"وول ستريت جورنال": السوريون غاضبون من التوغل الإسرائيلي.. ووقوع إصابات قد يغيّر المشهد
مع انهيار النظام السوري، سيطر "الجيش" الإسرائيلي بسرعة على منطقة الحدود مع سوريا، وتحرّك لنزع سلاح القرى المجاورة لإنشاء منطقة عازلة أمنية. والآن، تقاوم بعض هذه القرى ما تخشى أن يصبح احتلالاً إسرائيلياً مطوّلاً.
صحيفة "وول ستريت جورنال" الأميركية تنشر تقريراً للكاتبة أنات بيليد، تحدّثت فيه عن الاحتلال الإسرائيلي للمناطق الحدودية في سوريا، والغضب لدى السوريين من التوغّلات الإسرائيلية، التي أفضت إلى تظاهرهم ووقوع إصابات منهم برصاص الاحتلال.
أدناه نص التقرير منقولاً إلى العربية بتصرّف:
يعارض العديد من السوريين الوجود العسكري الإسرائيلي داخل قراهم وجهودها لنزع سلاحهم. ومع انهيار نظام الأسد هذا الشهر، سيطر "الجيش" الإسرائيلي بسرعة على منطقة الحدود مع سوريا، وتحرّك لنزع سلاح القرى المجاورة لإنشاء منطقة عازلة أمنية. والآن، تقاوم بعض هذه القرى ما تخشى أن يصبح احتلالاً إسرائيلياً مطوّلاً.
واندلعت الاحتجاجات في الأيام الأخيرة في بعض القرى السورية الجنوبية ضدّ الوجود العسكري الإسرائيلي. وأظهرت لقطات على الإنترنت حشوداً تحمل أعلام سوريا الحرّة، وهي ترمي الحجارة في 20 كانون الأول/ديسمبر، في اتجاه المركبات العسكرية الإسرائيلية في قرية المعريه الحدودية. كما ترفض بعض القرى تسليم أسلحتها للقوات الإسرائيلية، قائلة إنّها ستسلّمها فقط لقوات الحكومة السورية.
وأصيب شاب برصاصة في احتجاجات المعريه بينما حاول "الجيش" الإسرائيلي صدّ المتظاهرين. وقال الأشخاص الذين شاركوا في الاحتجاج إنّ القوات الإسرائيلية حذّرت المتظاهرين عبر مكبّرات الصوت من التراجع قبل فتح النار. وفي احتجاج آخر في قرية سويسة يوم الأربعاء، قال "الجيش" الإسرائيلي إنه أطلق طلقات تحذيرية تجاه المتظاهرين الغاضبين الذين اقتربوا منه، وهو الحادث الذي قال السكان المحليون إنه أدى إلى إصابة عدة أشخاص.
اشتكى سكان بعض القرى من أنّ حركتهم ووصولهم إلى السلع الأساسية مثل الغذاء والمياه والكهرباء قد تعطّلت بسبب الاحتلال الإسرائيلي في المنطقة. واتهم البعض القوات الإسرائيلية بمنع المزارعين من الوصول إلى حقولهم. ووقّع رؤساء ثماني قرى في محافظة القنيطرة على بيان مشترك يطالب القوات الإسرائيلية بالتراجع.
وقال أيمن جواد التميمي، الخبير في الشؤون السورية وزميل منتدى الشرق الأوسط، وهو مركز أبحاث مقره فيلادلفيا، في إشارة إلى الوجود العسكري الإسرائيلي في الأراضي السورية: "إنه يولّد الخوف والانزعاج والغضب. وكلما طال أمد هذا، زاد الخوف من أن يتحوّل هذا إلى مواجهة مسلّحة".
لقد استولت "إسرائيل" على المنطقة العازلة، بما في ذلك قمّة جبلية استراتيجية، لبناء وسادة أكبر بين مواطنيها وأي قوة تنشأ في سوريا بعد الإطاحة ببشار الأسد من منصبه كرئيس في 8 كانون الأول/ديسمبر. لكنّ توغّلاتها في الأراضي السورية تخاطر بمواجهة مسلّحة في المنطقة، والتي قد تتحوّل إلى نقطة اشتعال مع حكّام سوريا المستقبليين. وقد أثارت تحرّكات "إسرائيل" بالفعل انتقادات من الأمم المتحدة والحكومات الأوروبية والعربية.
