هذا النوع، اثنتين منها خلال غارتين جويتين منفصلتين على قاعدة معيتيقة الجوية الشهر الجاري، وواحدة قرب قاعدة الجفرة الجنوبية وسط ليبيا الشهر الماضي.

بات من المؤكد وفق هذه المعطيات، ان الطائرات التركية وصلت الى ليبيا ضمن شحنة الأسلحة والذخائر والعربات المدرعة التي وصلت الى ميناء طرابلس أواخر آذار/مارس الماضي من ميناء سامسون التركي على متن سفينة شحن تحمل علم مولدوفا، كجزء من الدعم العسكري التركي لقوات حكومة الوفاق الوطني في طرابلس. من أهم ما كان على متن هذه السفينة بالإضافة الى أسلحة خفيفة ومتوسطة وصواريخ مضاد للدروع، العربات التركية رباعية الدفع المضادة للألغام "Kirpi 2".

وهي عربات من تصنيع شركة "BMC" التركية، وقد بدأت قوات الجيش التركي في إستلام أولى دفعات هذه العربات عام 2014، وتمتلكها أيضا تركمانستان وقطر وتونس. تتميز هذه العربات بتدريع من المستوى الثالث ضد القذائف الخارقة للدروع وقذائف المدفعية، بجانب منظومة لرصد أطلاقات النيران المعادية، ومقاعد ماصة للصدمات الانفجارية، مع امكانية تزويدها بطائفة واسعة من الأسلحة المتوسطة وقواذف القنابل والصواريخ المضادة للدروع، والقمرات القتالية العلوية، بما فيها القمرات التي يتم تشغيلها بالتحكم عن بعد. يصل وزن هذه العربة الكلي الى نحو 60 طن، ويصل مداها العملياتي الأقصى الى 1000 كيلو متر، وقد أستخدمها الجيش التركي في عمليات انتشار قواته في مناطق خفض التصعيد شمالي سوريا.  لم يتم تحديد الأعداد التي وصلت الى ليبيا من هذه العربات، ولكن التقديرات تشير إلى أنها ما بين 20 الى 40 عربة.

لم تكن هذه الشحنة هي الأولى التي ترسلها تركيا الى حكومة الوفاق في طرابلس، فقد ضبطت السلطات اليونانية في سبتمبر 2015 سفينة شحن شمالي شرق جزيرة كريت كانت محملة بالأسلحة ومتجهة من ميناء الإسكندرونة التركي في اتجاه ميناء طرابلس، كما صادرت السلطات اليونانية في يناير 2018 سفينة أخرى قرب جزيرة كريت، ترفع علم تنزانيا وعلى متنها شحنة كبيرة من المواد المتفجرة قامت بتحميلها من الموانئ التركية في اتجاه ليبيا. كذلك صادرت السلطات الليبية بميناء الخمس في ديسمبر 2018 شحنة من الأسلحة الخفيفة والذخائر كانت على متن سفينة شحن قادمة من ميناء مرسين التركي.

مؤخراً، وتحديداً في فبراير الماضي، وصل الى ميناء الخمس الليبي على متن سفينة شحن قادمة من تركيا، عدة حاويات بداخلها عدد من ناقلات الجند المدرعة من نوع "PantherA N6" تركية الصنع بجانب عربات دفع رباعي أخرى من نوع "تويوتا".

من ناحية أخرى، تلقى الجيش الوطني الليبي التابع للحكومة المؤقتة المنضوية تحت مجلس النواب في طبرق، خلال السنوات الماضية دعماً مستمراً من جانب دول عربية مثل مصر والإمارات المتحدة والأردن. حيث دخلت ضمن تسليحه عدة أنواع من العربات المدرعة، منها العربة القتالية "NIMR JAIS"، والعربات المدرعة من أنواع "كوجر" و"بانثيرا اف9" و"بانثيرا تي6" و"سبارتان أم كي 2" و"سبارتان أم كي 3" وعربة القوات الخاصة الخفيفة "أيريس" والمدرعة الأردنية "الوحش" التي ظهرت لأول مرة خلال عمليات تحرير مدينة درنة. تلقى الجيش الوطني منذ بداية عملياته في اتجاه طرابلس شحنة من العربات المدرعة الأردنية الصنع، وهي العربة القتال المدرعة ثمانية الدفع "المارد"، وهي من تصميم مركز الملك عبد الله الثاني للتصميم والتطوير، وقد تم تصميمها على أساس شاسيه من انتاج شركة تاترا التشيكية، وهي مزودة بمحرك تبلغ قدرته 420 حصان، وتتميز بتدريع من المستوى الثالث يسمح لبدنها بتحمل الاطلاقات النارية الخفيفة جانب الألغام الأرضية. من الممكن أن تتزود ببرج قتالي يمكن تسليحه بمختلف أنواع الأسلحة وصولا الى مدافع من عيار 30 مللم، وتصل سرعتها القصوى الى 110 كيلو متر في الساعة، بمدى عملياتي يصل الى 600 كيلو متر، وتستطيع أن تنقل ثمانية جنود بكامل عتادهم بالإضافة الى طاقمها المكون من فردين.

المدرعة الأردنية الثانية التي وصلت الى تسليح الجيش الليبي خلال عمليات طرابلس الجارية هي العربة المدرعة "Mbombe" سداسية الدفع، ويتم أنتاجها في الأردن برخصة مشاركة مع شركة بارامونت الجنوب أفريقية، وتحمل تدريع من المستوى الرابع يسمح لبدنها بتحمل الاطلاقات النارية المتوسطة والعبوات الناسفة حتى وزن 10 كيلو جرام. يصل مداها العملياتي الى 700 كيلو متر وسرعتها القصوى مائة كيلو متر، وتستطيع نقل حتى 11 جندي بما فيهم طاقم العربة.

على ما يبدو فأن مشاركة هذه العربات الأردنية في معارك طرابلس تحمل ايضاً أغراضاً إختبارية بجانب الغرض الأساسي وهو دعم الجيش الليبي، وهذا ينطبق أيضاً على ما قدمته تركيا لقوات حكومة الوفاق. حيث تقوم كل جهة بدراسة نتائج المعارك وتأثيرها على المنظومات القتالية، وكذلك تأثير الطقس والتضاريس. فمثلاً في هذه الصور نرى تأثير اطلاقات نارية من عيار 23 مللم على بدن عربة من نوع "Mbombe" والتي يتحمل تدريعها اطلاقات نارية حتى عيار 14.5 فقط. وبالتالى دراسة مثل هذه المواقف قد تساهم في زيادة تدريع العربة في المستقبل، وبالتالي تحسين أدائها القتالي.

كذلك زود الأردن وحدات الجيش الليبي بالقاذف المضاد للدروع "RPG-32 Hashim" ، والذي يصنعه الأردن بالإشتراك مع شركة "بازالت" الروسية منذ عام 2013، ويصل مداه الأقصى إلى نحو 500 متر، ويتميز بإمكانية اطلاقه لعيارين من أعيرة الصواريخ المضادة للدروع، الأول هو عيار 72 مللم والثاني هو 105 مللم. الميزة الأكبر لهذا النوع من القواذف قدرته الممتازة على إختراق الدروع التفاعلية الخاصة بالدبابات، حيث يستطيع تحقيق اختراق يصل إلى 650 مللم في الصلب خلف الدرع التفاعلي.

اخترنا لك