الكابينت الإسرائيلي: قلق من الهرولة الأميركية وخلافات حول الموقف منها
تحدث معلقون عن حصول خلافات في الرأي داخل الكابينت حول كيفية التعامل مع القرار الأميركي بالعودة إلى الاتفاق النووي، وتحديداً حول السياسة التي ينبغي على "إسرائيل" انتهاجها باتجاه الأميركيين.
بعد أكثر من شهرين على عقد آخر جلسة له، اجتمع المجلس الوزاري المصغر للشؤون السياسية – الأمنية (الكابينت)، أمس الأحد، وبحث موضوع التوتر مع إيران. الجلسة التي لم يصدر عنها أي بيان رسمي، ولم تُتخذ فيها أي قرارات، صدرت بعدها تسريبات كانت كافية لرسم صورة الخلافات، القلق التي خيمت على أجواء الجلسة.
قلق من الهرولة الأميركية
وفق التسريبات التي نشرتها وسائل إعلام اسرائيلية، أعرب أعضاء الكابينت عن قلق مهم من قرار عودة واشطن إلى الاتفاق النووي ورفع العقوبات عنها، لأن من شأنه أن يضر بـ"حرية عمل إسرائيل".
وقالت مصادر إسرائيلية رفيعة المستوى لصحيفة "يديعوت أحرونوت" إن المحادثات في فيينا بين إيران والدول الكبرى "مقلقة"، فالأميركيون "يتنازلون أكثر مما يريد الإيرانيون. هدفهم هو الهرولة إلى الاتفاق بكل ثمن. إنهم يهرولون مثل المجانين نحو الاتفاق".
المصادر ذاتها قالت إن الأميركيين "يسمعون مخاوفنا، لكن السؤال ما إذا كانوا يُصغون". وبحسب وجهة نظر مسؤولين إسرائيليين موجودين في الكابينت، "يوجد قلق في إسرائيل من إحياء الاتفاق النووي بصورة أو بأخرى".
معلقون لفتوا إلى أن "إسرائيل" تخشى أن يتراجع الأميركيون أمام إيران، وأن تكون الاتفاقية التي يرغبون في العودة إليها شبيهة جداً بالاتفاقية الأصلية. وأضاف معلقون أن "الأميركيين متحمسون للتفاوض مع إيران والتوصل إلى اتفاق معها، بينما الأخيرة تقدم خطاً متشدداً لا هوادة فيه".
وبحسب معلق الشؤون العربية في "القناة 12" إيهود يعري، فإنه ثمة 3 أمور تحدث بسرعة وهي ليست لصالح إسرائيل، هي:
- التقدم في محادثات فيينا بحيث "يجلسون للصياغة"، وهذا يعني أن الاحتمال الأكبر هو أن يتم التوصل إلى اتفاق بين واشنطن وطهران.
- "التلميح الأميركي بشكل واضح جداً" أنه سيكون هناك إزالة للعقوبات عن إيران، وليس فقط العقوبات المرتبطة بالمسألة النووية من عهد ترامب، بل وبعض العقوبات المتعلقة بالصواريخ وأمور مشابهة. وبالنتيجة، سيحصل الإيرانيون على حوافز مالية واسعة الأبعاد.
- مسارعة دول الخليج، ولا سيما السعودية والإمارات للبحث عن تفاهمات مع الإيرانيين، إذ في اللحظة الذي تذهب فيها الولايات المتحدة إلى اتفاق مع إيران، ستُسارع دول الخليج للبحث عن تسويات.
وكشف مسؤولان كبيران شاركا في جلسة الكابينت لموقع "والاه" الإخباري، أن ممثلي "الموساد" وشعبة الاستخبارات قالوا في جلسة الكابينت إنهم يقدّرون أن المفاوضات الجارية في هذه الأيام في فيينا، بين الولايات المتحدة وبقية الدول الكبرى وبين إيران، "ستؤدي إلى العودة إلى الاتفاق النووي – تُرفع في إطارها العقوبات الأميركية التي فُرضت خلال ولاية ترامب وتعود إيران إلى تطبيق التزاماتها بتقييد برنامجها النووي وفق اتفاق 2015".
إضافة إلى ذلك، نُقل عن وزراء كبار في الكابينت أنهم يلاحظون تراجعاً ما من جانب الإدارة الأميركية الجديدة بحيث يشعر الإيرانيون أن الخيار العسكري غير موجود. وأوضح مسؤولون كبار في الكابينت أن الفهم الآن هو أن إيران والولايات المتحدة الأميركية تريدان العودة إلى الاتفاق، وأضافوا أن النتيجة معروفة مسبقاً: "سيكون هناك اتفاق بشروط معدلة".
ونقل موقع "والاه" عن مسؤول إسرائيلي شارك في الجلسة قوله إنه "ليس هناك تفاؤل كبير. لن نتفاجأ إذا ما تم في غضون أسابيع توقيع اتفاق بين الولايات المتحدة والدول الكبرى وبين إيران".
خلافات
وتحدث معلقون عن حصول خلافات في الرأي داخل الكابينت حول كيفية التعامل مع القرار الأميركي، العودة إلى الاتفاق النووي، وتحديداً حول السياسة التي ينبغي على "إسرائيل" انتهاجها باتجاه الأميركيين. فوزيرا الأمن والخارجية يعتقدان أنه ينبغي انتهاج سياسة لينة أكثر ودية أكثر مع الإدارة الأميركية التي تدعم كثيراً المؤسسة الأمنية. في المقابل، يبدو رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو "مغايراً قليلاً".
وفي مقارنة لتصرف "إسرائيل" مع إدارتي أوباما وبايدن، رأى معلقون أن نتنياهو تعامل مع أوباما بصيغة أنّه "ليس مستعداً للسماع، ولا للقبول بأيّ شرعيّة للمحادثات" وكان رأيه السائد في الحكومة الإسرائيلية آنذاك، أما الآن، يوجد في داخل الحكومة الإسرائيلية من يفكر بطريقة مختلفة، كغانتس وأشكنازي، فهم يقولون "ربما نحاول الذهاب مع الإدارة يداً بيد، ربّما نحاول التكلّم إلى قلوبهم، أن نستغلّ علاقاتنا، معرفة المؤسّسة الأمنيّة".
أمام هذا الواقع، قال معلقون في "إسرائيل" إن "كلمة تعارض مصالح بين الولايات المتحدة الأميركية وإسرائيل صحيحة"، وأضافوا أن من يقود المفاوضات مع إيران من قبل الجانب الأميركي هم نفسهم من قاد المفاوضات في عهد أوباما. ولفتوا إلى أن هذه الإدارة أقل خوفاً من تهديدات نتنياهو.
وخلص معلقون إلى أن الإدارة الأميركية راغبة ببعث رسالة إلى "إسرائيل" مفادها: "نحن مستعدون أن نأخذكم معنا، ونحن نريد أن نسمع ما لديكم، لكننا لن نتحمل بعد تصرفات كالتي كانت في عهد أوباما".