مرشد الثورة في إيران.. صلاحياته وطريقة اختياره
وفقاً لنظام إيران ودستورها، فإن المرشد يمتلك صلاحيات تمنحه القدرة على الفصل في كل شؤون الدولة، وهو يُشرف على عمل مختلف سلطاتها.
يُعتبر المرشد الأعلى للجمهورية الإسلامية في إيران صاحب السلطة الأعلى والمقام الأبرز في الدولة، والقائد الأعلى للقوات المسلحة، وهو يتمتّع بعدد من الصلاحيات التنفيذية، وهو أيضاً بمثابة "العين الساهرة على تطبيق الأحكام الدينية ومراجعة القرارات السياسية وبتّها"، بحسب الصحافي الإيراني سياوش فلاح بور.
يحظى المرشد بأهمية خاصة في إيران، نظراً إلى المركز الديني الذي يتولاه، إضافة إلى الصلاحيات السياسية المنوطة به. ووفقاً لنظام إيران ودستورها، يمتلك المرشد صلاحيات تمنحه القدرة على الفصل في كل شؤون الدولة، وهو يتمتع بوضع شديد التميز والحساسية أيضاً، لكونه يشرف على عمل مختلف سلطات الدولة.
وقد حدَّدت المادة 110 من الدستور الإيراني وظائف المرشد وصلاحياته، فهو "يرسم السياسات العامة للنظام بعد التشاور مع مجمع تشخيص مصلحة النظام"، كما أنه يصدر الأمر بالاستفتاء العام، وينظّم العلاقات بين السلطات الثلاث، التشريعية والتنفيذية والقضائية.
ووفقاً للمادة ذاتها، فإن مرشد الثورة يقود القوات المسلحة، ويعتبر قائدها الأعلى، ويعيِّن رئيس السلطة القضائية، ورئيس الإذاعة والتلفزيون، ورئيس أركان القيادة المشتركة للجيش، والقائد العام لقوات حرس الثورة.
ويناط بالمرشد أيضاً توقيع حكم تنصيب رئيس الجمهورية بعد انتخابه من الشعب، ويحق له أيضاً عزله إذا اقتضت مصلحة البلاد ذلك، لكن هذا الأمر لا يتم إلا بعد صدور حكم عن المحكمة العليا، يقول بتخلّفه عن وظائفه القانونية، أو بعد إصدار البرلمان قراراً بعدم كفاءته السياسية، وفقاً لما تنص عليه المادة التاسعة والثمانون.
ويحق له أن يُصدر العفو العام أو أن يصدر قراراً بتخفيف العقوبات عن المحكوم عليهم "في إطار الموازين الإسلامية"، وبناءً على مقترح من رئيس السلطة القضائية.
مرونة المرشد السياسية
على الرّغم من كل الصلاحيات الممنوحة للمرشد الإيراني، فإنه لا يفرض شروطه وآراءه على أيّ من السلطات السياسية في البلاد، ولا يتخذ أيّ قرار بشأن أي أمر إلا عندما يمسّ مصلحة إيران الوطنية، بحسب الكاتب الصحافي الإيراني سياوش فلاح بور، الذي يعتبر أن "السيد خامنئي يمتلك مرونة سياسية قلّ نظيرها، وهي تُعتبر إحدى أهم صفاته".
وقال الصحافي الإيراني إن السيد خامنئي تجاوز کثیراً من الأزمات والمراحل الصعبة خلال أکثر من 40 عاماً من عمر الثورة، وأكد أن مكانته في إیران أکبر من مجرَّد موقع سياسي، لکونه "أباً للمجتمع الإیراني" في کل توجُّهاته السیاسیة والثقافیة والدینیة والاجتماعیة، ولدى مؤيدي كِلا التيارين الإصلاحي والمحافظ.
وللدلالة على ذلك، يقول فلاح بور: "في بدایة أزمة جائحة کورونا، لم يقبل بعض الأشخاص إجراءات الوقاية، ورفضوا الامتناع عن الذهاب إلى أماكن العبادة والأماكن العامة، وکانوا یصرون علی البقاء في الأماکن المقدسة. وبناءً علی هذا الأمر، کنا علی وشك أن نشهد تصادماً بینهم وبين الأجهزة الأمنية المنوط بها تنفيذ قرارات السلطة التنفيذية، لکن السید خامنئي عالج هذا الملف بحكمة، وأقنعهم بضرورة التقيد بالإجراءات، وأنهی الأزمة المحتملة".
وأكد الصحافي الإيراني أن الأغلبية العظمى من الإيرانيين والأحزاب والجهات السیاسیة والدينية والثقافية والاجتماعية والرياضية والشبابية في إيران، تنظر إلى السيد خامنئي "من منظور أبوي وإنساني"، قبل النظر إلى الموقع المهم الذي يتبوأه دينياً وسياسياً. "ونظراً إلى مكانته بين الإيرانيين، وانطلاقاً من الصلاحیات القانونیة التي يتمتع بها، فإن هناك احتراماً كبيراً من جميع أطياف الشعب الإيراني لكل القرارات والمواقف التي تصدر عنه"، يضيف.
ويتابع الصحافي الإيراني: "سیاسیاً، لا يتدخل المرشد في المواضیع السياسية الداخلیة لمصلحة طرف على حساب طرف آخر، وإنما ينصح الجميع، بحكم موقعه، بجعل مصلحة البلاد فوق كل اعتبار، وبممارسة السلطة بالاستناد إلى احترام القانون، وبضرورة تطبيقه بشكل عادل".
أمّا في ما يتعلق بسياسة إيران الخارجية، فيؤكد الصحافي الإيراني أن المرشد رسم خطوطاً حُمراً لا يمكن تجاوزها أبداً، سواء في ملف التفاوض بشأن برنامج إيران النووي السلمي أو في أي شأن آخر.
ويضيف: "هذه الخطوط تتعلق بعدم السماح لأيّ من القوى الخارجية بالمساس بالكرامة الوطنية الإيرانية، وبالحرص على الأمن القومي الإيراني"، ويؤكد أن "تجربتنا، كإيرانيين، في هذا الأمر، تقول بعدم السماح بفرض أيّ قرار يتعارض مع مصلحة الشعب وكرامته الوطنية".
شروط اختيار المرشد
يتساوى مرشد الثورة مع كلِّ المواطنين أمام القانون، ويجمع "الولي الفقيه" بين المرجعية الدينية والإدارة السياسية، كما أنه المرشد والموجِّه للنظام السياسي ولإدارة شؤونه الاقتصادية والاجتماعية والثقافية.
وقد حدّدت المادة 109 الشروط الواجب توافرها في المرشد كي يتولى مهمات منصبه، وهي أن "يمتلك رؤية سياسية وكفاءتين اجتماعية وإدارية"، وأن "يمتلك حسن التدبير والشجاعة، وأن تكون لديه القدرة الكافية على القيادة".
من يختار المرشد؟
تأسَّس مجلس خبراء القيادة في آب/أغسطس 1983. ووفقاً للمادة 107 من الدستور الإيراني، يتولى أعضاء هذا المجلس المنتخَبون من الشعب مهمة تعيين المرشد.
هؤلاء الخبراء يختارون مرشد الثورة بعد التشاور بشأن كل الفقهاء الجامعِين للشروط المذكورة فـي المادتين 105 و109. ويجب أن يكون اختيار المرشد مستنداً إلى أن يكون الأعلم بالأحكام والمسائل الفقهية والقضايا السياسيّة والاجتماعيّة، وأن يحوز تأييد الرأي العام.