هل بايعت جماعة الأسير في لبنان داعش؟
ظلّ أحمد الأسير في مخيم عين الحلوة إلى حين توقيفه منتصف آب/ أغسطس عام 2015 وخلال تواجده في المخيم نسج علاقات وطيدة مع "أمير داعش" عماد ياسين الذي اعتقله الجيش اللبناني في عملية نوعية في أيلول/ سبتمبر الفائت، وترجّح مصادر أمنية أنّه تمّ إقناع الأسير بالإنخراط في داعش ما من شأنه أن يستقطب المئات من أنصار الأسير إلى صفوف التنظيم.
توقيف الأمن العام اللبناني لأحمد الأسير في 15 آب/ أغسطس عام 2015 يبدو أنه لم يطوِ صفحةً ملتبسةً عاشها لبنان ولا سيما في مدينة صيدا (30 كيلومتراً جنوب العاصمة بيروت).
فأنصار الأسير ينشطون بأشكال شتى في المدينة وضواحيها وبحسب مصدر أمني للميادين نت فإن تحركاتهم مريبة في بعض الأحيان ويعتمدون بشكل كبير على العنصر النسائي لتنفيذ التحركات الداعية لإطلاق سراح الموقوفين من أنصار الأسير بعد معارك عبرا، ولا تستبعد المصادر الأمنية أن تكون تلك النسوة نقلن أحزمة ناسفة أو متفجرات للانتحاريين لتنفيذ اعتداءات سواء في بيروت أو غيرها من المناطق اللبنانية.
وتتوقف الأوساط اللبنانية عند نتائج الانتخابات
المحلية في أيار / مايو الفائت عندما حصل أنصار الأسير بالتحالف مع شخصيات إسلامية على تأييد نحو 10 في المئة من أصوات المقترعين في انتخابات بلدية صيدا، وهذه
النسبة تعتبر كبيرة لجهة حصول جماعة شبه محظورة أو على الأقل من المفترض أن تكون كذلك
عليها.
تلك الانتخابات أعادت جماعة الأسير إلى الضوء على
الرغم من استمرار توقيف مؤسسها والذي سيصدر بحقه حكم قضائي الشهر المقبل، لكنّ أوساطاً
لبنانية تحدثت عن أنّ معظم أنصار الأسير بايعوا داعش وبات معظمهم على تواصل مع قياديين
في التنظيم متوارين داخل مخيم عين الحلوة للاجئين الفلسطينيين قرب صيدا ومن أبرزهم
هلال هلال وشقيق الأسير أمجد.
معلومات أخرى تحدثت عن أنّ تحولاً طرأ على مسيرة الأسير
قبل توقيفه بأشهر طويلة بعد أن نسج علاقات وطيدة مع كتائب عبد الله عزّام
من خلال أحد قيادييها في لبنان سراج الدين زريقات الذي ذاع صيته بعد التفجير المزدوج
الذي استهدف السفارة الإيرانية في بيروت صباح 19 تشرين الثاني/ نوفمبر عام 2013 وتبيّن أنّ منفذَي الهجوم على صلة بجماعة الأسير.
التحول الفكري لدى الأسير
بعد أن نجح الجيش اللبناني بإنهاء وجود أنصار الأسير في عبرا (شرق صيدا) فرّ إمام مسجد بلال بن رباح إلى جهة مجهولة وتحدثت حينها معلومات عن تواريه داخل مخيم عين الحلوة مع شقيقه أمجد وفضل شاكر (لا يزالا في المخيم حتى تاريخه) وعدد من المقربين منه.