وبحسب سكان وصور على الإنترنت تمّ التحقّق منها من قبل "Storyful"، المملوكة لشركة "News Corp"، الشركة الأمّ لصحيفة "ذا وول ستريت جورنال"، فقد دخلت القوات الإسرائيلية عدة قرى على بعد ميل واحد تقريباً من المنطقة العازلة، واستولت على بعض المواقع السورية المهجورة وعبرت المناطق الريفية بناقلات الجنود والدبابات.
ويقول العديد من السكان الذين تابعوا عن كثب الحملات العسكرية الإسرائيلية في غزة ولبنان إنّهم لا يثقون في القوات التي يرونها في قراهم.
وقال ضرار البشير، محافظ القنيطرة السابق وأحد الموقّعين على البيان المشترك لثماني قرى حدودية والذي يدعو الإسرائيليين إلى الانسحاب من المنطقة، إنّه تمّ استدعاؤه إلى اجتماع مع "الجيش" الإسرائيلي في مرتفعات الجولان التي تسيطر عليها "إسرائيل"، حيث حاول المسؤولون العسكريون التفاوض على تسليم الأسلحة.
في الاجتماع، الذي قال البشير إنّه استمرّ عدّة ساعات، أشار إلى أنّ مسؤولاً عسكرياً إسرائيلياً أخبره أنّ "إسرائيل" تريد السلام مع سوريا. وقال البشير: "أخبرناه أنّ السلام لا يأتي بالقوة أو الغزو ولكن من خلال استعادة الحقوق وحسن الجوار والمصالح المتبادلة".
وقال البشير إنّ الجنود الإسرائيليين استولوا على الأراضي المرتفعة حول البلدات، وإنّ الحواجز الآن تعزل القرى، مما يجعل الحركة صعبة وأحياناً مستحيلة. وألحقت المركبات العسكرية الثقيلة أضراراً بالطرق والبنية التحتية في بعض المناطق، مما أدى إلى قطع الكهرباء والماء وخطوط الهاتف مؤقتاً. وأضاف البشير: "ظلت بعض القرى من دون مياه لمدة 10 أيام، حيث قطعت إسرائيل الإمدادات.. وهناك اشتباكات مستمرة بينهم وبين السكان المحليين".
كان زعيم هيئة تحرير الشام أحمد الشرع يجتمع مع دبلوماسيين من جميع أنحاء العالم في محاولته تحويل قوته القتالية إلى قوة حاكمة. ويبدو أنّ الشرع، الإرهابي الذي صنّفته الولايات المتحدة والذي تخلّى عن الاسم الحربي "أبو محمد الجولاني"، يتجنّب الاحتكاك مع "إسرائيل"، على الأقل في الوقت الحالي.
واستغرق الشرع أكثر من أسبوع لإدانة الهجمات الإسرائيلية على المنشآت العسكرية السورية ووجودها داخل سوريا. وقال للصحافيين هذا الشهر "لا يوجد مبرّر للإسرائيليين لقصف المنشآت السورية أو التقدّم داخل سوريا"، مضيفاً أنّه لا يرغب في خوض حرب ضد "إسرائيل". ويحذّر المحللون من أنّ الشرع قد يتعرّض لضغوط لتغيير آرائه إذا تدهور الوضع على الأرض.
وحذّر إيال زيسر، رئيس قسم تاريخ الشرق الأوسط المعاصر في جامعة "تل أبيب"، من أنّ التوترات قد تشتعل إذا أصيب مدنيون في أي حادث يتعلّق بالقوات الإسرائيلية. وقال: "في مرحلة معيّنة، ستدهس دبابة تابعة لنا الناس هناك عن طريق الخطأ. وسيصاب الناس بالانزعاج".
وقال إياد ناصر، عمّ الشاب البالغ من العمر 19 عاماً الذي أصيب برصاصة في احتجاج يوم الجمعة، ماهر حسين، إنّ ابن أخيه اضطر إلى الخضوع لثلاث عمليات جراحية باهظة التكلفة. وعلى الرغم من تفرّق الحشود بسرعة في أعقاب الحادث، إلا أنّ ذلك لم يهدّئ مخاوف القرويين.
وقال ناصر: "حتى الآن، لا تزال المركبات العسكرية تدخل وتخرج من المنطقة. يخشى الناس أن تتفاقم الأمور في مناطقهم".
نقلته إلى العربية: بتول دياب.