ظلّ الأسير في المخيم إلى حين توقيفه منتصف آب/ أغسطس عام 2015، وخلال تواجده في المخيم كان قد نسج علاقات وطيدة مع عماد ياسين (اعتقله الجيش اللبناني في عملية نوعية في أيلول/ سبتمبر الفائت)، إضافة إلى نعيم النعيم ويوسف شبايطة والمدعو أبو عائشة الذين بايعوا داعش وكان لهؤلاء تأثير كبير على الأسير، وترجّح المصادر الأمنية أنّ هؤلاء أقنعوه إلى درجة موافقته على الإنخراط في داعش، وكان في حسابات هؤلاء أنّ القاعدة الشعبية للأسير ورمزيته لدى أفراد ينتمون إلى مختلف عائلات صيدا، فضلاً عن شهرته الواسعة في لبنان، يجعل من انضمامه إلى صفوف التنظيم فرصة لاستقطاب المئات إلى هذا الخط.
وفق هذه المعطيات تؤكد مصادر أمنية أن يكون قد تمّ تنصيب الأسير كأمير لداعش في لبنان، وتذهب إلى أبعد من ذلك عندما سرّبت مواقع الكترونية أنّ الأسير سيكون من ضمن لائحة الموقوفين الذين سيطالب بهم داعش لمبادلتهم بالعسكريين اللبنانيين المخطوفين لديه في جرود عرسال منذ مطلع آب/ اعسطس عام 2014، إلا أنّ معلومات من متابِعي ملف العسكريين المخطوفين تريّثت في تأكيد ما سبق لا سيما أنّ داعش لم يرسل أيّ مطالب مقابل إطلاق العسكريين اللبنانيين، عدا أن المفاوضات التي كانت عبر وسطاء كُثر لم تصل إلى مرحلة تبادل المطالب ولا إلى معطيات جدية عن مصير العسكريين ما يعني أنّ تلك المعلومات ليست دقيقة ولم يصل أيّ مطلب من داعش إلى بيروت بشأن الأسير.
الأسير من إمام مسجد إلى أمير جماعة
بدأ أحمد الأسير نشاطه كإمام لمسجد بلال بن رباح في منطقة عبرا شرقي صيدا ومع اشتداد الأزمة السورية تحوّل إلى زعيم جماعة استقطبت العشرات من شباب صيدا وما لبثت أن وسّعت دائرة تحركاتها خارج المدينة ووصلت إلى قلب العاصمة بيروت عبر اعتصامات متكررة بمشاركة ناشطين من المعارضة السورية، وعمل الأسير على نسج علاقات متينة مع هيئة العلماء المسلمين في طرابلس شمالي البلاد ومع مجموعات تدور في فلك النصرة وداعش في عرسال على الحدود اللبنانية السورية ، وتؤكد مصادر لبنانية أنه كان يحصل على التمويل من دول عدة وأنّ الفنان السابق فضل شاكر كان صِلة الوصل مع تلك الدول.
وفي العام 2013 صعّدت جماعة الأسير تحركاتها على وقع خطاب طائفي مذهبي لم يخلُ من الانتقادات الشديدة اللهجة والتي وصلت إلى حد الشتائم بحق مسؤولين سياسيين وعسكريين وحزبيين في لبنان وراحت تتصرف وكأنها الطرف الأقوى في صيدا مستفيدة من تراجع حضور تيار المستقبل الذي يتزعمه رئيس الحكومة سعد الحريري، وأقدمت مراراً على قطع الطريق بين الجنوب والعاصمة من دون أن تبادر القوى الأمنية إلى التدخل الحاسم نظراً لغياب القرار السياسي في فترة كانت الساحة الداخلية تشهد انقاسامات حادة.
ظلّ الأسير على خطابه التصاعدي مع ارتفاع أعداد المؤيدين لتحركاته في أكثر من منطقة لبنانية إلى أنْ وقع الصدام مع الجيش اللبناني في حزيران/ يونيو عام 2013 ونجاح الجيش في حسم المعركة ومن ثم فرار الأسير مع شاكر وآخرين من أرض المعركة ومن ثم تواريهم داخل مخيم عين الحلوة، وبعد نحو سنتين على فراره قرر مغادرة لبنان بجواز سفر مزور ولكن الأمن العام اللبناني نجح في اعتقاله في المطار ونقله إلى وزارة الدفاع حيث لا يزال يحاكم بتهم قد تصل عقوبتها إلى الإعدام.